شعار قسم مدونات

لا داعي للتفكير.. الإنترنت سيتحكم بكل تفاصيل حياتك!

blogs مواقع التواصل، هاتف ، لابتوب

قدرنا أن نعيش في عصر يشهد تطوراً هائلاً في مجال التكنولوجيا وبشكل غير مسبوق، وبذلك أصبحت حياتنا ومتطلباتها تتغير بشكل كبير بالتزامن مع هذا التطور بشكل إيجابي مره وبشكل سلبي مرة أخرى. النتيجة أنها أثرت كثيرا في نمط الحياة التي نعيشها وأصبحنا نعتمد عليها بشكلٍ كبيرٍ، وما زال الإنسان في تطوّرٍ مستمرٍ فلن تقف التكنولوجيا عند حدٍ معينٍ أو مجالٍ واحدٍ، ما زلنا نسمع يومياً عن اكتشافات واختراعات توصّل إليها العلماء. كذلك كشفت بعض الدراسات أن حجم التطور الحاصل الآن خلال عدة شهور يفوق ما اكتشفته البشرية خلال قرون كثيره قبل الثورة الصناعية. إذاً نحن نعيش تغيير كبير وخطير وفي نمط حياتنا سنلاحظ تأثيره في المستقبل القريب مع دخولنا البيئات الذكية (Smart Environment) وإنترنت الأشياء(IOT) وغيرها. لكن السؤال هنا كيف سنستقبل ما ينتظرنا؟ وكيف نهيئ أنفسنا لشكل الحياة الجديد؟ وما هو القادم؟

بعد أن تعاملنا مع الآلات واتقنا التعامل مع الأجهزة الذكية بسهولة حيث التعامل بين الإنسان والآلة كأجهزة الموبايل، أتى عصر الآلات نفسها مع دخولنا لعالم إنترنت الأشياء (IOT) حيث يمكن للآلات والأجهزة الإلكترونية التواصل فيما بينها (M2M) واتخاذ القرارات وإنجاز مهام من دون تدخل البشر ليتم جرنا نحو البيئات الذكية بامتياز إذاً هو عصر الذكاء الصناعي. هنا عندما نقول إنترنت الأشياء (IOT) فهذا يعني أن يربط كل شيء يخطر في البال بالأنترنت ابتداءً من ثلاجة البيت والسيارة إلى الملابس وفرشاة الأسنان والاتجاه نحو الخطوة الثانية (M2M) التي بدانا نراها على أرض الواقع وهو أن يكون نوع من الترابط والتواصل فيما بين هذه الأجهزة لاتخاذ قرارات مستقلة، إذاً ما عليك إلا أن تطلق مخيلتك لتصور الشكل المستقبلي للحياة.

معظم الأجهزة في المستقبل ستكون مرتبطة بالإنترنت لتسهيل حياة الناس لكن الأمر يحتاج إلى وقت لكي يتم انتشار فكرة إنترنت الأشياء بشكل كبير في حياتنا

على عكس عصر PC وعصر الأجهزة المحمولة الذكية، إنترنت الأشياء ليس نظام أو منتج خاص بشركة معينه ستبيع منه نسح لملايين المستهلكين. إنترنت الأشياء هو عبارة عن مفهوم جديد لطريقة عيشنا وإدارتنا لأعمالنا باستخدام الإنترنت لذلك ستجده سوق غير مسيطر عليه من قبل أي شركة. هناك عدة عوامل ستوفر البيئة المثالية لهذا الجيل الجديد من التكنولوجيا أهمها ضهور الجيل الخامس من الاتصالات (5G Fifth Generation)  حيث السرعة الهائلة للأنترنيت تساهم في ربط الأجهزة ببعضها وتواصلها بسرعة فائقة وإحداث ثورة في عالم التواصل وتطبيقاته.

 

الجيل الخامس للاتصالات 5G الآن موجود فعليا في بعض أماكن الفحص والتقييم في الولايات المتحدة الامريكية. يقول بعض الخبراء أننا سنشهد جيل الاتصالات الخامس 5G واقعاً في حلول عام 2020. وبما أن إنترنت الأشياء يعتمد على أنظمة الاتصالات اللاسلكية بشكل رئيسي فهناك علاقة وثيقة بينه وبين الجيل الخامس للاتصالات 5G تؤدي لتحقيق الرؤية المستقبلية بمليارات الأجهزة المرتبطة بالأنترنت خلال سنوات قليلة.

