شعار قسم مدونات

لكمات المصارع ترامب لتصفية القضية الفلسطينية!

مدونات - ترمب ونتنياهو

منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؛ وكل من يحاول قراءة المشهد في ظل حكمه وتحليل الواقع السياسي والخطوات التي يقوم بها؛ فضلاً عن استقراء المستقبل؛ يتوقف غالباً عند قاعدة "رجل يصعب معه التوقع أو القراءة"؛ بل الكثير يصفه وسياساته وتصرفاته بأنها نابعة من أصوله الرياضية – مصارع – الهوجاء؛ وأصوله الاقتصادية الجشعة. وقد كان لقضية الأمة الأبرز – فلسطين – نصيباً وافياً من لكمات ذلك المصارع "المتسيس"، حيث شهد العالم على أن أبرز وعوده الانتخابية كانت الاعتراف بــ القدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية إليها؛ وقد فعلها كأول لكمة للقضية ولأصحابها القريبين والبعيدين.

فهاجم أول ما هاجم رأس الهرم وأم الملفات وأكثرها حساسية في الصراع الصهيوني العربي؛ فعلى مدار سنوات الصراع و "التيه السياسي" كانت القدس على رأس القضايا المسمى بقضايا الحل النهائي؛ بل كانت ولا زالت أعقد القضايا وأكثر ميادين الصراع والمواجهة بأنواعهن؛ وكانت ولا زالت شرارة ومنبر الثورات والانتفاضات المتلاحقة. وفي ظل الواقع العالمي والإقليمي السائد؛ فضل "المصارع الأمريكي" البدء برأس القضية؛ كخطوة قوية أولى في طريق التسوية وفرض الحل بالضربة القاضية المسمى بــ "صفقة القرن" والتي يقال عنها أكثر مما يخفى، ومن بعد إعلان القدس عاصمة للكيان؛ شهدنا جميعاً على توجيه اللكمة الثانية عبر مراسم نقل السفارة الأمريكية للقدس؛ في ظل خطوات وردود فعل أقل ما يقال عنها خجولة بل "مخزية" إلا من بعض الدول والساحات.

وعلى رأي المثل "نطلع من حفرة نقع في دحديرة" تلاحقت سياسات ولكمات المصارع الأمريكي للقضية الفلسطينية وفي حق قضاياها الأبرز والأقدس؛ فجاء من بعد ما سبق لكمة وقرار "إعادة تعريف من هو اللاجئ الفلسطيني" بهدف خسف أعدادهم من قرابة الستة مليون لاجئ إلى ما دون النصف مليون؛ ثم جاء قرار تخفيض الدعم الأمريكي المخصص للمؤسسة الدولية "الأونروا". ومؤخراً بعد سلسة من الخطوات في حق قضية اللاجئين؛ أعلنها المصارع الأمريكي ووجه لكمته لجوهر من جواهر الصراع؛ وأعلن وقف بلاده التام لتمويل "الأونروا" والتي أوجدت لرعاية وخدمة اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من بلادهم تحت القوة بعد احتلال فلسطين؛ وعرفت اللاجئ بأنه كل من هجر من فلسطين ونسله من الذكور والإناث.

أول ما يبرز لنا من داخل البيت الفلسطيني هو حالة الغيبوبة والعيش في معزل عن الشعب وشرائحه التي تمارسها القيادة الرسمية المتمثلة في قيادة السلطة والمنظمة والتنفيذية والمجلس الوطني

وقد قيل حول هذه الخطوة أنها جاءت كعقاب وضغط أمريكي على الفلسطيني –المفاوض- للعودة إلى حضن الإدارة الأمريكية؛ ولكن يبقى من المؤكد أن الهدف الرئيسي لهذه الخطوة -اللكمة- هو تصفية ومحاولة الخلاص من نصف الشعب الفلسطيني عبر قتل أبرز قضاياه الكبرى "اللاجئين" وشطب حقهم الدولي في العودة والتعويض .وأمام كل ما عايشناها مؤخراً وسابقاً من لكمات؛ حاولنا استعراض أبرزها سريعاً عبر تلك السطور القليلة، الأن وقبل الأن يجب علينا طرق الباب الفلسطيني وتفقد حال بيتنا وفعل أهله وقيادته أمام تلك السياسات الظالمة والضربات المتلاحقة والاستهداف المستعر والمستمر.

