شعار قسم مدونات

تأجيل الانتخابات الرئاسية الجزائرية.. هل هو الحل؟

الانتخابات الرئاسية الجزائرية
مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الجزائري المتمثل في رئاسيات أبريل 2019، يبقى الغموض سائدا لدى شريحة واسعة من السياسيين الجزائريين والرأي العام ككل حول مسار المرحلة المقبلة من المشهد السياسي الجزائري، وبحسب الدستور الجزائري فإنه على رئيس الجمهورية استدعاء الهيئة الناخبة قبل 90 يوما من التاريخ الفعلي لإجراء الانتخابات، ولم تعد تفصلنا إلا أيام محدودة عن انقضاء هذه الآجال الدستورية.

شهدت الساحة الجزائرية في الأسابيع السابقة تحركات واسعة للعديد من التشكيلات السياسية الفاعلة موالاة ومعارضة، وطرحت الكثير من الخيارات والسيناريوهات، بين من يطالب بالعهدة الخامسة أو التمديد لعهدة الرئيس الحالية، وبين تأجيل في مقابل الإصلاحات أو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تفرز رئيسا جديدا للبلاد، بين هذا وذاك تبقى الحالة السياسية وفي ظل ذلك الحراك الواسع محل ركود نسبي وفي انتظار جديد يظهر على الساحة.

تصعب التكهنات بخصوص الفصل القادم من التاريخ السياسي للبلاد، وتبقى احتمالية ترشح الرئيس الحالي لولاية خامسة ظاهرة في العيان، كما إن خيار الذهاب إلى انتخابات رئاسية مفتوحة بدأ يلوح في الأفق، وهي انتخابات يصعب معرفة مخرجاتها. الموالاة ممثلة في التحالف الرئاسي والمشكل من أحزاب جبهة التحرير الوطني FLN ، حزب التجمع الوطني الديمقراطي RND ، الجبهة الشعبية الجزائرية MPA وتجمع أمل الجزائر TADJ بقيادة عمار غول تنادي بالاستمرارية في حكم الرئيس الذي ستنتهي ولايته قبل أشهر قليلة، ربما تتمثل هذه الاستمرارية في تمديد للعهدة الحالية أو العهدة الخامسة، تبقى تلك النداءات المتكررة حبيسة الصمت المخيم من الرئاسة. أحزاب المعارضة في الجزائر لا تزال في حالة اختلاف نوعا ما في الآراء والأفكار، بين خيار الذهاب إلى الانتخابات في موعدها وبين من يريد تأجيلا من أجل التوافق والإصلاحات العميقة للنظام السياسي والاقتصادي للبلاد. 

تبقى المرحلة القادمة من أصعب المراحل التي قد تمر بها البلاد على جميع الأصعدة والمستويات، في ظل اشتداد الأزمة الاقتصادية والتذبذبات الملاحظة في أسعار النفط وكذا الأرقام المخيفة الصادرة عن الحكومة

الملاحظ في الأمر فكرة التأجيل في مقابل الإصلاحات التي طرحها رئيس حركة مجتمع السلم الدكتور مقري عبد الرزاق تزامنا مع الانتخابات الرئاسية القادمة وفي إطار مبادرة التوافق الوطني التي أطلقتها الحركة خلال الأشهر الماضية، ومن ضمن الإصلاحات العميقة التي جاءت في مقابل فكرة التمديد هي تعديل الدستور والاتجاه إلى نظام شبه رئاسي وإصلاحات تمس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، وكذا التخلي عن بعض من صلاحيات الرئاسة التي أعطاها الرئيس لشخصه من خلال تعديلات دستورية سابقة، مع التفاهم حول مدة للتأجيل بعقد وطني لمدة ستة أشهر أو سنة على الأكثر، والذهاب بعدها إلى خيار التوافق لإدارة المرحلة القادمة، قد أسالت الفكرة الكثير من الحبر في الأوساط الإعلامية ولدى الرأي العام، وقد أحدثت جدلا واسعا بين مؤيد لها في شكلها ومضمونها وبين معارض لها خصوصا في الشق الدستوري منها وماهية ضمانات الجهة الأخرى المطلوب منها تجسيد الإصلاحات على أرض الواقع.

في الحقيقة يبدوا هذا الخيار أكثر واقعية من سابقيه، وأنه وارد بجدية في عالم السياسة، وقد لا يختلف كلية عن مخرجات أرضية مزفران، خصوصا أن هذه الأخيرة تنسجم مع متطلبات المرحلة، ففي الأخير تلك الإصلاحات العميقة مهمة جدا لإعادة ترتيب المشهد السياسي، والمضي نحو مستقبل سياسي أكثر وضوحا، وتبقى تلك الصلاحيات الرئاسية الكبيرة تسيل لعاب الطامحين لقيادة القاطرة السياسية للبلاد. في جهة أخرى يبقى خيار تنظيم انتخابات حرة ونزيهة من الخيارات الصعبة أو شبه المستحيلة في الظرف الراهن؛ في ظل غياب الإرادة الحقيقية لتنظيمها وضمان نجاحها من جهة وضيق الوقت من جهة أخرى.

من خلال ما سبق تبقى المرحلة القادمة من أصعب المراحل التي قد تمر بها البلاد على جميع الأصعدة والمستويات، في ظل اشتداد الأزمة الاقتصادية والتذبذبات الملاحظة في أسعار النفط وكذا الأرقام المخيفة الصادرة عن الحكومة ومن أبرزها مؤشرات تآكل احتياطي الصرف الجزائري، دون أن ننسى زيادة الاحتقان الشعبي في الوسط الجزائري.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.