شعار قسم مدونات

الطالب المذنب والضحية!

مدونات - طالب مكتبة لابتوب

ﺇﻥ المتأمل في واقع البحث العلمي في الوقت الراهن يلاحظ أنه ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺼﻮﺭة ﻛﺒﻴﺮة ﺑﻨﻤﻄﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ فما لاحظته خلال نهاية الموسم الجامعي من تناثر البحوث الجامعية هنا وهناك وإعادة صياغة وتكرار ما كثب سلفا وتواصلي مع إخواني الطلبة خاصة في سنوات الإجازة، الذين ينبغي أن نربي فيهم كل موهبة وكل ملكة خلال فترة الاشتغال على بحث الإجازة ليكون نضجهم العلمي مبكرا وحسهم العلمي جد عالي، فهذا الوضع يشير إلى هشاشة ورداءة البحت العلمي وضعف الاهتمام به واستمراره في نسقه المتدني سنة بعد سنة، وﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍلاﻧﺤﺪﺍﺭ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ.

  
وبالحديث عن حال الطالب في هذا الوضع ألاحظ أنه ضحية من جهة ومذنب من جهة أخرى، فمنذ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ، ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﺮﺝ، ﻭﻓﻲ ﺃﻏﻠﺐ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻨﺎ؛ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻣﺴﺎﺭﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻲ ﻣﺴﺎﻕٌ ﺃﻭ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺂﻟﻴﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻭﺃﺳﺴﻪ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ، ﻭﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺔ ﺑﻴﺎﻧﺎﺗﻪ، ﻭﻭﺳﺎﺋﻞ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺗﻮﺛﻴﻘﻬﺎ لأن أﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻠﻘﻴﻦ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﻲ أغلب ﺃﺭﻭﻗﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ، ﻭما زال هم الحصول على الدبلوم فقط هو الشغل الشاغل لأغلب الطلبة، ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳُﺜﻴﺮ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻭﺑﺤﺜﻴﺎً، ﻭﺗﺪﻓﻌﻪ ﻷﻥ ﻳُﺨﺮﺝ ﻣﺎ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺎﺕ، ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ الترقب أو الإحباط ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳُﺼﺎﺏ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﻫﻮﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﻈﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﺨﺮﺝ.

  
فيدفعه ذلك ربما ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺭٍ ﺫﺍﺗﻲ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ، لماذا ﺃﺗﺤﻤﻞ ﻣﺸﺎﻕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ؟ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﺳﻴﻮﺿﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻮﻑ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ، أو ﺳﺄﻧﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﺷﻬﺎﺩﺗﻲ ﻷﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝٍ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺭﺳﺘﻪ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺪﻓﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻕ بالكلية ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕٍ ﻣﺎﺩﻳﺔٍ ﻭﻭﻇﻴﻔﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.

   

على الطالب أن يبذل ما بوسعه لتحسين مستواه لأنه بولوجه إلى الجامعة لم يعد يقتصر دوره على التلقي ورد البضاعة فقط بل إن دوره الحقيقي يكمن في البحث والتنقيب وتحليل ما تلقاه

ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﻻﻛﺘﻈﺎﻅ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﻧﺖ ﻭﻻﺯﺍﻟﺖ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﺧﺼﻮﺻًﺎ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺡ ﻟﻠﻤﻮﺍﺳﻢ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ، وعدم مواكبة بعض الاساتذة للبحوث والقيام بالتأطير اللازم ولن أبالغ إن قلت أنه ﻗﺪ ﺗﺼﺎﺏ ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺟﻠﺴﺎﺕ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ، ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕٍ ﻣُﻌﺪ ﻣُﺴﺒﻘﺎً ﻭﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ خاصة إذا طغت المصلحة بين الطالب والأستاذ الجامعي، فيكون في هكذا أوضاع التركيز على ولائم وحلويات المناقشة بشكل أكبر بذل التركيز على جودة المنتوج العلمي، ﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﻔﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺨﺬﻫﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﺍﻷﺟﻼﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻮﺟﻪ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺍﻟﺠﺰﻳﻞ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻋﻢ الحقيقي للاستمرار في ما يقومون به خاصة التشجيع من طرف الطالب ذاته عن طريق التفاعل مع الأستاذ وقبول ما يوجهه لهم الأستاذ من انتقادات لأن بعض الطلبة أيضا عندما يصادفون أساتذة يركزون على المنتوج العلمي المقدم ويقيمون كل شاردة وواردة في البحث المقدم يضيق صدر الطلبة بذلك خاصة المتلهفون للحصول على "الكارطونة".

 
ﻟﻜﻦ، ﻭﻭﺍﻗﻌﻴﺎً؛ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻻ ﻳُﺒﺮﺭ ﻟﻠﻄﺎﻟﺐ تهاونه ومساهمته في تدهور وضع التعليم الجامعي بشكل عام وجودة البحث العلمي على وجه الخصوص بل عليه أن يبذل ما بوسعه لتحسين مستواه لأنه بولوجه إلى الجامعة لم يعد يقتصر دوره على التلقي ورد البضاعة فقط بل إن دوره الحقيقي يكمن في البحث والتنقيب وتحليل ما تلقاه من معلومات، خاصة في ظل توفر كل الظروف والمقومات والمحفزات التي تجعله قادرا على إخراج منتوج علمي في المستوى، فالمراجع على مختلف تلويناتها موجودة بشكل كبير، وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في مشاركة العديد من البحوث العلمية ونشرها لعموم الطلبة، وغيرها من المؤشرات التي تجعل بعض الأقاويل التي تدعي نذرة المراجع أو عدم مواكبة الأستاذ للبحث في كل وقت وحين سببا في عدم إخراج بحث علمي في المستوى، حتى وإن كانت صحيحة إلى حد ما.

 
قد أكون بهذا المقال تجرأت على مناقشة موضوع معقد وشائك تتداخل فيه العديد من الأسباب، خاصة مع قلة تجربتي في هذا المجال، ولربما قد أكون من صنف الطلبة الضحايا من جهة والمذنبون من جهة أخرى، لكن ما أنا متأكد منه هو أن ما ذكر سلفا يجعل الطالب الجامعي ضحية وضع البحث العلمي المتأزم من جهة، ومذنب نتيجة تهاونه في كثير من الأحيان من جهة أخرى، وهو ما يعرقل التقدم واعتلاء سدة الحضارة العلمية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.