شعار قسم مدونات

قتّلوا أطفالهم وشُبَّانهم.. واستحيّوا شيوخهم!

مدونات - امرأة حامل أطفال مسلمة أم
يحدثنا التاريخ أن ملأ فرعون وسحرته -"مراكز الدراسات عنده"- كانوا قد أخبروه بأن غلاما لبني إسرائيل سيولد، وأنه سيكون سببا في هلاك فرعون وذهاب ملكه؛ فكانت استراتيجيته في مقابلة هذا الحدث تقتيل المواليد الذكور والإبقاء على البنات. ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(1)
  
الخطر القادم على الغرب من بطون النساء!

فكما سحرة فرعون في الماضي فإن مراكز الدراسات والمفكرين في الغرب في عصرنا يتنبؤون بأن النمو الديموغرافي في العالم الإسلامي سيقوي روح المقاومة ضد هيمنتهم على قرار ومقدرات المسلمين، وأنه سيهدد قريبا سيطرتهم على العالم. يقول المستشرق الألماني باول شمتز: «تشير ظاهرة النمو السكاني في أقطار الشرق الإسلامي إلى احتمال وقوع هزة في ميزان القوى في العالم كله»(2). أطال صموئيل هانتنجتون في تقصي هذه الظاهرة وتحليل أثرها على مستقبل العالم الإسلامي السياسي وعلاقاته مع العالم الآخر؛ قال: «يهدد النمو الديموغرافي الحكومات الإسلامية والمجتمعات غير الإسلامية»(3)

  
من يريد نشر الأوبئة والأمراض الفتاكة طبيب كان قد تبوأ منصب نائب رئيس منظمة "أطباء بلا حدود"! وأن من يريد نشر المجاعات هو ناشط في حقوق الإنسان كان قد ترأس منظمة "العمل ضد الجوع" الإنسانية

كذلك لم يغفل الرئيس الأمريكي السابق نيكسون هذا الموضوع؛ قال: «إنّ الناس في العالم الإسلاميّ مرشحون للثورة. إنّهم صغار وشبان: وما يزيد على 60 بالمئة تحت الخامسة والعشرين من العمر»(4). بحسب هانتنجتون ترافقت هكذا نسب للشباب والأطفال دائما مع ثورات. في دراسة أصدرها معهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، ترتكز أهم خطوطها على التحولات الديموغرافية السكانية، جاء فيها: «الأجيال الشابة الجديدة تتميز بوعي سياسي وطني متصاعد، يرفض التدخل الخارجي، ويقوي روح المقاومة ضد الشمال وذلك يمثل أكبر تحد للوضع الأمريكي في الشرق الأوسط خلال القرن الجديد». كما أجرى مركز الدراسات الاستراتيجية في وزارة الدفاع الأمريكية سلسلة من الدراسات، انتهت إلى: «إن الزيادة المضطردة في النمو السكاني لدول العالم الثالث يهدد بصورة مرعبة المصالح الاستراتيجية الأمريكية بصورة مباشرة». بل بلغ الأمر أكثر من ذلك عند الكاتب والشاعر الألماني هيلموت تسوت: «نعيش اليوم الحدث التاريخي لموجة الانفجار الشديدة الثالثة للإسلام، التي تأخذ شكلًا آخرًا لممارسة الحرب (الهجرة-التكاثر-الإرهاب)»(5). الملفت للنظر أن يعتبر الكاتب الهجرة شكلا من أشكال الحرب! والأغرب منه اعتباره تكاثر المسلمين ممارسة للحرب!! ويناءا عليه فقد اضطر الغرب الحرب!

  
الحرب ضد الأطفال في بطون أمهاتهم!

