شعار قسم مدونات

الغيبة أشدّ من الزنا!

blogs - gossip

يقول الكاتب أدهم الشرقاوي في مقولة اليوم: إذا لم يعجبك تصرف مني فتحدث معي ولا تتحدث عني، فالأولى: نصيحة وأجر والثانية: غيبة ووزر! وباء اجتماعي يتضخم رويداً رويداً، بلوى عامة يحكم على الشخص من لباسه من ماركة حذاءه.. هو ملتحي فهو متدين، هي حافظة لبضع من أجزاء القرآن فهي متدينة.. مفهوم الدين أكبر وأعظم من هذا.. وآخر رأيته مع فتاة يتحدثان هنالك! تلك الفتاة تسمع الأغاني فهما سيئان وليس فيهم خير..

أتذكر في إحدى القرى القريبة من قريتي أن هنالك شاب مُلتزماً مُلتحياً كان يُجادل الشيوخ وغيرهم، هذه بدعة وهذا صحيح وهذا خطأ، وهو قاطعُ رحمِ أقرب الناس إليه. لم يتكلم مع أخته مذ أكثر من 10 سنوات لطالما رائينا شباب وفتيات يلبسون من أفخم الماركات وأشكالهم جميلة تتحدث معهم قليلاً فيبدو بغيبة الناس والتحدث بأعراض الناس. تلك التي سمعت الأغاني لم تغتب أحد، قلبها طيب والكل يحترمها ويُحبها.

الحكم على أي شخص فقط من مظهره أو من حديث الناس عنه! ظلم للبشر والله حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا مُحرماً فلا تظالموا. أن تنقل حديث الناس وأن تفتري على الناس وتُلفَّق وتخوّن.. الله لا يترك من يظلم عباده سيحاسب عليه الله سبحانه وتعالى، تنازل عن حقه إذا عصيته، إذا شاء غفر لك، لكن لم يتنازل عن حق المظلوم، فالله حرم الظلم على نفسه وجعله مُحرماً بين العباد فلا تظالموا. عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ" رواه أحمد.

إن رأيت من أخ أو أخت خطأ أو سوء، تفاهم فاذهب وواجه، المواجهة تَنم عن رغبة في استعادة وُد مفقود أو إزالة كَدَر عابر ومن ثم إيذان بمحو "سوء تفاهم" لم يكن يُعلم عنه شيئاً لولا المعالنة به.

الغيبة من أوْسع المعاصي التي يقْترِفُها الناس وهم لا يشْعرون، في مجالسِهِم وسفَرِهِم ولِقاءاتِهِم وولائِمِهِم وأعْراسِهِم وفي أحْزانِهِم، فمادام هذا اللِّسان ينْهَشُ أعْراض الناس، فَهُو واقِعٌ بِغيبَةٍ كبيرة والغيبة كما تعْلمون من الكبائِر. يقول ابن الجوزي رحمه الله: "كم ضَيعت الغيبة من أعمال الصالحين يصلي يصوم يذكر الله يقوم الليل يعمل الصالحات ثم يغتاب ويُضيع هذه الحسنات". والإمام الغزالي في الإحْياء ذكر ثلاثة عَشَر عَيْباً من عُيوب اللِّسان ومن أهَمِّها الغيبة، "وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ" وحين تساءل الصحابي معاذ بن جبل ببراءة: "أو مؤاخذون نحن بما نقول يا رسول الله كانت الإجابة النبوية: " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم".

والغيبة نتيجة للفراغ الذي يحياه الناس وآثار هذا البلاء عظيمة. إن جاءكم أحد وتحدث لكم عن حادثة مرّ بها أو يشكو صديقاً ظلمه، فضفض لكم وجاء ليشكو لكم ويُريح عن نفسه إياكم أن تهتكوا ستره وتفضحوا سِرهُ. الغيبة تدل على دناءة صاحبها وجُبنه وخسَّته، وهي أشد من الزنا، لانَّ الرجل يزني فيتوب إلى الله فيتوب الله عليه والغيبة لا تُغفر حتى يغفِرها صاحبُها.. أمر خطير وليس بالسهل أن تغتاب، تقول في أحدهم كلاماً ليس فيه، كلما سمعت كلام عن أحد احذر أن تنقله. إن رأيت من أخ أو أخت خطأ أو سوء، تفاهم فاذهب وواجه، المواجهة تَنم عن رغبة في استعادة وُد مفقود أو إزالة كَدَر عابر ومن ثم إيذان بمحو "سوء تفاهم" لم يكن يُعلم عنه شيئاً لولا المعالنة به.

بعد المواجهة إذا لم تنجح بإعادة العلاقة، اشكوه إلى الله.. دع الله ينتقم لك.. دع الله ينتصر لك. عندما ترمي حملك إلى الله يُعطيك أمرين: إما أن يُريحك من هذا الانسان أو يُصبرك وتأخذ ثواباً، ولربما تشكر من اغتابك ونمك يوم القيامة، لأن الله سيحكمك بحسناته، خذ ما تشاء وأعطه من السيئات ما شئت. كن أكبر من ذنب الآخر كما فعل الحسن البصري "سمع قوم اغتابوه فأراد أن يعضهم: أخذ سلة من رُطب وإعطائهم اياها هدية، قال علمت أنكم أعطيتموني من حسناتكم ولم أجد أفضل من هذه الهدية أعطيكم إياها "حتى ولو كان الذي تتكلم عليه لا يُصلي وتغتابه، فاعلم أنك تُعطيه من أذكارك وصلاتك.. من قيامك وقرآنك.. تتعب وتُوزع هذه الحسنات على غيرك "من كان في مجلس وذكر أخاه بشيء ليس فيه ورد عنه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" اللهم طهر ألسنتنا وقلوبنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.