شعار قسم مدونات

رسالةُ وعي من طفلٍ شهيد إلى العالم!

blogs محمد طارق يوسف

رسالةٌ من القلبِ إلى القلبِ، أرسلها معْ عصفورٍ فلسطينيٍ جريحٍ، طافت روابي الوطنِ وتلاله، حطّت على جبالِ الخليلِ، ثم واصلتْ الطريقَ صوبَ رام اللهِ ومرّت على غزّة ويافا والجليل، عبرت حواجزَ الاحتلالِ الإسرائيليِ، ثمّ شاهدَت عدوانَ الاحتلالِ الغاشمِ في الهزيع الأخير من الليل، يطرقون ببساطيرهم أبوابَ الآمنين في أزقّة الضفةِ والقدسِ، ثمّ يهاجمون العزّل ويعتقلون ما شاءوا من المكلومين والمجروحين. 

برقيةٌ أرسلها محمد طارق يوسف "17 عامًا" من قريةِ كوبر قضاء رام الله، تتلو بيانها على كلِ صامتٍ مكتوف الأيدي، يناظرُ المذابحَ الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في كلِ مكان وزمانٍ، تدقُّ مسامع العربِ والمسلمين، وتناشدُ ضمائر حيّة في زمنٍ ماتت فيه الضمائر، تدعوهم لإلقاء نظرةٍ يتبعها عملٌ على حالِ الفلسطينيين في ظل هجماتِ الاحتلالِ الهمجية على الأطفالِ والنساء والشيوخ، وعلى الاعتداءات الإسرائيلية في القدسِ والأقصى من تهويدٍ وقتلٍ وإعداماتٍ واعتقالاتٍ ومنعٍ من الصلاةِ وإقامةِ الحواجز والثكنات العسكرية، والتهام الأرض الفلسطينية بفكي الاستيطان وسرقة الأراضي.

التحية والمجد لمن دافع عن شعبه، لمن حمى عرضه، يقف الوطن إجلالًا لكم يا أبطال ولمن خان وطنه وباع أرضه، فلتسقطوا يا جبناء بعتم دم شهدائكم، ألا تخجلون على أنفسكم

بعد كل هذا الظلم الذي تعرض له الفلسطينيون، من قتلٍ وتهجيرٍ وسلب الأراضي بالقوة، ولا زال هذا الظلم قائمًا، والشعب الفلسطيني صامت لا يحرك ساكنًا ومنهم من يملك السلاح وهو جالس يشاهد المذابح، هذا هو الخائن بحد ذاته" هذه الكلماتُ تلاها ابن الضفة المحتلة "محمد" لتكون حجة على متخاذل بحق المظلومين والمذبوحين بسكين الاحتلال المجرم، دعوةُ حقٍ للانتفاض على الإجرامِ والظلمِ والهمجيةِ الإسرائيلية. 

يا من تملك السّلاح ويا من تملك الرصاص، تذكر أن هناك عدو لتضع رصاصاتك في جسده، لا في جسد شعبك" يتابعُ "محمد"، هي دعوةٌ لتوحيدِ الجهودِ المقاومة نحو الاحتلال الإسرائيلي، ومقاومته بكل الوسائل المتاحة، والثأر للشهداءِ والجرحى والمعتقلين والمهدمة بيوتهم. تذكر أن الأطفال في غزة يعانون أشد المعاناة ونساءه ورجالهم، لكي يحموا عرضهم، لكي يرفعوا صوتهم" لم ينس "غزة" المحاصرة المعاقبة، التي تعاني من ويلاتِ الحصار والدّمار والمؤامرات، فأبى إلا أن تكون ضمن رسالته الأخيرة قبل الانطلاقِ للعملية والانتقام من الاحتلال.

التحية والمجد لمن دافع عن شعبه، لمن حمى عرضه، يقف الوطن إجلالًا لكم يا أبطال ولمن خان وطنه وباع أرضه، فلتسقطوا يا جبناء بعتم دم شهدائكم، ألا تخجلون على أنفسكم، شعبكم في غزة والقدس يقاوم، وأنتم ماذا تفعلون، تحاولون إسكات هذه المقاومة، لقد حان وقت وعليكم لقد حان" هذا الفتى الفلسطيني العظيم المجاهد المقاوم الثائر، لديه وعيٌ كبيرٌ يملك ما لا يملكه الكثيرون، يدعو للوعي وأي وعي، إنه الوعي المقاوم لنكثف مقاومتنا وجهدنا نحو هذا المحتل الإسرائيلي المجرم، وتوحيد البنادق والرصاص نحو صدور من قتلوا أبناءنا ونساءنا ودنسوا مقدساتنا واحتلوا أرضنا، ومارسوا أبشع الجرائم بحق هذا الشعب الفلسطيني.

undefined

استلَّ سكينَ المجدِ وانطلق بكل جرأةٍ وحماسةٍ، وفي نفسه حكايات كثيرةٌ، تروي آلام الشعب الفلسطيني، وتحكي لكل العالم ماذا فعل الاحتلالُ بنا، وكيف قضى على الطفولة الفلسطينية، وقتل الحلم الفلسطيني بالعيشِ آمنا مطمئنًا، وكيف قصف غزة واعتقل في الخليل وأعدم في القدس، وواصل اعتداءاته في رام الله، وأقام حاجزًا عسكريًا مُذلًا في نابلس، واعتدى على المرابطات في باحات المسجد الأقصى، وهدّم بيوتَ الفلسطينيين في النّقبِ!

ثم يراودنُا سؤال، ما الذي يدفع فتى فلسطينيًا في عمر الزّهور، لاستلال سكينه وطعن المستوطنين، هل هي كميّة القهرِ الذي تضربُ معاقل القلبِ وأزقة الرّوح وشوارع الذاكرة، ما الذي رآه في فترة عمره القصيرة، من همجية الاحتلال وظلمه وعدوانه، إنه الحقدُ الدفين الذي زرعه الاحتلال الإسرائيلي في صدورِ الفلسطينيين، الذي ينتظرون أي فرصةٍ للانتقام، والموتُ بعزةٍ وكرامةٍ وشرف، أفضل من حياةِ الذلة والمهانة! فهل تصلُ هذه الرّسالةُ إلى مسامعِ القياداتِ والعربِ والمسلمين، وتلقى تضامنًا أو حلًا أو وقوفًا أو مساعدةً أو أملًأ، ويلجموا الاحتلال الإسرائيلي المجرم، أم أنّ التطبيع والتمييع سيستمرُ، في ظلّ التهافت لطلب ود "إسرائيل" و"الولايات المتحدة الأمريكية"؟!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.