شعار قسم مدونات

كيف ذبحت الإمارات والسعودية ثورة اليمنيين؟

blogs بن زايد وبن سلمان

تمرُّ علينا ثلاث سنوات ونصف منذُ بداية الحرب على الانقلاب في اليمن، وما زالت آلات الحرب تحصد المزيد من الأرواح في ظل تخاذلًا كبيرًا مِن قِبل التحالف السعودي الإماراتي إذّ أننا لم نُلاحِظ أي تغييرات في موازين القوى، غير موازين القهر والاضطهاد اللذين كانا من أبرز التحولات في المعادلة الغير منصفة على مدى ثلاثة أعوام ونصف من الفقر والجوع والمعاناة اللامنتهية بسبب حربٍ لم تحقق أهدافها وفق المخطط الزمني الذي رسمتهُ منذُ بداية عاصفة الحزم وإلى هذه اللحظة.

 

أي أن الوعود بالتحرير وعودة الدولة وهزيمة الانقلاب وما إلى ذلك تعدُّ وعودًا كاذبة ولم تكن سوى فقاعات إعلامية يُراد بِها كسب وِدَّ وتعاطف الشعب اليمني المقهور المغلوب على أمرهِ لغاية معينة، لم يكن الانقلاب هو العقبة الوحيدة والمبرر الرخو لإطالة أمد الحرب ولكنه صراع المشاريع ونزوات الغرور والكبرياء والأطماع التي قسّمت الأدوار بين دولة مراهقة كالإمارات تسرح وتمرح وتمارس الاستبداد والقهر في حق أبناء اليمن الذي أتت لإنقاذهم كما تقول.

 

وفي سقطرى وعدن تتجلّى تلك الممارسات العنجهية بوضوح وهذا على سبيل المثال لا الحصر وفي ظلّ التحشيد الإعلامي لمعركة الحديدة آنيًا بدون تحقيق أي إصلاحات في المناطق المحررة فإلى أين نحن متجهون إذن؟ بعد أن توقفت بوصلة التحالف عن العمل وانحرف مسارها، وبين مملكة تتربص باليمنيين وتمارس دور المُغفل المتُغافِل عن ما تقوم بهِ شقيقتها الإمارات، ويتضح لنا أن السعودية والإمارات تمضيان بنفس المشروع وعلى مستقيم واحد غير أن الأول يمارس دور المستبدّ والطمع الذي يريد السطّو على جزيرة سقطرى ويحاول الاستثمار في ميناء عدن وغيره على الكيفية التي يريدها، والثاني يظهر بدور البطل والمُنقِذ لليمنيين من بطش الإمارات إذا تعقدت الأمور وحصل هناك تنديد شعبي واسع.

أسرار الحروب تخفي أكثر مما تظهر، لكن الحرب على اليمن كانت خِلاف ذلك فأسرارها باتتْ واضحة ومفضوحة وما يُبطنه حرب التحالف السعودي الإمارتي في اليمن ليس إلا بعض أنواع الخديعة

لم تكن هُنا المعِضلة وحسب فهناك آلاف القصص التي تحرث الروح والذاكرة المنهكة ببذرة التأمل في هذه التحولات التي تقُتلنَّا مرّتين بدلًا من أن تُعيد لنا الحياة، إنها خيبة أمل كبيرة وصادمة لنا كيمنيين كنّا نُعول على هذا التحالف انتشالنا مِن مُستنقع الملشنة إلى واقع الدولة المدنية الحديثة ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح. لم تكن مسألة السطّو والسيطرة هي الدوافع الوحيدة في هندسة التحالف الذي من المفترض أن يعمل على إصلاح وضع المواطن اليمني ولو في إطار المناطق المحررة فقط ولكنه يعمل بجد واجتهاد لإخضاع المواطن اليمني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

 

فهناك حربًا أخرى يجيدها التحالف وهي حرب الاقتصاد، فمنذ أتى هذا التحالف والاقتصاد اليمني يتدهور كل يوم إلى الأسوأ وبالمقابل ترى السعودية تغلق عينيها عنّا كبلدٍ عربي قومي وجار قبل كل شيء إضافة إلى أن السعودية جاءت بحرب لإنهاء الانقلاب وخوفًا من التواجد الإيراني في اليمن حسبما يردده إعلامها فلماذا لا تدعم اليمن للنهُوض بهِ من بين كل هذهِ الفوضى والخلاص منها، وتجدها بالمقابل تقدم الدعم السخي لمعظم الدول التي هي في غناء تام عنها، وما صفقة القرن إلا واحدة مِن بين الكثير من الصفقات المعلنة وغير المعلنة.

يقول الكاتب سون تُزو في كتابهِ فن الحرب إنه "لا توجد سابقة تاريخية تذكر أن بلداً ما قد استفاد من دخوله حروباً طويلة". وهذا كلام منطقي يتفق مع واقعنا المعيش تماما ومع تجارب كل الدول التي خاضت حروب عِده، لكن التحالف السعودي الإماراتي يدخلنا في نفقٍ مُظلم لا نعلم أين ستكون نهايته ونهاية هذا العبث وما الهدف من إطالة الحرب مع تدهور اقتصادي مخيف ووضع إنساني كارثي ومجاعات وأوبئة تنتظرنا لنكون في قائمة صدارة البلدان المنكوبة إنسانيًا وصحيًا وديموغرافيًا.

يُقال أن أسرار الحروب تخفي أكثر مما تظهر، لكن الحرب على اليمن كانت خِلاف ذلك فأسرارها باتتْ واضحة ومفضوحة وما يُبطنه حرب التحالف السعودي الإمارتي في اليمن ليس إلا بعض أنواع الخديعة في حربٍ سقطتْ عنها كل الأقنعة وباتتْ عارية تماما. إنها خيبة أمل كبيرة وصادمة لنا أن نذبح من الذي أتى لإنقاذنا ومساندتنا كما يزعم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.