شعار قسم مدونات

غزة على مفترق طرق.. حربٌ أم حل؟

blogs غزة

تعيش غزة هذه الأيام حالة من الترقب الحذر. فهل نحن مقبلون على فك الحصار وفتح السجن الكبير الذي بداخله أكثر من اثنين مليون مواطن حُرموا من أدنى حقوقهم كباقي البشر أم أننا سنقبل على حربٍ رابعة طاحنة. وفي الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن أن هناك تحركًا دوليًا واقليميًا يقوده كلاً من ميلادينوف والمخابرات المصرية بشكلٍ أساسي. وهنا أعتقد أنه يُجري مباحثات وينقل رسائل بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال، ويسعي بشكلٍ جاهد لمنع أي حرب يمكن أن تشتعل. ولكن على ما يبدو أن سياسة الاحتلال هي ذاتها التي تمحورت حول المماطلة ومحاولة عدم تحقيق أي انجاز يُذكر لغزة.

من الملاحظ في الآونة الأخيرة أن الاشاعات التي تضخ إلى غزة عبر وسائل إعلام مختلفة كثرت وهي تقول بأن هناك مفاجآت لغزة حيث لاقت تفاعل كبير بين أوساط الناس، فالحال التي وصلت له غزة جعل الناس كالغريق الذي يبحث عن قشه ليتعلق بها، فالمواطن يبحث عن أي أملٍ لغدٍ أفضل، فالموظف بحاجة لمن يضمن له استمرار عمله، والخريج يبحث عن عمل والمريض يبحث عن علاجه والتاجر يبحث عمن ينقذه من الضياع. لذا أهل غزة يحبون الحياة كما ويتمسكون بهذه الحقوق دون أن تمس الثوابت والكرامة، وكلهم أمل بأن المقاومة تملك من الأوراق ما يجعل الجميع يوافق على فك الحصار.

رغم كل التحركات التي تهدف إلى الوصول لتسوية سياسية تُنهى حصار غزة إلا أن الواقع يبث اليأس. فالتضييق ما زال مستمرًا وعقوبات السلطة على غزة من جهةٍ أخرى ما زالت تزيد

والأنظار تتجه نحو القاهرة فجميع الأطراف هناك -حماس والسلطة والأوروبيين-حسب التصريحات الصهيونية التي تشترط أن يكون أي حل عبر إعادة السلطة إلى غزة، ولكن أعتقد أن الأمور ستنجح؛ لأن المجتمع الدولي يضغط لوضع حل لغزة. فالمتوقع في حال رفضت السلطة هو أن يتم تجاهلها والتوجه للاتفاق مع حماس بصفتها الحكومة الحاكمة والمسيطرة على غزة، فنحن أمام ساعات مفصلية تحدد واجهتنا القادمة ونأمل أن تكون واجهة الحل وتحقيق الطموحات.

ولكن باعتقادي أن الاحتلال يحاول ربط هذه المباحثات بالأسري ونزع السلاح، وهذا أحد الأسباب الرئيسية التي تقف عائقًا أمام نجاح هذه المباحثات. وأيضًا أعتقد أن الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس تتعاطى بإيجابية مع أي طرف يسعي لفك الحصار دون دفع أي ثمن سياسي أو ربط المسألة بالأسرى، كما تحاول بقدر المستطاع تجنب أي عدوان صهيوني على غزة، لكنها في ذات الوقت مستعدة لكل السيناريوهات المُحتملة.

رغم كل هذه التحركات التي تهدف إلى الوصول لتسوية سياسية تُنهى حصار غزة إلا أن الواقع يبث اليأس. فالتضييق ما زال مستمرًا وعقوبات السلطة على غزة من جهةٍ أخرى ما زالت تزيد من الطين بلة. والجديد على الساحة هو محاولة خنق غزة من خلال وقف خدمات الأونروا عن اللاجئين في خطوةٍ لم يسبق لها مثيل من أجل إنهاء قضية اللاجئين. وهذا ما تناولته وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة وكذلك أصبح دارج على لسان العامة بأنه خطواتٌ تمهيدية لفرض ضفقة القرن وجعلها أمرًا واقعيًا، وبالتالي يمكن أن تكون هذه الضغوطات هي محاولات لثني مواقف الفصائل والقبول بما يُعرض عليها حتى ولو كان أدنى من طلباتها.

وبعد أن نجح الاحتلال في خنق غزة والسلطة أصبحت بفرض عقوباتها اليد الأولى الضاغطة والمُساعدة للاحتلال مما جعل الطريق مسدودًا أمام الفصائل، فبكل تأكيد لن يتنازل هذا الاحتلال بسهولة عما يريده أو أن يمنح انجاز ولو صغير للفصائل الفلسطينية وكذلك لن يمنح طوق النجاة لحماس. وكذلك الأمر على الصعيد الآخر، فإن حماس والمقاومة لن تُفرط بسلاحها وأنفاقها مهما كلف الأمر من ثمن. فيا تُرى ما الذي تنتظره غزة! حربٌ أم حلٌ يحقق طموح وأماني شعبها.

نحن في الساعات الأخيرة أو دعني أقول إننا في مرحلة ما قبل العاصفة، وأن اشتداد الحصار هو للضغط على المقاومة ومحاولة جعلها تقبل بما هو مطروح على الطاولة
نحن في الساعات الأخيرة أو دعني أقول إننا في مرحلة ما قبل العاصفة، وأن اشتداد الحصار هو للضغط على المقاومة ومحاولة جعلها تقبل بما هو مطروح على الطاولة
 

وفي ظل التصعيد الأخير ومحاولة الاحتلال فرض سياسة جديدة ورفص المقاومة لفرض أي معادله جديدة، بات الاحتلال مُدركًا أنه من الصعب فرض معادلةً جديدة دون شن عملية عسكرية يكسر بها ذراع حماس. ولكن نأمل ألا ندخل حرب تدمر الأخضر واليابس؛ لأن الشعب لم يعد يستحمل حتى لو كان شعار الناس أننا صامدون إلا أن كل بيت أصبح فيه حكاية من اليأس والحزن بعيدًا عن شعارات الصمود والمعنويات العالية.

أخيرًا، الآن تجري المشاورات والمباحثات وفي نفس الوقت، المقاومة مُعلنة حالة الاستنفار القصوى والاستعداد للمرحلة القادمة مهما كلفها الأمر! وبنظري نحن في الساعات الأخيرة أو دعني أقول إننا في مرحلة ما قبل العاصفة، وأن اشتداد الحصار هو للضغط على المقاومة ومحاولة جعلها تقبل بما هو مطروح على الطاولة، والذي هو بنظر الفصائل غير كافٍ، لكن بإذن الله سنحقق انتصارًا بخضوع الاحتلال لطلبات شعبنا. أما إذا رفضها، فإننا سنكون أمام خيارات صعبة نسأل الله أن نتجنبها فالشعب أضحى لا يتحمل أكثر من ذلك. وفي النهاية أسأل الله تعالى الخير لشعبنا الفلسطيني المجاهد وأن نتوحد لنصبح اليد الأقوى في وجه الاحتلال، فالتوحد عنوان القوة والقهر للعدو.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.