شعار قسم مدونات

الإسلام.. دعوة يحميها السيف ويخذلها الخوف!

blogs القتال في الإسلام

هو الإسلام هكذا دعوة وسيف، نور ونار، سلم وحرب، تواضع وقوة، علم وعمل، صدق ووفاء. دعوة تدعو إلى العدل يحميها السيف بالحق بعيداً عن البطش، نور تنير الدرب للبشرية وتخرجهم من الظلمات إلى النور ليعم الخير، ونار تحرقُ كل من يحاول المساس بالسلمِ الأهلي للبشرية وإثارة العنف والفوضى فيها، كذلك هو سِلم يُسالم من سالمه ويحفظ له حقوقه ويحارب من يعتدي عليه ويحاربه. فما كان للدعوة الإسلامية أن تنتشر وتنير الدرب وتخرج العباد من الظلمات إلى النور ومن جور البشر إلى عدل الإسلام، وما كان لها أن تبدد ظلمات الخرافة والأساطير وتضع البشرية على الطريق القويم السليم وتسيِّره على منهج علمي منطقي يجمع بين العقل والنقل وبين التحقيق والتمحيص. وما كان لكل هذا أن يكون بدون دعوة يحميها السيف بدون بطش ولا تسلط ولا جور، لأنه حسب قوانين الحضارات الجائر، فإنه لا مكان للضعيف أبداً والضعيف مصيره السحق أو الحرق ولو كان على حق!

ولأن الإسلام جاء ليتعارض مع هؤلاء الوضعيون الذين يردون حكم البشر على طريقتهم الخاصة حتى يحققوا أكبر قدرٍ ممكن من المكاسب على حساب كرامة الإنسان الذي يحكمونه، فتجد منهم من نصبَّ نفسه إلهً وفرض على رعيته عبادته قصراً. وهناك من قَسّم البشر إلى عبيدٍ وأسياد، فما يحق للأَسياد لا يحق للعبيد! ولأجل هذا تجد هؤلاء الوضعيون قد حاربوا الإسلام بشراسة ولا زالوا، لأنه حطم أطماعهم الجاهلية وحد من رعونتهم وتسلطهم على البشرية فقط لأنهم أسياد وباقي البشر عبيد! فالإسلام بلا شك ضد العنف والإرهاب، لكنه بنفس الوقت من حقه أن يضمن الحماية الكاملة للدعوة والدعاة، ولرعاياه على اختلاف طوائفهم، وأصولهم ومنابتهم، فالإسلام وطن الجميع، يجمع ولا يفرق، يعدل ولا يجور، والشواهد على هذا كثيرة، فقد قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين" البقرة 190.

وعلى المعتدلين أن يعلموا أن الإسلام دعوة يجب أن تحمى بالسيف لكن بدون عنف ولا تطرف، حتى يعم الخير وتنعم البشرية بالسلام، فالبشرية بدون قيادة الإسلام لها ستبقى كالسفينة بلا ربان.

وفي فتح مكة قال سعد بن عبادة – رضي الله عنه – لأبي سفيان- رضي الله عنه: "اليوم يوم الملحمة"، فنقل أبا سفيان الخبر إلى رسول الله – عليه الصلاة والسلام – فقال الصادق الأمين لأبي سفيان: "اليوم يوم المرحمة". فهذه رسالة من قائد الأمة ومعلمها إلى كل فرد مسلم، أن الإسلام دين رحمة وصفح، تسامح وعفو. لكن بالوقت نفسه هذه الرحمة وهذا التواضع يجب أن يرافقه قوة تمنع بطش وجور من لا يعرف إلا لغة البطش والجور والشاهد خير مثال، فأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عمر مَرَّ بِشَيْخٍ من أهل الذمة، يسأل على أبواب الناس، فقال: "مَا أَنْصَفْنَاكَ إِنْ كُنَّا أَخَذْنَا مِنْكَ الْجِزْيَةَ فِي شَبِيبَتِكَ، ثُمَّ ضَيَّعْنَاكَ فِي كِبَرِكَ " قَالَ: "ثُمَّ أَجْرَى عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يُصْلِحُهُ ". والشواهد كثيرة كبيرة لا يمكن حصرها بمقالٍ ولا حتى كتاب، فالكل كان يعيش بسلام وأمن وطمأنينة في ظل عدل الإسلام.

فالذين يحاولون أن يعملوا على إدانة الإسلام كديانة، وجعل الإسلام والإرهاب وجهان لعملة واحدة، والذين يعملون أيضاً على تمييع الدين وحصره فقط بالمساجد ودور العبادة، فهؤلاء ما أرادوا خيراً لا بالإسلام ولا بالمسلمين ولا حتى بالعالم أجمع. فخسارة العالم بسبب انحطاط المسلمين خسارة كبيرة لا تحصى بعدد ولا برقم، والدليل انتشار الجور والظلم والفساد والرذيلة وظهور أمراض اجتماعية نوعية أهلكت المجتمعات جميعها بدون استثناء. لذلك يجب على الغرب أن يتركوا المسلمين وشأنهم حتى ينعم العالم بمجتمع حضاري متقدم، وعلى المتأسلمين أن يعودوا إلى رشدهم، فكفاهم محاباةً وتملق على حساب الدين وأهله. وعلى من يتبنى الفكر المتطرف أن يعلموا أن الإسلام دين سلام ورحمة ودعوة وعليهم أن يعودوا إلى رشدهم. وعلى المعتدلين أن يعلموا أن الإسلام دعوة يجب أن تحمى بالسيف لكن بدون عنف ولا تطرف، حتى يعم الخير وتنعم البشرية بالسلام، فالبشرية بدون قيادة الإسلام لها ستبقى كالسفينة بلا ربان تتلاطمها أمواج القهر والظلم، ولعل ما يحدث في العالم من مجازر وويلات خير شاهد على همجية وإرهاب من يقوده الآن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.