أشار كين هونغ مسؤول فريق الاتصالات الدولية التابع لشركة "ال جي إلكترونيكس" إلى أن معظم الأجهزة في المستقبل ستكون مرتبطة بالأنترنت لتسهيل حياة الناس لكن الأمر يحتاج إلى وقت لكي يتم انتشار فكرة إنترنت الأشياء بشكل كبير في حياتنا. وتشير التقارير إلى أن كبرى الشركات العالمية باتت تتنافس في مجال إنترنت الأشياء (IOT) لدخول السوق المستقبلية بقوة. يقدر الخبراء أن إنترنت الأشياء سيشمل حوالي 30 مليار قطعة بحلول عام 2020 ومن المقدر أيضاً أن تبلغ القيمة السوقية العالمية لإنترنت الأشياء 7.1 تريليون دولار بحلول عام 2020. إن كانت الأرقام السابقة مخيفة وغير واضحة سأشرح لك سيناريو عيش مستقبلي لنعرف حجم التأثير الذي ينتظر نمط حياتنا.

تخيل معي هذا السيناريو: تستيقظ صباحاً على صوت المنبه الذكي لتجد قهوة الصباح قد أعدت في الوقت المحدد والستائر قد فتحت تبعاً لشدة الضوء في الخارج. وفي الطريق للعمل ربما نسيت أن تطفئ المكواة فيأتيك إشعار على التطبيق الخاص بجوالك فتستطيع التحكم بذلك عن بعد. وفي طريق العودة وأنت تقترب من منزلك تجد أن باب الكراج قد فتح أوتوماتيكيا، وعند دخولك للمنزل تجد التكييف يعمل منذ فتره بسيطة والأضواء الرئيسية قد أنارت لوحدها.

 

وكالعادة تعمل الغداء بعد رجوعك من العمل باستخدام الطباخ الذكي الذي يقترح لك الوجبات لكن هناك نقص في المواد الضرورية في الثلاجة لعمل طبخة اليوم فتقوم الثلاجة الذكية بالتواصل مع أقرب متجر وتطلب المواد المطلوبة عن طريق خدمة التوصيل أما عن دفع الحساب يكون عن طريق الحساب البنكي المثبت مسبقاً بنظام الثلاجة. تأتي من العمل فتجد كل شيء جاهز وميسر ومكيف لخدمتك بحيث تبذل أقل جهد ممكن هذا سيناريو بسيط من بيئات العيش المستقبلية ولك أن تقيس وتتخيل.

مع دخول الإنترنت إلى أدق تفاصيل حياتنا يجب أن يتوفر نظام حماية عالي لتجنب حدوث الأخطاء في الأنظمة
مع دخول الإنترنت إلى أدق تفاصيل حياتنا يجب أن يتوفر نظام حماية عالي لتجنب حدوث الأخطاء في الأنظمة
 

مع الخدمة والتسهيل العالي الذي تقدمه البيئات الذكية لرفاهية الإنسان الآن إن هناك سيناريوهات مخيفه في المقابل تهدد حياة الإنسان نفسه وحريته. إليك هذا السيناريو المتوقع لجريمة اغتيال مستقبلية لشخصية مهمة. يعمد الجاني إلى اختراق نظام التحكم بالبيت فيقوم بسجن الضحية في المطبخ وقفل الباب والنوافذ عن طريق الأقفال الإلكترونية وفتح الغاز داخل المطبخ فيقتله خنقاً وربما يعمل حريق يؤدي إلى ضحايا لإخفاء الأدلة أو إيقاع عدد أكبر من الخسائر. وهذه المخاطر تتطور بموازاة التطور التقني السريع الذي نشهده.

وهناك تحدي الأمان والخصوصية فمع دخول الإنترنت إلى أدق تفاصيل حياتنا يجب أن يتوفر نظام حماية عالي لتجنب حدوث الأخطاء في الأنظمة. ولإدارة نمط وإيقاع الحياة الجديد سنحتاج إلى قوانين جديدة لضبط الحياة وحماية حقوق الإنسان وحماية البيئة الافتراضية لتنظيم حياتنا المستقبلية. مع كل عملية تحول أو تغيير تجد هناك آثار إيجابية وسلبية إلا أن الأصل في التطور المتسارع والكبير الذي نشهده أنه أتى لتحقيق أعلى درجات الرفاهية للإنسان، وبما أن هناك علاقة طردية بين إبداع الإنسان ورفاهيته، إذاً الأفضل أن ننظر للمستقبل بتفاؤل ونحاول أن تستعد لتكييف أنفسنا مع الواقع القادم عن طريق دراسة ما بحوزتنا من نقاط قوة وإسقاطها على الفرص والتحديات القادمة للخروج بأفضل المكاسب واستثمار هذا التحول بصورة إيجابية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.