شعار قسم مدونات

العلاقة بين المنشطات وثنائية ميسي ورونالدو!

blogs - رونالدو وميسي

في عام 1880، قام علماء ألمان باختراع عقار جديد ذو قيمة طبية جيِّدة يُسمى أمفيتامين، لكن حتى عام 1930 كانت استخداماته مُقتصِرة على علاج بعض حالات إصابات البرد، حيثُ كانت تُستخدم عن طريق الشمّ لتخفيف حالات الزُكام. وفي عام 1937، تمَّ إنتاج الأمفيتامين على شكل أقراص، يستخدمها الجنود المشاركون في الحرب العالمية الثانية للتغلب على النوم، ولم ينتظر الأمر طويلًا حتى ذاع صيتُه بين كلّ الأوساط.. حيثُ عُرفَ عقار الأمفيتامين بمفعوله المُقاوم للإجهاد والمُنشط للجهاز العصبي والعضلي.. فزادت مجالاتُ استخدامه كثيرًا.

وفي عام 1960، كانت أقراص الأمفيتامين مُنتشرة بشكل واسع لدى العُمَّال والسائقين.. وأقبل عليه الرياضيون لتحسين آدائهم، كما كان يُستخدم في علاج حالات السِمنة.. كان انتشار عقار الأمفيتامين هائلًا.. حيثُ كان يُستخدم تقريبًا في كلّ شيء.. لكن على الرغم من كل هذا النجاح تمّ إدراج العقار ضمن المواد الخطيرة التي لا يجب استخدامها دون إذن الطبيب، وفي عام 1970، تمّ حظر تداول عقار الأمفيتامين.. وأصبحت استخداماته مقصورة على علاج بعض الأمراض العصبية كمرض النوم القهري! لكن هل يُمكن أن تكون كلّ تلك المميزات التي يتمتع بها عقار مثل الأمفيتامين غير كافية لتحمّل الآثار الجانبية؟!

في عام 1902، قام العالم الروسي (إيفان بافلوف) بعمل تجربة تُسمى "الاستجابة الشرطية".. حيثُ استخدم أحد الكلاب لاكتشاف قدرة الكلب على التعوّد، وذلك بقياس كمية إفراز اللُّعاب أثناء الأكل، تزامُنًا مع صوت جرس بنغمة مُعيَّنة.. وبعد عدَّة مُحاولات، تم إجراء التجربة لكن دون وجود طعام.. وعند سماع الكلب لنفس نغمة الجرس أفرز الكلب نفس كمية اللعاب التي كان يُفرزها وقت الطعام! كانت نتائج التجربة مذهلة، حيثُ أثبتت أن الجسم بشكل عام قادر على التكيُّف والتعوُّد.

من أهمّ الأسباب التي أدَّت إلى حظر تداول المُنشطات رُغم كفاءتها في التأثير الإيجابي على الجهاز العصبي والعضلي، هي قدرة الجسم على التكيُّف أو التعود.. تلك الخاصية التي تجعل المُخ قادرًا على التعود على تغيُّر البيئات والأوضاع، وبالتالي يجعل الجسم في حالة مُلائمة للوضع الجديد، مما يجعله أكثر قدرة على البقاء حيًّا لفترة أطول.. هذا ما يحدُث عند تناول المُنشطات.. مادة الأمفيتامين المُنشطة هي مواد تُفرز من الجسم بشكل طبيعي، لكن بكمِّيات أقلّ بكثير من تلك التي تدخل الجسم عن طريق الحبوب.

على الرغم من أنّ أرقام ميسي في المونديال ليست سيئة، مُقارنةً بباقي اللاعبين فإنَّ ميسي قدَّم آداءً رائعًا من تسجيل وصناعة الأهداف والفُرص، لكن لماذا لم يُقنع هذا الآداء جمهوره؟!
على الرغم من أنّ أرقام ميسي في المونديال ليست سيئة، مُقارنةً بباقي اللاعبين فإنَّ ميسي قدَّم آداءً رائعًا من تسجيل وصناعة الأهداف والفُرص، لكن لماذا لم يُقنع هذا الآداء جمهوره؟!
 

الكميات الإضافية التي تدخل الجسم تجعل الجسم في حالة انتعاش ونشاط كبير.. وبعد فترة يتعوَّد الجسم على تلك الكميات، وتُصبح الكميات الضئيلة التي يُنتجها الجسم غير كافية لتجعل الجسم في حالة النشاط السابقة.. ليس هذا فقط، بل أيضا يُصدر المُخ تلقائيًا أوامرًا لإيقاف إفراز تلك المواد، حيثُ أن الكمية التي تأتي من الخارج أكثر من الحاجة.. وعند التوقُّف عن تعاطي المُنشِّط، تكون الغدد في حالة خمول، مما يعني أن حتى تلك الكميات الضئيلة لم تعُد تُفرز!! فيما يُعرف بحالة الإدمان.

كما يستخدم بعض الرياضيين المُنشطات لتحسين آدائهم، إلا أنها أيضًا يُمكنها تفسير ما يحدُث من هجوم الجماهير عند تدنِّي مُستوى بعض اللاعبين الكبار.. نشهد الآن حالة غريبة من حالات تسمم كأس العالم، حيثُ يُعد خروج جميع النجوم من كأس العالم ظاهرة غريبة نادرًا ما كانت تحدُث في السابق.. مما جعل البعض يصف لاعبين كبار مثل ليونيل ميسي الفائز بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم خمس مرات في آخر عشر سنوات، بعضهم وصفهُ بالمُتخاذل!

على الرغم من أنّ أرقام ميسي في المونديال ليست سيئة، مُقارنةً بباقي اللاعبين فإنَّ ميسي قدَّم آداءً رائعًا من تسجيل وصناعة الأهداف والفُرص، لكن لماذا لم يُقنع هذا الآداء جمهوره؟! هذا لأنّ الجمهور تعوَّد من لاعبين كبار مثل ميسي ورونالدو تقديم مُستويات خيالية تفوق الوصف، كما تفعل المُنشطات، وعند وجود بعض التراخي، يُصبح الجمهور غير قادر على التكيُّف مع الكُرة الطبيعية، يُصبح في عطش للمزيد من الكُرة الجميلة، التي تعمل بمثابة الجُرعة اليومية من المُنشط، التي تُبقي الجيم في مزاج جيِّد؟!

ثنائية ميسي ورونالدو أصبحت الأشهر في عالم كُرة القدم، حتى أن تسجيل الأهداف أصبحت عادة لا يُحمدون عليها، كما رأينا منهم المزيد، نُريدُ أكثر من ذلك.. كما أن الكوكايين والأمفيتامين من العقارات التي يُدمنُها الإنسان، فإنّ ثُنائية ميسي ورونالدو سحرٌ أدمنه عُشَّاق كرة القدم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.