أوصت الدراسة التي أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية في وزارة الدفاع الأمريكية بالآتي: "يجب على الولايات المتحدة أن تبذل الآن جهوداً كثيرة لوقف النمو السكاني للعالم الثالث بقدر ما تبذله الولايات المتحدة من جهود في إنتاج الأسلحة الجديدة المتطورة".  فأُجريت لذلك -إيقاف النمو السكاني- دراسات وعُقدت في سبيل تحقيقه نداوات ومؤتمرات:

ـ المؤتمر العالمي الأول للسكان، المنعقد في بوخارست 1974م.
ـ المؤتمر الدولي المعني بالسكان، المنعقد في مكسيكو 1984م.
ـ مؤتمر الأمم الدولي عن السكان والتنمية، المنعقد في القاهرة 1994م.
ـ المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، المنعقد في الولايات المتحدة 2014م
    

  
وغيرها من المؤتمرات التي كانت توصي بالضغط لتحديد النسل، ومحاربة الزواج المبكر، وعلى منع الحمل والإجهاض. يقول باتريك بوكنان: «مفارقة المفارقات.. اليوم يضغط غرب مسيحي مسن يموت على العالم الثالث والعالم الإسلامي ليقبل منع الحمل والإجهاض والتعقيم مثلما فعل الغرب»(6). في مذكرة الأمن القومي التي كتبها عام 1974 يعتبر هنري كيسنجر: «الإجهاض استراتيجة جيوسياسية»! «وأن النظر الذي يعتبر التنمية الاقتصادية حلاً للمشكلة السكانية، نظر يهدد الأمن القومي الأمريكي»!‏ فالقضية عندهم قضية أمن قومي، ووجود هؤلاء البشر على هذه الدنيا يهدد هذا الأمن القومي!
 
حرب الأطفال خارج بطون الأمهات!
بعد أن فشلت إستراتيجية كيسنجر الجيوسياسية؛ بدأ التنظير والتخطيط للاستراتيجية الجيوسياسية الفرعونية؛ يقول السياسي الفرنسي جان كريستوف روفان: «إذا لم ينجح الغرب في التنظيم الديموغرافي لدول الجنوب عن طريق التنمية والتخطيط العائلي، فلا مانع من أن يلجأ إلى طرقٍ وحشيَّةٍ تكون خاصَّةً بالجنوب فقط ولا يُسمح بها في الدول المتقدِّمَة؛ فما دمنا فشلنا في مراقبة وتنظيم الزيادة الديموغرافيَّة، فلماذا لا نترك الكوارث الطبيعيَّة تفعل فعلها؟.. مثل: الحرب، والمجاعات، والفيضانات، والزلازل، والأوبئة -وخاصَّةً السيدا- لتتكفَّل بالقضاء على الفائض الزائد من السكَّان في الجنوب»(7).
  
يكفي أن يعلم القارئ أن هذا الكلام اللجوء إلى طرق وحشية للتخلص من الفائض الزائد من السكان خرج من أديب حائز على عدة جوائز أدبية!، وأن من يريد نشر الأوبئة والأمراض الفتاكة طبيب كان قد تبوأ منصب نائب رئيس منظمة "أطباء بلا حدود"! وأن من يريد نشر المجاعات هو ناشط في حقوق الإنسان كان قد ترأس منظمة "العمل ضد الجوع" الإنسانية، وأصبح أحد أعضاء اللجنة الفرنسيّة لـ "هيومان رايتس واتش!! والعجيب كيف أنهم أشركوا العالم كله في هذه الحرب ضد المسلمين؛ من تركستان الشرقية مرورا بأفغانستان والعراق وسوريا إلى مالي، ومن بورما إلى جنوب أفريقيا؛ «عولمة الفوضى بعد عولمة رأس المال، وعولمة الموت بعد عولمة التجارة»(8)؛ كما يقول أحمد عز
   
هذه هي حقيقة الحروب التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم: إنها عمليات إحلال ديموغرافي مدروسة ومنظمة للعالم الإسلامي، حرب موجهة لاستئصال -"الخطر القادم المهدد لحماة حقوق الإنسان والحيوان"- أطفال وشباب المسلمين.

___________________________________________________________________________________________________
المراجع:
1- القرآن –(القصص 4 )
2- الإسلام قوة الغد
3- صدام الحضارات
4- انتهزوا الفرصة
5- مستقبل أوروبا
6- موت الغرب
7- الإمبراطورية والبرابرة الجدد
8- عصر انحطاط الإمبريالية

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.