شعار قسم مدونات

ثلاثية "الجمال والحكمة والنضوج".. تأتي بعد عمر الثلاثين!

BLOGS امرأة

أحتسي فنجان من القهوة مع صديقة حزينة خائفة، يقبع في أعماقها حزن ملفت، بعد الفضفضة والكلام، إذا بها تمر بأزمة الانتقال من عمر التسعة والعشرين إلى الثلاثين. ابتسمتُ في قلبي وقلت في خفاياه فترة لا محال منها، وكي أخفف من حزنها، بدأت بسرد تجربتي وأسهبت في تصوير المشاعر والأحاسيس التي مررت بها بتفصيل ممل، فقبل أشهر من عيدي ميلادي الثلاثين بدأت أشعر بحزن شديد طغى على كل تفاصيل حياتي، وبدأت الذكريات السيئة وأهدافي التي لم أحققها تجتاحني، ولا أخفيكم أنها فترة حزينة جداً، ولكن دعم الأصدقاء والصديقات الذين مروا بهذه التجربة خفف كثيراً من هذا الحزن فكانت كلماتهم إيجابية وجيدة، وجعلتني أستعد لهذه المرحلة بكل ما فيمن متعة وحزن.


فعمر العشرين مرحلة يقضيها الإنسان في الدراسة والبحث عن عمل جيد، والاطلاع على الخيارات المتاحة أمامه، والبحث عن نفسه، واكتشاف إبداعاته ومهاراته. ومواجهة الصعاب والعراقيل في هذه المرحلة أمرا لا محال منه فهو يغني الإنسان كثيراً. ونتيجة هذا التعب والصعاب، تأتي مرحلة الحكمة والنضوج بكل مزاياها، فيزداد الإيمان بالقدر والتوكل على الخالق في كل الأمور، ومواجهة الكثير من المواقف بالهدوء والرصانة، واتخاذ القرارات والخيارات المتلائمة مع شخصيته ومع ما يحب، فيحدد مسار واتجاه حياته، وتنطلق لحظات الاستقرار النفسي، العقلي والعاطفي، فتبدأ مرحلة الثلاثين من العمر.


أما المرأة فتعاني كثيراً عند الدخول في هذا العمر وذلك ينبع من عدم رغبتها في أن تزداد عمراً، ولكن لو تأملنا قليلاً وتحدثنا عن ميزات هذه المرحلة على الفتاة، فإنها تصبح مستقلة ومتوازنة، ويزداد مخزونها من الملابس ويكتظ الدولاب بالقطع الجميلة الأقرب إلى قلبها، مما يجعلها راغبة في التجديد والتنوع كل يوم، و يزداد جمالها وثقتها بنفسها، فتصبح أكثر معرفة بما تحب وما يتلائم مع شكلها وشخصيتها وقناعاتها، وتعرف اهتماماتها حق المعرفة، أما مشاعرها وعواطفها فتصبح أكثر نضوجاُ وقوة، وتزهر الحياة في ثنايا بشرتها لتصبح أكثر تألقاً وصفاءً، وتنطلق من بشرتها شلالات الرصانة والحب للحياة


لديك شخصية مستقلة قوية تستطيع الوقوف على قدميها بكل صلابة، وتستطيع مجابهة كل الظروف المحيطة بها، حققي ذاتك ارسمي خططاً (للسفر، لنجاحك، لعملك، لشراء السلع الكمالية التي تريح قلبك)

ومن جانب آخر إذا وصلت الفتاة إلى العقد الثالث من العمر ولم تتزوج بعد، فإن ضغوط المجتمع ستزداد عليها، وستشعر الفتاة بأن لديها نقص ما في شخصيتها أو أن الحظ يحاربها، وتأخرها عن الزواج ليس رغبة منها إطلاقا،ً وإنما نصيباً أو وعياً وحذرا في خياراتها، فهي تبحث عن رجل يناسب اهتماماتها ووضعها الاجتماعي والمادي الذي وصلت له، تبحث عن رجل يستوعب رغبتها في العلم والعمل والسفر، ورجل يكون لها سنداً ومصدر قوة


يا صديقتي التي سوف تنضم لعمر الثلاثين أقول كلاماً نابعاً من تجربة عشتها، فلا تكوني ساذجة وتعطي هذا الحزن مساحة كبيرة في قلبك كي لا تَضيع منك أياماً جميلة، هذه الأيام تمر بسرعة الضوء، فتذكري كل المواقف التي مرت عليكِ بفرحها وبحزنها، بتجاربها العميقة التي طبعت على قلبك الألم وعقلك بالحكمة، فهذه الأزمات التي عِشتها ستؤثر وتبلور شخصيتك كثيراً، وستجعلها قوية صارمة مكافحة مفعمة بالأمل. أما الآن انهضي من تحت ركام غبار المجتمع، افعلي كل ما تحبين وما يتناسب مع أفكارك، انطلقيي وعيشي حياتكِ باستقلالية وتفاؤل، عيشي كل الدقائق الآتية بفرح فأنت الآن بقمة جمالك العقلي، الجسدي، والروحي.


أما إن لم تتزوجي فإنها ليست نهاية العالم، فلديك شخصية مستقلة قوية تستطيع الوقوف على قدميها بكل صلابة، وتستطيع مجابهة كل الظروف المحيطة بها، حققي ذاتك ارسمي خططاً (للسفر، لنجاحك، لعملك، لشراء السلع الكمالية التي تريح قلبك)، اذهبي وتسوقي كل ما يحلو لكِ وافرغي حزنك، اذهبي إلى مراكز التجميل ودللي نفسك قليلا، اشتري كتاباُ يطور مهاراتك في العمل، إقرائي عن التنمية الذاتية كي تطوري من شخصيتك. واتخذي قراراتك من منطلق حكمتك وتجاربك، لا تنصاعي إلى ما يقال في أزقة وسراديب المنازل، فهذه حياتك وعليك الانطلاق بها لتكوني أميرة هذه المرحلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.