شعار قسم مدونات

عودة التنين.. هكذا تسعى الصين للهيمنة على العالم

blogs الصين

لقد أصبحت الصين الحائزة لثاني أكبر اقتصاد في العالم، تلعبُ دورًا مؤثرًا على الساحةِ الدولية، والاستمرار في تزايدِ قوتها وتطورها للوصول لعام 2050 وتكون الصين متكاملة القوة من الناحيةِ الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، وذلك من أجل الوصول لدولة اشتراكية عُظمى حديثة، وتكون الصين قائدًا عالميًا من حيث القوة الوطنية المُركبة، والنفوذ الدولي، وذلك باقتصاد حديث وثقافة متقدمة وقوات مُسلحة على المستوى العالمي.

وبات الشعب الصيني يتمتع بالرخاء الاقتصادي والمشترك بين أفراد المجتمع بشكلٍ أساسي، بحيث وصل لدرجة عالية من الأمن في التعليم والصحة والمعيشة، والتطورات الاقتصادية الهائلة التي حققت للصينيين الاكتفاء الذاتي، والمواصلة في الإنتاج في مجال الصناعة من أجل تعزيز الاقتصاد الصيني والمحافظة عليه وتطويره، والاستمرار في نهوضه وثورته، بالإضافة أنه لا بدَّ من رفع مستوى الصناعات والشركات المملوكة للدولة وتوسيعها من خلال رفع إنتاجها وأدائها داخليًا وخارجيًا، وكانت الصن قد وصلت لناتج محلي إجمالي 72.8بالمئة، إلا أنها لا زالت تسعى لرفع هذه النسبة والاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي في القطاع الصناعي، بجانب أن الصين تتبع سياسة الانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي، ما يجعل الصين محطة للشركات والمشاريع الأجنبية في البلاد من أجل استقطابها بجانب أصحابها والمستثمرين الأجانب إلى الصين.

وأن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية بدأت عصرًا جديدًا لتجديد شباب الأمة وتحقيق حلم النهضة الوطنية، كون الصين أصبحت قوة مزدهرة وديمقراطية ومتحضرة، وهي باستطاعتها العبور لمرحلة جديدة من الاشتراكية، وأن الحزب الشيوعي النظام الحاكم في الصين، هو الذي سيكون القوة الدافعة من أجل وضع الصين في مركز العالم، والصين تعمل على خطة تنموية مُنقسمة على مرحلتين، تكون الأولى من عام 2020/2035م، والبناء على أساس إقامة مجتمع متماسك ذو رفاهية معتدلة، والعمل الشاق لضمان تحقيق التحديث الاشتراكي، وبناء مجتمع متكامل على نحوٍ شامل، وهذا ما يجعل البلاد بأن تكون قوة اقتصادية وعلمية وتكنولوجية متقدمة على الدول المبتكرة، وحقوق الشعب في المشاركة المتساوية والتنمية المتكافئة، وبذلك يتم إنجاز الدولة والحكومة والمجتمع وخضوعها جميعًا لحكم القانون، وبهذا ترتفع نسبة الفئات ذات الدخل المتوسط، ويتم التضييق على الفجوة التنموية ما بني الريف والحضر والأقاليم وبين السكان على مستوى المعيشة.

الصين الآن قوة اقتصادية عالمية ومُسيطرة اقتصاديًا، لأنها لن تنصاع لأي تهديد لفظي يبدر عن الولايات المتحدة الأمريكية برئيسها الحالي دونالد ترامب

والمرحلة الثانية التي تستمر عام 2035/2050، يقوم الحزب الشيوعي ببناء ما تحقق من السابق للعمل على تطوير البلاد لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظمى، تتمتع بالرخاء والقوة والديمقراطية، لتصبح عام 2050 كدولة ذات تأثير عالمي، وتكون الصين بذلك قد وصلت إلى تقدم مادي وروحي وسياسي واجتماعي وثقافي، لتصبح بذلك الدولة جزء من الدول الرائدة من حيث القوة الوطنية الشاملة والتأثير الدولي، من أجل تحقيق الرخاء المشترك لأفراد الشعب وعودة الأمة الصينية متربعة بين أمم العالم.

