شعار قسم مدونات

سافر مع كل كتاب تقرأه

blogs - قراءة

أمسك آخر كتاب قرأته أود تصنيفه في مكتبتي بعنوان العميل السري لجوزيف كونراد، فأقوم بعملية حسابية سريعة لمجموع قوائم الكتب الموجودة لدى، فأجد مائتان وثلاثة وثلاثون كتاباً، متنوعة المواضيع: فمنها الروايات الأجنبية، العربية والفلسطينية، ومنها كتب علوم الإدارة و الاقتصاد والتنمية، وكتب الطاقة، وطبعاً لا ننسى كتب التنمية البشرية المشهورة.  

  

فأعود بالزمن قليلاً فأذكر جيداً أول كتاب قرأته في حياتي، أحضرته أمي كهدية في عطلتي الصيفية بين الصف السادس والسابع، وأذكر أنه تحت عنوان قصص من القرآن الكريم، قرأت صفحاته بسرعة ونهم وبمتعة كبيرة بالرغم من انه كتاب كبير الحجم، وتأثري الشديد بهذه القصص جعلني اكتشفت حبي وعشقي للقراءة، ومن هنا بدأت حكاية حبي لمطالعة الكتب واقتنائها.

 

كان دارجاً في ذلك الوقت ثقافة الاشتراك بالمكتبات العامة وليس اقتناء الكتب كما الآن. في الصف الثامن انتسبت لمكتبة رام الله العامة وبعدها بأعوام انتسبت لمكتبة البيرة، استمر تنقلي بين المكتبات حتى عامي الرابع والعشرين، أي ما يقارب 10 أعوام وأنا أتصفح الكتب وأقرأها في المكتبات العامة، حتى أنني لا أذكر عددها.

 

أكثر الكتب التي أشعر أن عقلي يمقتها هي التي تتحدث عن امرأة ضعيفة تعيش تحت رحمة قلبها، ولا تمتلك أدنى قوة لمواجهة مصاعب الحياة الحقيقة، هذه النوعية من السموم التي تؤثر بشكل سلبي على المراهقين تحديدا

كان أمين المكتبة هو من يقترح علي الكتب الجيدة، ولأني أحب الإطلاع على الكثير من المجالات تنوعت قراءتي ولم تعد محددة فقرأت في الرواية، والكتب العلمية، والثقافية، والفلسفة، والأديان، ومع الوقت كبر حبي للقراءة وكأنه نبتة اسقيها يومياً، وبدأت مرحلة شراء واقتناء الكتب، ومن ثم تصنيفها ووضعها ضمن قوائم منفصلة حسب المواضيع لأتمكن من الرجوع إليها بسلاسة.

 

كيف أختار كتبي: في الروايات تحديداً وفي بداياتي كنت اختار اسم كاتب معين وأبحث عن مجموعة إصداراته ثم أراجع التقييمات المنشورة على موقع goodreads واختارُ أفضل كتب له بناء على هذه التقييمات. أما في المرحلة الحالية فإني أتابع دور النشر أولا بأول وأقرأ التحليلات والتقييمات المتعلقة بمعظم الكتب الصادرة، وبناء عليها اختار. وفي المواضيع الأخرى كالتنمية والعلوم الإدارية والاقتصادية والتغذية فيجب أن أطالع فهرس الكتاب واقرأ قراءة سريعة لبعض من النصوص لان اختياري للكتاب يعتمد على أسلوب الكاتب وبساطة ووضح لغته.

 

أما لماذا أقرأ ؟!

قال كريستوفر باوليني "الكتب أصدقائي، هي تجعلني أضحك وأبكي وتدفعني لأجد المعنى في الحياة." فكلما قرأت كتاباً كلما وجدت أصدقاءً جدد، أسافر معهم من واقعي الى حقبتهم وزمنهم، أعيش تفاصيل حياتهم وتجربتهم بكل مشاعرها، وينعكس هذا على شخصيتي وحياتي فأزداد حكمة ومعرفة. ابدأ بالقراءة فيداعب الكتاب قلبي ويزيل مشاعر الحزن والألم، وتسيطر الحكايات على أفكاري وتكوين مشاعري.

 

عزيزي القارئ عندما تتنوع في قراءاتك تصبح أكثر نضوجاً و أكثر خبرةً وتنويراً، أعتقد أن التنوع من أهم الخطوات التي عليك إتباعها، بمعنى أن لا تقرأ الروايات فقط، اقرأ في علم الاجتماع والثقافة، وعلوم الإدارة والتغذية والخ. اقرأ لكل من أحدث ثورة فكرية، لكل من قدم إنتاجاً فكرياً أدبياً، ولا تبخل على نفسك بتطويرها، مثلا اقرأ لعلي الوردي كي يحدث نقلة نوعية ونضوجاً في تفكرك، اقرأ للدكتور مصطفى محمود لترى نور ديننا الجميل،لأمين معلوف لتعلم معنى اللاحدود، اقرأ لطه حسين، لربيع جابر، للدكتورة خولة حمدي، لمنذر قباني، لحنا مينا، لإلياس خوري، لإحسان عبد القدوس، لعبد الرحمن منيف، لجبرا جبرا، لامبرتو ريكو، لعباس محمود العقاد والكثير الكثير ممن سيتركون في حياتك بصمة وتأثيراً.

  

وعليك الحذر من الأفكار المطروحة في بعض من الكتب والروايات، وأن تفكر جلياً برسائلها، فهناك من يحاول بث أفكار سامة ويحاول التأثير على القارئ ومعتقداته بطريقة سلبية منافية لحياتنا الاجتماعية.

 

ويجب أن نسلط الضوء على وسائل التواصل الاجتماعي التي اجتاحتها موضة القراءة مؤخراً فأصبح الناس يتهافتون ويشترون الكتب ويتنافسون على نشر هذه الصور والتباهي بأنهم مثقفين وقراء وهذا أمر جميل لا ضرر فيه، ولكن انزعاجي يكمن في التهافت على الروايات الرومانسية المشهورة ركيكة المحتوى والمضمون التي تترك أثراً سلبياً على القارئ.

 

أكثر الكتب التي أشعر أن عقلي يمقتها هي التي تتحدث عن امرأة ضعيفة تعيش تحت رحمة قلبها، ولا تمتلك أدنى قوة لمواجهة مصاعب الحياة الحقيقة، هذه النوعية من السموم التي تؤثر بشكل سلبي على المراهقين تحديدا،ً لماذا لا نكون حذرين في كتاباتنا؟! وأن نزرع ونؤسس جيلا من الشباب قوياً وصلباً يستطيع مواجهة الحياة.

 

وفي الختام وفي نهاية هذه الكلمات لا أنصحكم بقراءة الكتب الالكترونية لأنكم لن تعيشوا العلاقة المتينة مع الكتاب ومع رائحته الساحرة، اقتنوا الكتب الجيدة التي ستؤثر على مسار حياتكم وعلى عقلكم، وتجعل منكم أشخاص منفتحين فكرياً على كل ما هو جديد وجيد، وأنا أجزم أنكم مع كل كتاب تصادقونه سينقل تفكيركم الى مرحلة النضوج والحكمة بسرعة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.