شعار قسم مدونات

السياحة في الجزائر .. "404" نأسف لهذا الخطأ!

blogs السياحة باللجزائر

المتصفّح لمواقع التواصل الاجتماعي على غرار "فيسبوك" يصادف مئات الصفحات الخاصة بوكالات سياحية جزائرية منتشرة عبر أغلب ولايات الوطن، وما يلاحظ لا شك منشورات بالجملة تخص رحلات تشدّ رحالها نحو تونس، تركيا، المغرب، مصر أو بلدان أخرى، في حين تجد نادرا رحلات نحو مناطق سياحية في الجزائر، أغلبها باتجاه الجنوب قصد التمتع بمغيب شمس أو طلبا للاستشفاء من آلام العظام والكتفين بمياه جوفية.

وتشير آخر إحصائيات وزارة السياحة والصناعات التقليدية إلى أكثر من ألفي وكالة سياحية معتمدة في الجزائر، رقم يفوق نظيره ببلدان مجاورة بضعفين، في وقت تفقد فيه الحكومة كلّ سنة رهان التنافس على من يجذب ملايين السياح الأجانب إلى بلده، وأمام هذا الواقع يتساءل متابعون بنهم، بأي مِرفقين ستحتضن الحكومة موسم الاصطياف لسنة 2018 والذي افتتح قبل أيام فقط؟ وهل في جعبة وزارة "عبد القادر بن مسعود" برامج خاصة واستراتيجيات فعالة قد تنأى بالقطاع عن الضياع مجددا؟

من يمحّص ملامح المشهد كذلك يجد أن هناك عدة علل حالت دون الرقي بقطاع السياحة، نقص الهياكل والمنشآت السياحية رغم المجهودات لاستدراك التأخر، بالإضافة إلى ضعف تهيئة البنى التحتية لطالما كانت أبرز عوامل هدم أثرت سلبا على هذا القطاع الاستراتيجي، نذكر على نهج الذكر لا الحصر أحد أبرز المدن السياحية في تونس مدينة "الحمامات" والتي تتنفس بأكثر من 200 فندقا، كما تحوي المغرب أيضا قرابة 10 آلاف فندق على المستوى الوطني حسب آخر الإحصائيات الرسمية، في حين يصل المجموع الإجمالي لعدد الفنادق في الجزائر إلى قرابة 350 فندقا فقط، 80 بالمئة منها من فئة 3 نجوم أو أقل، ناهيك عن غلاء أسعار الحجوزات ومختلف الخدمات السياحية، عوامل بارزة أرغمت السائح الجزائري على تغيير وجهة عطلته خارج الجزائر، ففي السنوات الأخيرة تربعت تونس وتركيا على عرش قائمة الوجهات السياحية الأكثر طلبا لدى الجزائريين.

لا يمكن لأي سبب أن يبرر غياب أو تغييب تصاميم وخطط الكترونية تسوق بذكاء للإمكانيات السياحية "العملاقة" التي تزخر بها الجزائر

جانب آخر أسال حبر أهل الاختصاص، ففي مطلع السنة الجارية أدرجت الحكومة المرسوم الوزاري 17/161 القاضي بمنح رخص فتح وكالات سياحية لكل متحصل على شهادة ليسانس وفقط، دون أية مراعاة للتخصصات المتعلقة بقطاع الخدماتية، مستجدٌّ رفضه طلبة المعهد العالي للفندقة والسياحة كما نظموا وقفات احتجاجية تنديدا بالقرار، معتبرين أن طلبة المعهد أولى من طلبة آخرين لا يفقهون شيئا في التخصص، ما قد يرهن حسبهم قطاع السياحة ويضعه أدراج الرداءة والإهمال.

صور الإهمال التي تشوه واجهة المشهد السياحي في الجزائر تبرز في المعطيات آنفة الذكر، إلى ذلك لا يمكن أيضا لأي سبب أن يبرر غياب أو تغييب تصاميم وخطط الكترونية تسوق بذكاء للإمكانيات السياحية "العملاقة" التي تزخر بها الجزائر، وللتأكد يمكن لمتصفح موقع السياحة والصناعات التقليدية www.matta.gov.dz أن يكتشف بسهولة أن صلاحية الموقع انتهت سنة 2015، وحين تضغط على خانات "الخدمات الالكترونية"، "الصناعات التقليدية الجزائرية"، "مخطط العمل آفاق 2020″، وتبويبات أخرى في الموقع تجدها جميعا معطلة وتحمل الملاحظة المعتادة في العالم الرقمي "404"، أما حين تنقر على خانة "إحصائيات السياحة" فتجد ملفا واحدا يحصي سجل سنة 2014 فقط، فأين سجلات سنوات 2015، 2016، 2017 و2018 يا ترى؟ رغم أن مصطلح "رقمنة القطاع" لازم مرارا تصريحات وزراء الحكومة خلال السنتين الأخيرتين ونادوا تكرارا بضرورة امتطاء ركب الرقمنة كبقية دول العالم.

يعترف القاصي والداني والقريب والغريب وحتى الأعمى والأصم والأبكم بإمكانيات الجزائر -البلد القارة- وما تزخر به من مقومات سياحية فريدة وهائلة صالحة للاستغلال على مدار أربعة فصول كاملة، حقا لهي جنة ساحرة ووردة متفتحة على طول السنة، كل هذا لم يشفع لها أن تجد من يغازلها ويهتم بها، فإلى متى يبقى ما تجود به صحاري الجزائر من بترول وغاز يحجب عن أهل العقد والحل الاهتمام بالقطاعات الاستراتيجية التي يمكن أن تكون رافدا للاقتصاد الوطني وعلى رأسها قطاع السياحة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.