ومنذ الإصلاحات الاقتصادية المستمرة في الصين منذ عام 1978م إلى اليوم، والتي شملت بناء 188 مدينة جديدة ساحلية على النظام الغربي، فإن الصين شجعت الشركات الأمريكية والأجنبية العالمية الكبرة للذهاب إلى شنغهاي، والتي تمتلك كافة المقومات من مدارس تحوي على اللغات العالمية، منها الفرنسية، والإنجليزية، والألمانية، بالإضافة للأيدي العاملة الرخيصة، وهذا بدوره شجع الشركات الأجنبية من العمل داخل الصين وفي المناطق الساحلية، وخلق التنافس بين المدن لما يعود بالأثر الإيجابي على الصين وعلى مصالحها، بجانب الإعفاءات الجمركية والنوادي الرياضية، أي البنى التحتية الكاملة لهذه المدن، هذه المدن هي أرخص بكثير من مدن الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك الأمر همَّت الشركات الأمريكية والأجنبية الهجرة إلى الصين، والتي استغلت بدورها هذه الشركات وتوظيف الأيدي العاملة فيها وتعليمهم من أجل أن تتقدم الصين في كل شيء بما في ذلك الصعود للقمر والمركبات الفضائية، والهواتف الذكية مثل شركة الأيفون.

وبفضل ذلك الصين الآن قوة اقتصادية عالمية ومُسيطرة اقتصاديًا، وأنها لن تنصاع لأي تهديد لفظي يبدر عن الولايات المتحدة الأمريكية برئيسها الحالي دونالد ترامب، ولذلك يُعرف الآن وبفضل الجهود الصينية في استقرار العالم ما بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، أن الاقتصاد هو أساس الهيمنة على العالم بجانب القوة العسكرية بدرجة ثانية، وذلك لأن الاقتصاد يساهم في الحفاظ على قوة الشعب، بجانب أنه يمد العسكر بالإنفاق العسكري الذي يحتاج أساسًا للاقتصاد، وبالتالي القوة الاقتصادية الموجودة في الصين هي قوة حميدة لا تريد التوسع على حساب الدول الأخرى على عكس الولايات المتحدة الأمريكية التي تتبع أسلوب التهديد والوعيد حيال الدول التي تعتاش على الدعم العسكري لها، وتكبدها الإنفاقات العسكرية من أجل حماية حدودها.

ولا تريد الصين القضاء على أية دولة خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أي أن هناك مصالح متبادلة ما بينهما، وغير وارد أن يكون هناك نيةً للذهاب لحرب تجارية كبيرة، لذا من الصعب التوجه لحرب باردة مع الولايات المتحدة الأمريكية، نظرًا لأن الأخيرة عليها ديون مالية، وإفلاس الولايات المتحدة الأمريكية تجعل الديون الصينية تندثر، لذلك باستطاعة الصين إنقاذ أي دولة في العالم تشكو اقتصاديًا كما الحال في أزمة نيويورك عام 2008م، والتي ضربت العالم، فالصين قامت ببيع سندات مالية للولايات المتحدة الأمريكية لتخليصها من الأزمة بقيمة ترليون دولار أمريكي.

والصين هي بلد الحكمة والصبر والعمل يكون بدبلوماسية عالية على المدى الطويل، والتخطيط الصيني يتمحور حول وضع الصين الأولى اقتصاديًا بشكلٍ مستقل دون منافس، ولو استغرق هذا الشيء 50 عامًا وأكثر، لذا فإن العرق الصيني مُتقدم وله ميزات في الحزب الواحد وتماسك الدولة، وسلاسة تنفيذ القرار، والنجاح هو العنوان الدائم والمتواصل لأي مشروع اقتصادي، بجانب السعي لتحقيق التكامل ما بين العسكري والمدني، واستكمال تحديث الجيش بأفرعه المختلفة بحلول عام 2035م، وبلوغ مرتبة عالمية بحلول عام 2050م.

