شعار قسم مدونات

هل سَيكون سُولشاير خليفة فيرغيسون في اليونايتد؟!

blogs - solskjaer

لا يختلف اثنان على أن نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي عاش ظروفاً عصيبة ومرّ بمراحل صعبة في السنوات الأخيرة الماضية، تَلقى ضَربة موجعة عصفت بمُحبيه ومُناصريه في جميع أنحاء العالم وإنجلترا ومدينة مانشستر خصوصاً. وذلك لسوء النتائج التي حققها النادي في آخر خمس سنوات الماضية وتَذبب المستوى في جميع البطولات، والمستوى المتدني الذي لا يليق بسمعة الفريق، الذي يُصنف من أفضل الأندية على مرّ التاريخ بتتويجاته المحلية والقارية وتحطيمه الكثير من الأرقام القياسية التي عجزت عن تحقيقها كبار الأندية.

رَحيل المُدرب الأسطوري السير أليكس فيرغيسون كان سبباً بارزًا في تراجع مستوى الشياطين الحمر وتواجدهم في خانة الخطر، حيث كان فيرغيسون بمثابة الأستاذ الصارم الذي يُقدم دروسه الاحترافية التي كانت تحمل في طياتها كثيراً من الجديّة والصرامة. مدرب صنع المجد وحقق بطولات يعجز عن تحقيقها أفضل المدربين. 27 سنة بـ 38 لقباً مختلفاً لم تكن محض صدفة، بل نابعة من فلسفته ورزانته وكذا تكتيكاته الفريدة والمتميّزة عن باقي المدربين الآخرين. تداوُلُ المدربين أثّر وبنسبة كبيرة على استقرار الفريق من جميع النواحي، ومغادرة نجومه وركائزه وأعمدته الأساسية زاد الطين بلّة وعَمّقَ من جراح أنصار الشياطين الحمر ومسانديه.

هُنَا يكون سولشاير قد حقق حُلمه الذي كان يُراوده منذ أن كان لاعبًا في صفوف اليونايتد، وفي جُعبته خبرة صغيرة في التدريب وطموح كبير

نهاية سنة 2018 لم تكن رحيمة بالفريق، كذلك واستمر الوضع على حاله وزاد من سيئ إلى أسوء رغم وجود بعض الأسماء الطموحة والشابة في الفريق التي تحتاج لدفعة قوية تُعيد بها الشياطين الحمر للسكة الصحيحة. وسرعان ما تغيّر الوضع بين ليلة وأخرى بعد إقالة المدرب جوزي مورينيو وتعيين ابن الفريق أولي جونار سولشاير مؤقتاً، حيث قضى 11 سنة بين أحضان الأولترافورد ولعب لمانشستر يونايتد بين سنتي 1996 – 2007 حينها كان لاعباً كبيراً ومحبوباً لدى الجماهير التي لا زالت تتذكره وإنجازاته وتتذكر هدفه القاتل سنة 1999 ضد بايرن ميونخ في نهائي دوري أبطال أوروبا، وتوّجت اليونايتد يومها برابطة الأبطال، الكأس الأغلى أوروبياً.

تعلّم الصرامة والجديّة في العمل على يدّ أستاذه فيرغيسون الذي قدم له نصائح جاء لإعادة رسمها على أرض الواقع لتكوين كوكبة جديدة وترسانة متماسكة لضخ دماء جديدة وإعادة الفريق لطريقه الصحيح بين الكبار. هُنَا يكون سولشاير قد حقق حُلمه الذي كان يُراوده منذ أن كان لاعبًا في صفوف اليونايتد، وفي جُعبته خبرة صغيرة في التدريب وطموح كبير وبرفقته جملة من نصائح مُدربه الأسطورة فيرغيسون الذي يعتبره قُدوة في التدريب. مروره الآخير بكارديف سيتي مدربًا لم يَمنحه خبرة كبيرة لكن تعيينه على رأس اليونايتد قد يكون الاختيار الأمثل ولهذا لمعرفته بخبايا النادي.

فتحقيق سولشاير أكبر سلسلة انتصارات في أوروبا مع ناديه كمدرب وطريقة لعبه النظيف وتحكمه في زمام الأمور داخل المجموعة وتكتيكاته التي تشبه خطط فيرغيسون أحياناً والتي غابت عن الفريق لسنوات، جعل الكل يتذكر فلسفة الأستاذ فيرغيسون قبل أن يُشيد بذكاء تلميذه، رغم أن ما حققه سولشاير في خمس مباريات لم يُحققه أي مدرب في الدوري الإنجليزي الممتاز بما فيهم فيرغيسون. 

لمًّ وجمع سولشاير شمل الفريق في مدة وجيزة وفي ظرف كان الشبيه بالطارئ بعد تشتت دام لسنوات، ووضعَ منظومة جديدة داخل المجموعة لإعادة بناء شخصية استثنائية للفريق، وإعطاءه فرص التألق لبعض اللاعبين الذين ظُلموا مع المدربين السابقين، أمثال بوڨبا الذي عاد للتسجيل والظهور بمستواه الحقيقي وصنع الكثير من الكرّات. لوكاكو هو الآخر عاد للتسجيل بعدما كان محل نقد من طرف الجماهير رغم سرعته داخل الميدان وتألق بشكل غير عادي، وكذلك راشفورد الذي سجل وظهر بمستوى ممتاز. ومن هذا المنطلق أصبح مانشستر غير الذي عرفناه في الشهر الماضي مع المدرب السابق المُقال جوزي مورينهو.

فالمقارنة بين المُدربَيْن فيرغيسون وسولشاير قد تكون غير منطقية عند الكثيرين لأن المدّة قصيرة ولا يمكن أن نحكم على البدايات، فشتان بين 26 سنة وستة أسابيع. لكن إعادة الهيبة للفريق وإعطائه مكانته الحقيقية واسترجاع ذكريات الماضي الحافل بالتتوّيجات والتشريفات، جَعل الكُلّ يتفاءل بِمستقبل سُولشاير لَو مؤقتًا حتى نهاية الموسم. لعّل إدارة النادي سَتعُطيه فُرصة أخرى تكون أطول إذا حقّق ما طُلِبَ مِنه، وبِقدر ما أُتيحت له فرصة تدريب اليونايتد بقدر ما كانت المسؤولية أصعب في حالة فشلهِ وإخفاقهِ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.