شعار قسم مدونات

الطلاق.. صرعة هذا الزمان!

BLOGS طلاق

اختلف نمطُ الحياة الحالي عن السابق، وانتشرت المعلومات ووسائل التوعية بكل مكان، ولكن أينما تلتفت تجد قصص الطلاق منتشرة، والنسب في ارتفاع!، والكثير الكثير لم يخرج إلى السطح بعد. أسباب الطلاق كثيرة، ويستحيل التطرق إليها في مدونة واحدة، ولكن هناك بعضاً من الأسباب التي تُعتبرُ أكثر شهرةً ووضوحاً، منها الزواج المبكر، يتزوجون بعمرٍ صغير لم يجربوا طعم الحياة الحقيقي من استقلالية وتعليم وعمل والاعتماد على الذات وصقلها، ويمرُ العمرُ بهم، فإذ لديهم عائلة وأطفال ومسؤوليات كثيرةٌ تُثقل كاهلهم، ولهذا الوعي المتأخر ردود أفعال تختلف من شخص لآخر فمنهم، من يخون، من يقرر العيش بعيداً عن العائلة، ومنهم من يتصرف تصرفات صبيانية طائشة ويبدأ المقارنة مع الغير، ومنهم من يدخل لحظات يأس وحزن، وبطبيعة الحال كل هذه السلوكيات ينتج عنها تقصير وعدم حب وتفاهم بين الأزواج وتنعكس على الأطفال، وعدم مواجهة هذه المشاكل بنضوج ووعي من قبل الطرفين ستتأثر العلاقة أكثر وتسير نحو الانفصال.

أما الخطوبة، التي تعقد لتساعد على اكتشاف الآخر وملاءمته لطريقة تفكيره، والتأكد من توافق القيم وليس اختلافها، وتناسب المستويات الاجتماعية، الذهنية، المادية والروحية لم تعد هكذا، وما يحدث حقاً أن كلا من الطرفين إلا من رحم ربى يُظهران أجمل ما لديهم من صفات وسلوكيات، ويُخفيان سيئاتهم وسلوكياتهم الفظة كي يخدعا الطرف الآخر وليكونا الشخصان الذي لا يستطيعان أن يكونا عليه، وبعد الزواج تسقط كل الأقنعة ويبدأ مسلسل المشاكل والنكد بالظهور.

ابتعدوا عن التركيز على الجوانب السلبية والسيئة في الزواج لأنه أكثر ما يدمر العلاقة، لو نظرتم وبحثتم ملياً ستجدون أن هناك الكثير من التفاصيل الجيدة والجميلة بينكم

لا تلجأوا للطلاق مباشرة، فإن أبغض الحلال عند الله الطلاق فهي الخطوة النهائية التي يجب اتخاذها بعد تجربة جميع الطرق لحل النزاع، وكخطوة أولى ولتفادي النزاعات ابتعدوا قليلاً عن بعضكم، خذوا بعضاً من المساحة للتفكير، وتجردوا من كل المشاعر السلبية، ابحثوا بموضوعية عن سبب هذا السلوك، اطرحوا أسئلة منطقية لماذا أصبح الطرف الآخر بهذا السوء، وهل أنه بسببكم أو بسبب تصرف غير مناسب قمتم به، أو بسبب ضغوط العمل أو لأي من الظروف. وإذ كان لديكم أطفالا فكروا ملياً ما ذنبهم أن يعيشوا ويلات الانفصال وتبعاته على شخصيتهم ونفسيتهم، وأن لا يشعروا بالأمان والاستقرار ولا يروا جمال اتحاد العائلة وروح الدعابة والمرح بينهم.

وبعد التفكير ملياً وتحديد سبب المشاكل عليكم أن تبحثوا عن الحلول، فالحداثة وفرت الكثير من الوسائل التثقيفية المعروضة بأسلوب بسيط سهل، فمدربي التنمية الذاتية والحياة موجودين بكثرة، وحجم المعلومات الموثوق موجود على الشبكة العنكبوتية بشكل مهول، بالإضافة إلى الكتب المنتشرة في الأسواق أو على المواقع المختصة فليس عليكم سوى أن تقرروا حل هذه المشاكل وستنجحون.

إن الزواج مسؤولية كبيرة فليس سهلاً أن تصبح مسؤولا عن أطفال وعائلة، فهو يتعدى البدلة البيضاء وحفلة الزفاف، أنه مشاركة الطرف الآخر للظروف المُرة قبل الحُلوة، هو العيشَ بتفاهم وحب مع شريكٍ يختلف بالبيئة والثقافة، هو تحمل الزوجين مسؤولية منزل وأطفال. وأعلم أنكم ترتاحون كثيراً بالفضفضة والكلام وإخراج ما في داخلكم، ولكن أرجوكم أيها السيدات والسادة تمالكوا أنفسكم ومشاعركم ولا تستشيروا أي طرف مقرب من العائلة أو الأصدقاء، والصفحات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الكثير من هذه الاستشارات غير ناضجة ويؤدي بالنهاية إلى التهلكة ويشجع على الطلاق. لا تسألوا ولا تستشيروا سوى قلبكم وعقلكم هما الوحيدان القادرين على اتخاذ القرار وتحديد ما يُريدون فعلاً.

ابتعدوا عن التركيز على الجوانب السلبية والسيئة في الزواج لأنه أكثر ما يدمر العلاقة، لو نظرتم وبحثتم ملياً ستجدون أن هناك الكثير من التفاصيل الجيدة والجميلة بينكم، والتي بإمكانكم تطويرها واستثمارها من اجل نشر السعادة في العائلة، ابحثوا عن ما تتشاركونه وتحبونه سوياً وافعلوه باستمرار، ابذلوا جهداً أكبر في بداية العلاقة لتقريب الآراء ومعرفة طموح كل شخص ودمجها برؤية واحدة، وكونوا صريحين في كل التفاصيل كي تتجنبوا الكثير من المشاكل لاحقاً، اقتدوا بذكاء الناجحين من أمهاتكم وآبائكم وطبقوا تلك الحيل كي تسير العلاقة بيُسر وتحصلون على كل ما تريدون بذكاء وبهدوء، وفي نهاية هذه المدونة البسيطة إذا عشتم تجربة سيئة لا تعمموا أن الزواج ظاهرة سيئة وان نهايتها الفشل والعذاب، فإن لهذه الكلمات تأثير كبير على الشبان العزاب، ووازنوا بين عقلكم وقلبكم وروحكم وجسدكم لتعيشوا بسعادة وحب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.