شعار قسم مدونات

مستقبل عمل معبر رفح عقب انسحاب موظفين السلطة منه!

blogs معبر رفح

جاء قرار السلطة الفلسطينية بالانسحاب من معبر رفح في سياق الاستراتيجية الجديدة التي تبنتها السلطة الفلسطينية للتعامل مع حركة حماس وحكمها في غزة خاصة بعد حملة الاعتقالات الكبيرة التي قامت بها حركة حماس وأجزتها الأمنية لقيادات وعناصر حركة فتح في غزة لمنع الحركة من إقامة مهرجان انطلاقة الثورة الفلسطينية في غزة، والتي طالت موظفين وضابط كبار من معبر رفح، فجاء رد فعل السلطة سريعاً عبر قرارها المفاجئ بالانسحاب من معبر رفح وتسلميه لحركة حماس التي لم تتأخر أي لحظة في تسلم هذا المنفذ الوحيد، وكأن الحركة كانت تستعد لهذه اللحظة!

غلق معبر رفح عقب انسحاب السلطة منه، وإعلانها عدم العودة إليه إلا بشروط ومحددات واضحة منها التزام حركة حماس بتنفيذ باقي اتفاق عام 2017م، الذي ينص على تمكين حكومة التوافق الوطني بشكل كامل في قطاع غزة، وعدم التعرض للموظفين المعبر من قبل أجهزة حركة حماس بغزة، وإعطاء صلاحيات أوسع للسلطة في موضوع آليه تشغيل المعبر، إضافة لإصرار الجانب المصري على عدم تشغيل المعبر إلا بوجود السلطة الفلسطينية ككيان سياسي معترف به دوليا وإقليميا وفق اتفاق عام 2005م. يضع معبر على المحك، ويفتح الباب أمام عدة سيناريوهات ومقاربات لمستقبل عمل معبر رفح البري الرابط بين قطاع غزة وجمهورية مصر العربية، ويمكن توضيح هذه السيناريوهات في سياق العرض التالي:

سيناريو عمل المعبر بشكل كامل

عودة عمل معبر رفح بشكل كامل (5 أيام في الأسبوع) كما كان قبل انسحاب السلطة منه، سيناريو يمكن أن يتحقق إذا نجح الوفد الأمني المصري الذي يزور رام الله وغزة بتخفيف حالة الاحتقان السياسي، وإعطاء ضمانات للسلطة الفلسطينية بعدم تعرض أجهزة حركة حماس بغزة لموظفين هيئة المعابر التابعة للسلطة الفلسطينية. لكن هذا الأمر يتوقف على مدى تجاوب الأطراف الفلسطينية مع مساعي الطرف المصري، ومدى إصرار هذه الأطراف على تجنيب معبر رفح أي مناكفات سياسية قد تؤدي لاستمرار إغلاقه، خاصة في ظل حالة الاحتقان السياسي التي تسود العلاقة بين حركة فتح والسلطة الفلسطينية من جانب وحركة حماس من جانب آخر.

الإغلاق التام للمعبر احتمال وارد في ظل تصاعد حدة الاحتقان السياسي والتصريحات المتبادلة بين حركتي فتح وحماس حول العديد من القضايا وأهمها المجلس التشريعي

أيضا هذا الأمر يتوقف أيضاً على الدور الفاعل للفصائل الفلسطينية والمجتمع المحلي والمؤسسات الأهلية للضغط على الأطراف لتوفير الأجواء المناسبة لعمل معبر رفح وابعاده عن التجاذبات السياسية والحزبية لضمان عمله بصورة مستمرة. هذا السيناريو قابل لتحقق لكنه يواجه تحديات كبيرة ويتطلب توفر إرادة سياسية وضغط فصائلي ومجتمعي على حركة وحماس والسلطة الفلسطينية لضمان عودة عمل المعبر بصورة شبة كاملة.

سيناريو الإغلاق التام للمعبر

الإغلاق التام للمعبر احتمال وارد في ظل تصاعد حدة الاحتقان السياسي والتصريحات المتبادلة بين حركتي فتح وحماس حول العديد من القضايا وأهمها المجلس التشريعي. إغلاق المعبر بشكل كامل يمكن أن يحدث في حالة أصّر كل طرف على مواقفه. أي في حالة أصّرت السلطة الفلسطينية على عدم العودة للمعبر إلا في بتحقيق شروطها الكاملة؛ وأصّرت حركة حماس على عدم التجاوب مع المساعي المصرية بتجنيب معبر رفح التجاذبات السياسية والتعرض لموظفين المعبر، وأيضا في حالة رفض الجانب المصري عدم فتح المعبر بأي صورة إلا في ظل وجود موظفين هيئة المعابر التابعة للسلطة الفلسطينية. هذا الاحتمال وراد ولكنه يصعب تحقيقه لعدة اعتبارات، منها صعوبة إغلاق المعبر بشكل دائم في ظل الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة، وحاجة المواطنين للسفر، خشية الجانب المصري من انفجار الأوضاع الإنسانية باتجاه سيناء كما حدث عام 2008م.