وأول ما يبرز لنا من داخل البيت الفلسطيني هو حالة الغيبوبة والعيش في معزل عن الشعب وشرائحه التي تمارسها القيادة الرسمية المتمثلة في قيادة السلطة والمنظمة والتنفيذية والمجلس الوطني والتي تنحصر كلها وجميعها في شخص "محمود عباس"!؛ الذي يصر على تكرار الفشل ومواصلة السقوط؛ رغم قتل كل الحلول وإغلاق كل الطرق التي "يؤمن" كخيار وحيد لمواجهة الاحتلال .ثم نتعمق أكثر لنجد من حال "القيادة الرسمية"؛ مواصلة واستمرار العقاب والمحاربة لجزء عزيز ومرتكز كبير من مرتكزات القضية – غزة -؛ وفي الطرف الأخر نجد حالهم الحميمي مع العدو وأمنه ونجد جهداً جباراً وإصراراً على الحفاظ على حالة الهدوء وضبط الشارع وقمع أي حالة ثورية حتى لو فردية؛ خدمةً للعدو.

وهناك في غزة وحالتها وفلسطينيها وقيادتها المقاومة دون توقف أو تراجع؛ سنجد الصف والحراك الشعبي والوطني الأقوى منذ زمن والوحدة الأبرز منذ عقود – تجمع فصائل المقاومة وعسكرياً غرفة العمليات المشتركة – ؛ وسنلمس الرد الأبرز والفعل الأقوى ضد "صفقة القرن" ولكمات ترامب المتلاحقة – مسيرة العودة الكبرى – ومحاولات كسر الطوق عن عنق الحرة غزة.

ولكن أيضاً سيبرز لنا حال غزة السياسي المأزوم والمحصور ما بين الجغرافية اللعينة وبين رسمية القيادة المسلوبة قهراً من قبل "عباس ومن بقي معه"؛ وأمام ما سبق ستكون الخيارات كلها ضيقة ومحصورة وهامش المناورة محدود بل شبه مفقود رغم ما هم عليه من خير في الفعل والصمود وحفظ القضية. وهناك في الخارج – فلسطينيو الخارج – يظهر لنا حال أكثر من نصف الشعب والعشرات من المؤسسات والتمثيليات والنخب الهشة في معظمها، فالسفارات مشغولة وتابعة لذات النمط والوظيفة التي تؤديها سلطة عباس؛ والمؤسسات الأخرى تقتلها الأدلجة والخمول والنمطية ومن جديد البطالة المقنعة.

وفي نهاية هذا العرض والتشخيص؛ دعونا نسطر بعض الرسائل والمقترحات علها تكون فكراً ينفع ويوجه:

أولاً.. إلى شعبنا وجماهيره في كل مكان؛ طرق بوابات الحرية والتحرير مسؤولية الجميع ومهمة الكل وطريقها لن تكون إلا بالكل وبتضحيات وعطاءات ووعي ونضال الجميع المتنوع والمتعدد والموحد؛ ويجب أن تنتهي رمادية المواقف والقرارات وينطلق صوت الضمير الحر والوطني ليوقف من يتطفل على قرار ومصير الشعب والقضية ويقدم الصادقين ويدعمهم؛ والقناعة الأكبر لن ينفعنا إلا نحن أولاً وأخيراً ثم الأصدقاء والأحرار في العالم.

ثانياً.. إلى من يحمل في جيبه – غصباً – كل رسميات القرار الفلسطيني ومؤسسات الشعب – عباس-؛ أمامك فرصة أخيرة ويجب أن تكون الأخيرة؛ وإن حالة العزلة والتفرد التي تصمم على تكريسها وفرضها على الوطن ومؤسساته وفصائله؛ لن تقتل بها إلا نفسك وستطلق النار عبرها على رأسك أولاً وليس قدميك كما سبق.

وأخيراً.. إلى فصائل المقاومة وقادتها الذين يمثلون ويسطرون الأن مشهد وطني جميل في قيادة الشعب الصادقة؛ وإن غابت عنكم مفاتيح الرسمية التي يحرمكم إياها عباس ويعطل تحقيقها؛ فعليكم انتزاعها وتسطيرها واقعاً بالمزيد من وحدة الصف ووعي القرار واستيعاب الشعب ومؤسساته ونخبه داخل ميادين العطاء والعمل، ليس لكم إلا قوتكم ووحدتكم ورشدكم من بعد الله واحتضان شعبكم، وإن الضفة وشوارعها يجب أن تفعل وتلتحق بقطار الوحدة والثورة، كما أن جيشنا المعطل في الخارج يجب أن يوظف جيداً ويستثمر كصوت ومنبر وسند ودرع وجماعات حشد وضغط، بكلنا وبتفعيل واستثمار كل الساحات والجهود سنكون أقوى وأفضل وأقدر على المواجهة؛ وقطعاً سنكون من يوم الحرية أقرب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.