شعار قسم مدونات

الإصرار على الحياة.. أن تُهشّم لتظهر!

blogs ألم

تضعُنا الحياة دائما أمام خياراتٍ كثيرة وعقباتٍ أكثر نحتاجُ من خلالها لأخذِ نفسٍ عميق ونُقرر حيث تؤثر هذه القرارات على جودةِ حياتنا بشكل كبير، أحيانًا نختار المسار القصير لتحقيق الهدف، وأحيانًا نختار الصعب ولكننا حتمًا في دواخلنا نُدرك تمامًا أنهُ الأنسب لنا، منّا من لديهِ خطة زمنية ومنّا يريد تحقيق حلمهِ فحسب وجميعنُا نسير ونسير حتى نصل دون أن نُدرك ما أثر هذه الخيارات على جودةِ حياتنا، ما أثرُها على مستقبلنا القريب والبعيد لأننا لا ننظر بتلك الرؤية ثلاثية الأبعاد أو سباعية الأبعاد المطوّلة العميقة التي أخذها أهلنا وفقًا لتراكم خبرات الحياة التي تتضح على خطوط أجفانهم وتجاعيد يدهم، نقف ونجدُنا في منتصف طريق بحاجة لمن يُرشدنا فيه بعد أن صُقلِت شخصيتنا وبُنيت بشكلها الذي اعتدنا عليه.

في مراتٍ كثيرة كُنا نقف أمام أنفسنا كثيرًا حتى لا تُتعبنا التراكمات التي تنهالُ بأشكالها على أدمغتنا، نُريد أن نعرف تمامًا كيف لنا أن نُحسّن من جودةِ حياتنا الأمر الذي يتعلق تمامًا برضانا النفسي والعاطفي تجاه هذه الدُّنيا فترانا نذهب في مفترقاتٍ كثيرة كالعلاقات الإنسانية، صحتنا، إنجازنا وطموحنا، مجتمعُنا المحيط، أهدافُنا التي تطاردنا، حلم طفولتنا الذي يكبُر كل يوم، تجاربُنا المثمرة والفاشلة، ذكاء عاطفتنا وعقلنا سويًا، احتكاكنا المباشر بمن هم أعلى منّا في خصلةٍ ما أو أقل منّا في خصلةٍ ما، رائحةُ الكلام الطيب في حقنا والسيء أيضًا، وداعُنا لأحبتنا، شبح فراقنا الحتميّ أو الاختياري الذي نلمحهُ كثيرًا دون أن نراه وبقيةُ الكلام الذي لم يُكمل والصمت الذي ساد عنوًة بعيدًا عن أي صوت.

تُصادفنا الحياة بأفعالها، تارًة بأنها جديرة بنا وتارًة تتركنا نناجيها فنرى علاقتنا الإنسانية بمجتمعنا المُحيط تارة تتحسن وأُخرى تتدهور، تارًة تُبقينا على أكتافها وتارًة تُنزلنا منها.. فنقابل في حياتنا الأشخاص الجيدين الذين لا يتغيّرون معنا مهما مرّ الزمان علينا وأولئك السيئين الذين لا يقابلون إحساننا إلا بسوء لأن قلوبهم مليئة بنقاطٍ سوداء يذهب البياضُ منها فارًّا إلى قطعٍ أُخرى لا يعرفها وتبقى مجهولة عنه حتى يصل، أن يصل يعني أن يفتح الله بصيرتُه لتُذهب كل النقاط السوداء من أمامه فيتراءى لهُ الخير فقط وهذهِ في قصص الحياة قليلة لكنها تحدُث، والأهم أنها تحدُث فجأة! لذا سيكون من السيء إن عاشرنا أشخاصًأ هكذا وفقدنا إيماننُا بهم، فيتغيرون فجأةً للأفضل وتبقى قلوبنا مُعرضةً عنهم لا تراهُم مجددًا!

 

في كل مرةٍ تواجهنا فيها الحياة، نقف، نيأس، نتأمل، نُحبط، نتعلّم، نرى، أو تكون على أعيننا غشاوة، تقبلُنا الحياة أو ترفضنا، نجتاحها بحبٍ وشغف أو تتمرد علينا لكننا في النهاية نقف دون أن نُكسر
في كل مرةٍ تواجهنا فيها الحياة، نقف، نيأس، نتأمل، نُحبط، نتعلّم، نرى، أو تكون على أعيننا غشاوة، تقبلُنا الحياة أو ترفضنا، نجتاحها بحبٍ وشغف أو تتمرد علينا لكننا في النهاية نقف دون أن نُكسر
 

لأنني أتفق بأن بعثتنا ووجودنا في هذهِ الدنيا، رسالتنا التي نحملها هي رسالة حبٍ وسلام وكل شيء عداها يُنكرنا ويجعلنا بعيدين عن أي انسانية سترافقنا في مشوارنا، رسالتنا التي نُحب أن نؤمن بالله، الله الذي يغير في قلوب الناس واتجاهاتهم، الله الذي يعظُ الناس بمواقف كثيرة تجعلهم يراجعون أنفسهم ويدركون بأنهم على خطأ وأن الخطأ يُصّوب ما دام في حياة الإنسان النّقي بقية ولعلّي أرى بأن أكبر واعظٍ للناس وهم على قيد حياتهم وعلى قيد إنسانيتهم أيضًأ.. الفقد بشكلٍ عام والموت بشكلٍ خاص.

 

حينما يذهب شخص يعني لك الكثير، ترى الدنيا في عينيه ولا ترى نجاحاتك إلا به، لا ترى فرحُك إلا بسعادته فيذهب فجأة إلى يومٍ غير معلوم، الدرسُ الكبير في الفقد بأنه يعلّمنا كيف نحيّا مرًة أخرى بنظراتٍ ثاقبة إيجابية تبعثُ الأمل فينا لتحقيق ما تبقّى من أهدافنا، من طموحنا المعلّق على جدران حائط الأحبة اللائي يراقبوننا عن بعد ومن عالمٍ آخر، يشعرون بنا ويفرحون لإنجازاتنا الصغيرة التي نكبُر بها ولفشلنا المثمر الذي نراه أمامنا فننجح من عتبةٍ أخرى، نركُض ونركض ونركض حتى نصل بعد الفشل!

نلبسُ بعد فترة شخصية أخرى على الأغلب أنها أقوى، نقبلُها ونُحبها ونحبّ أنفسنا لأجلها لأننا نعرف بأن الدّنيا تُعطي مثلما تأخذ، تُبارك كما تُنقِص، تقرّب الجيد لتبعد السيء وتختار الموت أو الفراق بعناية لكي نكبُر، لكي تكبُر أحلامنا دون أن نتوب عنها! في كل مرةٍ تواجهنا فيها الحياة، نقف، نيأس، نتأمل، نُحبط، نتعلّم، نرى، أو تكون على أعيننا غشاوة، تقبلُنا الحياة أو ترفضنا، نجتاحها بحبٍ وشغف أو تتمرد علينا لكننا في النهاية نقف دون أن نُكسر، نقف بقلبٍ قوي يواجهها بصلابةٍ تعدُنا وتفي بأنها لن تُغادرنا مهما حيينا فنعش مرًة أخرى لنتذكر بأنه ما خاب من أودع لله شتات أمره!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.