شعار قسم مدونات

لماذا يعد الرجل خائنا والمرأة ضحية؟!

blogs الحب

عندما كنت في السادسة من عمري كنت أذهب في أجازتني الصيفية مع أخواتي إلي مكتبة في أخر الشارع الذي أسكن به، بالرغم من محاولاتي للوصول باكراً حتى قبل أن تصل أمينة المكتبة، كنت نادراً ما أستطيع الحصول علي حكايات أميرات ديزني التي تختطفها الفتيات ولا يتبقى سوي الكتب السمجة المليئة بالكلمات دون وجود صور، فأجلس علي كرسي لأنتظر حتى تمل إحداهما وتترك الكتاب، إلا أنني أنا التي كنت أمل في النهاية وأترك المكتبة وأذهب للتأرجح علي المرجوحة في الخارج. منذ نعومة أظافري وأنا أؤمن أن الحب مثل حكايات تلك الأميرات، يبدأ بالإعجاب ليتحدى العالم وينقذ الأمير حبيبته وتكون النهاية هي السعادة الأبدية بالزواج.

هل سيتأخر الحب الحقيقي؟

مرت فترة طفولتي لتليها المراهقة دون أن يقع أحدهما في حبي أو أجد أميري المنتظر فيزيد تعلقي بتلك الصورة مع الأفلام والمسلسلات التي كانت تؤكدها لي "وحده الحب من ينتصر" لأدخل الجامعة فأجد أمامي حب من نوع أخر يدعو إليه من حولي وبعض الدعاة في برامجهم، إنه الحب الحلال الذي يأتي بعد الزواج ونظراً لميولي الدينية في تلك الفترة التي جعلتني أرسم صورة للزوج المتدين بالملاك الذي سيرسله الله لي ليحل مشاكلي ويعاملني وكأنني كما أمهات المؤمنين ليحبني ويحترمني ونسعى سوياً للجنة، لتمضي تلك المرحلة بصدمة أخري وهي أن المتدينين بشر يخطئون ويصيبون وأن الاختيار علي أساس الدين الظاهر من لحية وذهاب للمسجد دون التعمق في خلفية الشخص ودون وجود تفاهم واحترام قد يسبب كوارث نفسية. خاصةً وأنني قد ربطت علاقتي بين الله والدين بشخص يصيب ويخطئ، فالمتدينين أيضاً ينفصلوا وتنتهي علاقة الحب بينهم قبل حتى السنوات الأولي للزواج وليس الوصول للجنة.

لقد سقطت عباءة الحب الأبدية..

الحب موجود دائماً وأبداً ولكن هل يرافقه الزواج السعيد والسعادة الأبدية؟ هذا شيء يصعب حدوثه ولكنه ليس مستحيل.

سرت في درب العشرينيات وتأخرت عن قطار الزواج لتتزوج صديقاتي من حولي، وتمر سنواتي الأولي به وأنا أصر علي الصبر حتى ألتقي بما أتمني. تمضي السنوات الخمس الأولي لأجد صديقاتي من حولي وقد تغيرنا تماماً من النادر وجود واحدة بينهم قد غيرها للزواج للأفضل. على العكس من كانوا يصيبوننا بالصداع وأحياناً بالمرارة من منشورات التواصل الاجتماعي المليئة بعبارات الحب والكلام المعسول يجرحون الآن ويؤذون بعضهم كثيراً فهم يعلمون نقاط ضعف الأخر حتى وصل الأمر بالبعض للانفصال حتى مع وجود أطفال. لينهار من فوقي كل أحلامي بالحب الأبدي والسعادة بالزواج فلا أميرات ديزني كانت الحل ولا حتى التدين منع الانفصال، الحقيقة أنه لا شيء مضمون في الزواج والحب، فنحن بشر تتقلب قلوبنا وحياتنا مع المسئوليات الضخمة المصحوبة مع الزواج.

لماذا الرجل خائن والمرأة ضحية؟

ظهرت في الآونة الأخيرة وانتشرت خاصة في عالمنا العربي، كتب تتحدث عن الاختلافات بين الرجل والمرأة ليس فقط في التكوين الجسدي ولكن في التفكير أيضاً والطباع والتصرفات الغريزية وقد ملأت المكتبات وحققت مبيعات هائلة وقد استغلها مدربو التنمية البشرية والعلاقات الإنسانية. وإذا نظرنا إلي تلك الكتب نجدها كلها تدور في محور واحد ولكن بطرق مختلفة من كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، حيث اجتهد كتاب كثر لتطوير وتزويد تلك المفاهيم والمعلومات، إلا أن المعضلة الحقيقية ليس قبل قرأتها ولكن بعدها في وجود شخص يتفاهم ويتقبل تلك الاختلافات معك ولا يحاول تغييرك لتصبح مثله حتى تتجنبوا المشكلات. هي محاولة لفهم الأخر في الأساس وبناء الأعذار له لإكمال مسيرة الزواج والحياة في هدوء واستقرار وتخطئ تلك الفروق، لذا هي ليست الحل الوحيد والمضمون لضمان الحب والسعادة الأبدية للزواج.

أين الحب أم هو مجرد وهم؟

عندما سأل أحدهما عن مفهوم الحب في أحد برامج التلفزة، أجاب بأنه الأفعال والأقوال معاً، فالأفعال هي الكعكة بينما الأقوال هي الزينة التي توضع عليها من شكولاتة وفاكهة وغيرها. لذا فكلاهما ضروري للسعادة في الحب ولكل منهما طعمه الخاص. الحب موجود دائماً وأبداً ولكن هل يرافقه الزواج السعيد والسعادة الأبدية؟ هذا شيء يصعب حدوثه ولكنه ليس مستحيل، علينا أن نفرق بين الحب والزواج لأن لكل منهما ظروف وحساباته الخاصة ففي الحب ننسي الواقع وننسي الفروق الاجتماعية وننسي بأن هناك أحد أخر غير من نحب في هذا العالم. لذا إذا ما توقفنا وأمعنا النظر جيداً في كل ما يربطنا بهذا الشخص قبل خطوة الزواج والتأكد من أنه يناسب واقعنا كما أحلامنا أظن أننا قد نجد حينها السعادة في الحب والزواج. الحب جميل مثل تلك القصص والأفلام والمسلسلات والحلم بجنة تجمعه في الأخرة إلا أنه علينا العمل والكفاح من أجل هذا الحب فبقدر تعب الطرفين لإنجاح هذه العلاقة بقدر السعادة التي سيحصلون عليها من حين لأخر حينما يظهر بريق الحب وسط مشاغل الحياة ومسئولياتها ليذكرهم بما يجمعهم دوماً لذا فلنحب فما قيمة هذه الحياة بدونه ولكن يجب أن ننظر بعقلنا قدر قلوبنا حتى نحصل على تلك السعادة فكما وجدت قصص زواج وحب فاشلة أيضاً وجدت قصص ناجحة ما زالت تبث فيا الأمل. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.