سيناريو فتح المعبر بدون عودة السلطة

حسب تصريحات قادة الفصائل هناك تأكيدات مصرية من قبل وفد جهاز المخابرات المصري الذي زار غزة والضفة الغربية خلال الأيام الماضية، برغبة القيادة السياسية المصرية باستمرار عمل معبر رفح بصورة منتظمة. هذه التأكيدات التي لم تجد لها صدي على أرض الواقع حتى الآن قد تؤدي لفتح معبر رفح بصورة دائمة في ظل وجود موظفين حكومة غزة، في حالة رفضت السلطة الفلسطينية عودة موظفيها إلى العمل في معبر رفح مرة أخرى.

قد تتجه القاهرة لإعادة فتح معبر رفح بغض النظر عن عودة موظفين هيئة المعابر التابعة للسلطة الفلسطينية، ولكن هذا السيناريو يواجه عدة تحديات أهمها، رغبة القاهرة عدم تعميق الانقسام الفلسطيني وفصل غزة عن الضفة الغربية تماماً، والتزامها باتفاق عام 2005 كإطار ناظم لحركة المعبر، ما يتطلب وجود السلطة الفلسطينية ككيان سياسي شرعي للتعامل معه لتنفيذ الاتفاق.

ترك قرار السلطة الفلسطينية سحب موظفيها من معبر رفح تداعيات كبيرة على حركة المسافرين من إلى قطاع غزة، خاصة أن هذا المعبر هو المنفذ الوحيد الذي يربط القطاع مع العالم الخارجي بعيدًا عن سلطة الاحتلال
ترك قرار السلطة الفلسطينية سحب موظفيها من معبر رفح تداعيات كبيرة على حركة المسافرين من إلى قطاع غزة، خاصة أن هذا المعبر هو المنفذ الوحيد الذي يربط القطاع مع العالم الخارجي بعيدًا عن سلطة الاحتلال
 
سيناريو عمل المعبر بشكل استثنائي

منذ حدوث الانقسام الفلسطيني عام 2007، عقب سيطرة حركة حماس على القطاع، تحول المعبر للعمل بشل استثنائي، خاصة في غياب السلطة ككيان شرعي معترف به دولياً وإقليماً وصعوبة تنفيذ اتفاقية عام 2005 الإطار القانوني الناظم لعمل معبر رفح بعيداً عن السلطة الفلسطينية. العمل بشكل استثنائي هو السيناريو المرجح في حالة عدم نجاح الوفد الأمني المصري اقناع السلطة الفلسطينية بالعودة للمعبر وإصرار حركة حماس على عدم التعرض لموظفين هيئة المعابر؛ أي فتح معبر فح عدة أيام كل شهرين أو ثلاث، كما كان قبل استلام السلطة الفلسطينية له، نظرا لتأزم العلاقة الفلسطينية الداخلية وصعوبة تراجع الأطراف عن مواقفهم، وعدم قدرة الجانب المصري على فتح معبر رفح في ظل غياب السلطة الشرعية، وبالتالي يصبح هذا السيناريو هو الأقرب للتحقق في ظل هذه الأجواء المشحونة.

ترك قرار السلطة الفلسطينية سحب موظفيها من معبر رفح تداعيات كبيرة على حركة المسافرين من إلى قطاع غزة، خاصة أن هذا المعبر هو المنفذ الوحيد الذي يربط القطاع مع العالم الخارجي بعيدًا عن سلطة الاحتلال الإسرائيلي التي تتحكم في باقي المعابر. إغلاق معبر رفح له انعكاسات كبيرة على حياة المواطن الفلسطيني في قطاع غزة، فإغلاق المعبر يعني وضع عقبات جديدة أمام الطلبة والمرضى وأصحاب الإقامات والتجار، فالمعبر هو شريان الحياة الوحيدة لسكان القطاع مع العالم الخارجي، مما يتطلب من كافة الأطراف التراجع خطوات للخلف؛ وتجنيب معبر رفح المناكفات والتجاذبات السياسية، لضمان استمرار عمله، خاصة في ظل تأزم الوضع الإنساني في القطاع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.