شعار قسم مدونات

مبادرة السفير معصوم.. هل تكون النهاية للأزمة في مصر؟

BLOGS السفير معصوم

عندما أطل السفير معصوم مرزوق حمل معه مبادرة من أجل إنهاء الأزمة في مصر، أثار موجة من الانتقادات، وخاصة في صفوف الشرعية ورافضي الانقلاب، وخرج البعض يتهم معصوم بمحاولة امتصاص الشارع، وتفريغ الغضب الشعبي قبل الانفجار، ووقف آخرين دفاع عن المبادرة معتبرين المبادرة طريقة سلمية لتغير بدون إراقة دماء، وبين هذا الطرف وهذا الطرف، لم نسمع بصوت من الطرف الأهم، الدولة ونظام الحكم، ما قيمة المبادرة ومناقشتها إذا لم تناقش ويكون هناك قبول لتطبيقها أو حتى مناقشتها من قبل الدولة، تبقى المبادرة بهذه الشكل بلا معنى حقيقي، ولكن الحقيقة أبعد من ذلك، المبادرة لم تطرح من أجل استفتاء، أو من أجل نقل السلطة بطريقة سلمية.

هناك مجموعة من الحقائق يجب الوقوف عندها لمعرفة أبعاد الحقيقية للمبادرة، فأي ساذج يصدق أن السيسي يقبل أن يعرض نفسه إلى استفتاء، ومن يصدق أن الحكومة المصرية الحالية تقبل انتقال سلمي للسلطة، سنقف عن بعض الدلالات والحقائق التي مرت مصر بها لنبين أن المبادرة حقيقة لم تكن من أجل الانتقال السلمي، معصوم مرزوق عسكري معروف وانتمائه للجيش ولا يخرج خط الجيش في تصرفاته، وهذا لا يعيب المبادرة ولكن هذا يؤكد أن الجيش يعلم في المبادرة قبل طرحها.

 

من يقرا المبادرة، يدرك أن المبادرة تبحث عن حل وسط، قد يقبل بها كل داعمي الشرعية في حال وافق مرسي على عدم المشاركة السياسية لعشر أعوام كما نصت المبادرة

سيقف أحدهم ويقول لا يثبت ذلك شيء، بهذه الصورة نعم لا إثباتات حقيقية قبل معرفة أن الجيش ليس مع النظام الحالي، ويوجد خلافات طاحنة بين عناصر الجيش، خلال خمس سنوات الاخيرة تم تصفية العديد من قادة الجيش المصري بطرق غريبة، طبعا التصفيات كانت في نطاق من شك في ولائه لنظام الحاكم، ولا نتحدث عن الولاء لدولة والوطن، ووصلت هذه الخلافات ذروتها عندما تعرض صدقي وزير الدفاع السابق لمحاولة اغتيال في سيناء، بجولة تفقدية المفروض أنها سرية ولا يعلم بها إلا القليل، ومع ذلك علمت بها مجموعات خارجة عن القانون، ونجحت في توجيه ضربة و كان القدر حالف صدقي بنجاة.

دلالات كثيرة تحملها الأشهر الاخيرة، أهمها نجاح السيسي من تخلص من صدقي كوزير لدفاع، واعتقال خصومه حتى من داخل المؤسسة العسكرية، وما ترشح شفيق ضد السيسي ومن بعده سامي عنان من بعده، سوى مثال على مقدار الرغبة في التغيير من قبل العسكر لنظام الحكم ورفضهم لوجود السيسي على راس الهرم الحكم.

 

وفي وقت القريب اتصل عناصر من الجيش مع يوسف ندا القيادي في الإخوان المسلمين، ومحاولة للوصول إلى تفاهمات من أجل إدارة الحكم ما بعد رحيل السيسي، ويعد ترشح سامي عنان في ظل هذه الاتفاقيات كما أشار يوسف ندا مؤشر مهم على مقدار الململة داخل الجيش والرغبة في التغيير، وبازدياد خصوم السيسي وخاصة مع التخلص من قادة كبار في الجيش المصري، أمثال شفيق وسامي عنان وصدقي صبحي وزير الدفاع الأسبق، ليس سوى مؤشر على مقدار تغير الذي تطمح المؤسسة العسكرية في إحداثه.

بعد انقلاب السيسي وإحكام القبضة الحديدية على مفاصل الدولة، قد تكون ظروف المؤسسة العسكرية غير مناسبة لتحرك مماثل لما قام به السيسي، محاولة لتغيير بطرق السلمية خيار الأسلم للمؤسسة والطريق للحفاظ على كيان الجيش، ومن هنا جاءت مبادرة معصوم مرزوق.

 

من يقرا المبادرة، يدرك أن المبادرة تبحث عن حل وسط، قد يقبل بها كل داعمي الشرعية في حال وافق مرسي على عدم المشاركة السياسية لعشر أعوام كما نصت المبادرة، ولكن ليس هنا مربط الفرس، مربط الفرس أن السيسي لن يقبل هذه المبادرة، وواضع هذه المبادرة يدرك ذلك، ويدرك أن 31 أغسطس سيكون تاريخ مهم للشعب المصري من طرف والراغبين في التغيير داخل المؤسسة العسكرية من طرف أخر، واضع هذه المبادرة يطمح بترتيب الشارع المصري تحت غطاء قانوني مدعوم من المؤسسة العسكرية، في خطوة تحرك الشارع بحالة تشبه الثورة الشعبية، وعندها لا يتردد الطامحين إلى التخلص من السيسي ونظام حكمه داخل الجيش من التحرك تلبية لتحرك المواطنين على الأرض، وقلب نظام الحكم بدعم وتغطية شعبية، على غرار ثورة السيسي المزعومة يوم 30 يونيو.

31-أغسطس سيكون تاريخ حاسم جديد في مصير مصر، هل سيلبي المواطنين نداء معصوم ويخرجون يوم 31 اغسطس؟ بل السؤال الأهم هل سينجح الراغبين في التغيير من التحرك في الوقت المناسب والتخلص من حكم السيسي، أم أن القبضة الحديدية لسيسي على الدولة والمؤسسة العسكرية ستحول دون ذلك الحراك.

 

ستكون الأيام القادمة طويلة على مصر وستشهد كثير من الأحداث، قد يتم اعتقال عناصر من الجيش وأفراد كبار من المؤسسة العسكرية، وربما نشهد مزيد من القمع والتخوين في الأيام القادمة، كثير من المواطنين المصريين قد يرفضون الخروج والتحرك ليلة 31 أغسطس لعدم ثقتهم في المؤسسة العسكرية وخوفا من استبدال طاغية بآخر ليس إلا. الغريق يتعلق بقشة وقد يكون حراك 31 اغسطس طريق الصحيح لتخلص من السيسي ومن معه، ولكن تبقى الحقيقة الانقلاب يبقى انقلاب وتدخل الجيش في السياسة دمر مصر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.