 

في أفريقيا عملت الصين على تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة في الأعوام الأخيرة بجهود صينية وبناء مصالح تجارية لخلق نوع من التواصل السياسي والاقتصادي والثقافي
في أفريقيا عملت الصين على تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة في الأعوام الأخيرة بجهود صينية وبناء مصالح تجارية لخلق نوع من التواصل السياسي والاقتصادي والثقافي
 

ولكي يكون هناك تكافؤ في العسكر الصيني بين القوى البريّة والبحرية والجوية، يتم العمل على تعزيز القوة البحرية، كون الصين مُطلة على مسطحات مائية وجزر مائية أيضًا بأسطول بحري قوي مقارنةً مع الجيوش الإقليمية والدولية لما فيه حق للصين بذلك، وأن يكون هذا الأسطول كافيًا لإقامته من أجل تحقيق الهدف خاصة في ظل وجود خطوط ملاحة يجب المحافظة عليها، لذلك لا بدَّ من امتلاكه للقوة الهجومية والدفاعية في آنٍ واحد يُمَّكن الصين من تعزيز خط دفاعها بشكلٍ قوي، ولا بدَّ من أن يحوي الأسطول البحري على حاملات طائرات بعدد معقول يتم توظيفهم في مناطق مختلفة من بقاع الأرض، فمثلاً 7 حاملات يتم توزيعها على قارات العالم، بالإضافة لحاملات صواريخ وصواريخ عابرة للقارات يتم إطلاقها بواسطة غواصات بحرية.

وعلى الصعيد الدولي فإن الصين بمنأى عن التوسع على حساب الدول المجاورة والضعيفة حتى تتمكن من المحافظة على سيادتها وأمنها ومصالحها في العالم، وهي بمعزل على أن تتدخل في شؤون الدول داخليًا، أو تمارس قوتها على هذه الدول، لذا من الصعب وغير المُجدِ أن تسعى الصين للسيطرة والهيمنة أو التوسع، خاصةً في ظلِّ مساعي الصين لإعداد مبادرة حزام الطريق والتي تحمي طريق الحرير بوجه عام، والصين تعمل في الوقت الحالي على زيارة الدول الأفريقية للانفتاح الاقتصادي المُتبع في سياساتها الخارجية، لتنطلق من الدول الأفريقية إلى الأسيوية وبالتحديد الدول العربية، وذلك لرفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة، بجانب توسيع المشاركة في حل القضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط، والقيام بدور بنّاء في دعم التهدئة والسلام وحماية الأمن والاستقرار الدولي، لذا تعسى الصين لتفعيل دور الحضارة الصينية وكذلك العربية لمواجهة تحديات العولمة وتعزيز التفاهم المشترك المبني على قواعد سلميّة.

وفي أفريقيا عملت الصين على تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة في الأعوام الأخيرة بجهود صينية وبناء مصالح تجارية لخلق نوع من التواصل السياسي والاقتصادي والثقافي، وهو يأتي لإضفاء الجوهر الصيني في المناطق وفتح مصالح جديدة، والصين في سياساتها الخارجية تجاه مختلف القضايا العالمية، تختلف عن التوجهات السياسية الأمريكية، أي أن الصين تعتمد تحقيق المنفعة المتبادلة وعدم التدخل في شؤونها، ليس كما أمريكا التي تتعمد أسلوب العصا والجزرة، والصين هي التحدي الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين، بجانب أن الأمن القومي الصيني يتطرق إلى الإرث الكنفوشوسي الذي ساعدهم في الحفاظ على رزانة معينة وعلى وتيرة تدريجية في الإنجاز مقارنةً مع النهج الأوروبي والأمريكي، ويسعى النهج هذا لسرعة الإنجاز وتحقيق الهدف القومي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.