شعار قسم مدونات

كيف سيطرت حكومات الظل على الشعوب العربية؟

blogs- شطرنج

على مدى نصف قرن منذ قيام النظام العالمي الجديد، تعيش الشعوب العربية حالة من البؤس والشتات والفساد وهدر للثروات العامة لصالح نخب مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنظومة العالمية السياسية والاقتصادية، ولم يستطيع أي شعب عربي أن يتحرر وينطلق نحو القمة، أسوة ببقية الشعوب التي استطاعت خلال العقود الماضية من النفاذ من العصابة العالمية، وكل ذلك يرجع إلى السيطرة المطلقة على الشعوب العربية وقدرة ختايرة الظل على التخفي. 

حكومة الظل هي حكومة تقف خلف الحكومة المعروضة للشعب، مثل وزير يقف خلف كل وزير، وضابط في الجيش بيده مركز القرار العسكري لوزارة الدفاع، وملياردير يرسم سياسة وزارة الاقتصاد، وصحفي يتحكم بمخرجات الإعلام. نظام سياسي محكم يسير وفق قوانين وضوابط مرتبه، نظام نصفه ظاهراً أمام الرأي العام كأفراد وموظفين عاديين، ونصفه الآخر يختبئ تحت الأرض. ألم يحين الوقت بعد لهؤلاء أن يموتوا ويتم التخلص منهم لكي تعرف الشعوب العربية أن تعيش وتتنفس، ألم يكتفون بما قد جمعوا من أموال وثروات على حساب معاناة الشعوب العربية الضعيفة.

كل أولئك الذي يظهرون في الإعلام هم مجرد واجهات إعلامية  أمام الرأي العام وأمام الشعوب، وأن مراكز الاتصال وحكومات الظل هي المتحكم الأساسي بالدول والمراكز الاقتصادية والسياسية والإعلامية في الأنظمة السياسية

الأنظمة السياسية في البلدان العربية معقده بعض الشيء، هيكل إداري كبير وقرارات سياديه مسلوبة، كيف وهي مبنيه على الأسس العالمية التي بنيت عليها بقية الأنظمة السياسية المستعمرة، وصولاً إلى النظام السياسي العالم. الطبقة العامة والبسطاء في الشعوب العربية لا يعرفون أن كل من في واجهات الحكم والمناصب الوزارية هم ديكورات وغطاء سياسي لأولئك المتحكمون المختبئون بعيداً عن أنظر العامة في دهاليز محمية تحت الأرض. ألم يتساءل البعض كيف لم تستطيع الشعوب العربية أن تتحرر وتتمتع بالاستقلال الاقتصادي أو السياسي، وكل مرة يتم الالتفاف عليها ولف أذرع الشعب بطرق بهلوانيه رهيبة.

ألم يعرف الشعب العربي بعد أن كل الحكومات العربية لم يزل أعضاؤها هم أنفسهم على مدى 30 عام ويتم فقط إعادة تدويرهم من مكان إلى مكان آخر، فوزير الاقتصاد يتحول إلى وزير للإعلام ووزير التعليم إلى وزير للاقتصاد. كأن الشعوب العربية تعاني من انعدام للكفاءات والكوادر والوطنيين وللشباب الصاعد المفعم بالنشاط والمتفتح فكرياً. ونتيجة للترابط الوثيق السياسي والاقتصادي والعرفي والاجتماعي بين حكومات الظل لأغلب الشعوب حول العالم، مكنها من تماسكها والاحتفاظ بقوتها، ما إن تضررت إحداهن في شعب ما إلا سارعت الأخريات لإنقاذها. نسمع كثيراً عن مصطلح الدولة العميقة التي ما تصير عملية تحرر أو تغيير إلا ويتم إفشالها، ويرجع البعض ذلك إلى الدولة العميقة، وهي حكومة الظل المرنة مع كل المتغيرات والظروف.

لم يخبر أحد الشعوب العربية أن كل أولئك الذي يظهرون في الإعلام وفي المقابلات التلفزيونية، هم مجرد واجهات إعلامية وبصرية أمام الرأي العام وأمام الشعوب، وأن مراكز الاتصال وحكومات الظل هي المتحكم الأساسي بالدول والمراكز الاقتصادية والسياسية والإعلامية في الأنظمة السياسية. لذلك كل محاولة تحرر أو عملية تغيير، يتم فقط تغيير الواجهات البصرية – الديكور – واستبدالها من مكان إلى آخر دون حدوث أثر في الطبقة الخلفية المتحكمة بمراكز القرار السياسي والاقتصادي. ما أن يحاول فرد أن يضر بهؤلاء إلا وتم اغتياله، وما من حزب وجماعه تشكل ضرر على هؤلاء إلا وتم تصفيتها وخرابها. ما أن يحاول شعب عربي الوصول إلى حكومات الظل إلا ويجد نفسه وسط حرب مدمره تحرق الأخضر مع اليابس.

كأن لسان حال أولئك يتحدث (إما أن نكون أو لا نكون) وفي كل مره يتم الوصول إليهم يختفون ثم يعملون على إعادة عملية تمركزهم ثم يعودون من الأبواب الخلفية لمراكز الاتصال. فمراكز الاتصال تشكل الخيط الرفيع المخفي وخطوط الاتصال ونقل الأوامر والقرارات بين حكومات الظل وحكومات الرأي العام. لن ترى الشعوب العربية النور مالم يتم الوصول الى الختايره المتحكمين بمفاصل الدول العربية منذ أكثر من نصف قرن. ما إن يتوفى أحدهم إلا وقد زكى أحد يخلفه وفق طقوس قد رسمت لهم عالمياً لتستمر المعاناة والفقر والضياع لشعوب عربيه كانت تتربع على عروش شعوب العالم. فلن تعيش الشعوب العربية وتتنفس بكل حريه إلا إذا ما عرفت حكومات الظل وأخرجتها إلى العلن للحساب والعقاب. أعتقد لن يصل أي شعب عربي إلى هذه المرحلة إلا على دماره.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.