شعار قسم مدونات

الممرض بالمغرب.. بات حلقة في أذهاننا!

blogs الممرض العربي

عجزت أوضاع الدولة المغربية تحلية العسل بالسكر، وإيقاف منبه الساعة الباكرة بالإصبع، هكذا وزارات توافدت واحدة تلو أخرى، حفير أنواع شتى تضمر كائنا فعالا في منظومة شبه بغير صحية، كائنا ربما يود لو كان اسم وزارة باسمه، كائنا حتى وإن بات ضيقا مستبعدا من شارات مستبدة متهطلة، إلا أنه لبنة من لبن أكبر من أساسية في موضع قوة وموقف نصرة، بعيون جفينة صعيقة بوزارة كننت بدجاجة في دولة جير جبينها المغرب.

تمهنت التمريض في أشهر قليلة، بل في أيام معدودة برؤوس أصابع، وكان نتاجا الإدلاء بواقع مرير لم أعد العدة لحسبانه يوما، واقع يودي بحلم في هاوية بحرية في أسر بقيع، وبمكانة تجردت بتجرد زهور الربيع، وكأن انتظار الخريف لتزهر وروده يجدي نفعا، التمريض الذي حاز نفوسنا، واستنبطنا حياة أخرى بوجوده، ممرض وممرضة، معناه في المغرب أن كل المهن متجسدة في كينونتك، أداخل مستوصف قروي أم حضاري كنت، أم داخل مستشفى إقليمي أم جهوي أم جامعي تعمل، تضل أنت الحلقة الشبيكة والملجأ الأول للمواطن، يستعينك، يستنجدك ثم تعالجه من دماء سيلت من كل جلوده، ومن أوجاع تجذرت كل أمعاءه، فيبتزك بشكر يحمل اسم طرف آخر في منظومتك الصحية، كأنك لم تقدم له وزن شعرة في علاجاته، التي على أناملك يديك كونت وبإرادة الله تممت.

يتعايش الممرض المغربي مع استهثارات متتالية من حكومة ووزارة غير صحية، تعاقبت وتباينت وزارات شتى والوضع نفسه متكرر، لا تعويضا عن الأخطار لائق بحداقة الخطر به، لا هيئة قانونية تصنف كفاءات مهنته، لا معادلة علمية وإدارية كاملة تعادل دراسات أخرى من التعليم العالي، غير فتاكة حاله وجعله محور حلقة مفرغة لا منتهية. يخدم جبالا عالية في رياح عاتية، في سفوح وهضاب، وسط حشرات وحيوانات، بمفرده والله بصحبته، في خضم أمراض متنقلة كثيرة، كالسل الذي أضحى مثل السلام في الدواوير، الليشمانيا التي حلت كالأمطار، حمى المستنقعات التي لم تسلم من وجودها، وأمراضا جلدية متنقلة وهلم جر، خطر جاسم يعتري تفاصيل مهنته وتراتيب حياته، في حين أن التعويض عن الأخطار يكون أبخس من ثمن حفنة ملح. ما يهز النفوس تعويضات عارمة لفئات أخرى من نفس المنظومة أقل وأهزل خطرا من الممرض.

مهنة من أنبل المهن وأسماها، وجودها بوفاض خالية من قانون وإنصاف في الأخطار، يجعلها محطة أنظار كل من سولت له نفسه هتكها، فيهتكها ويزج بالممرض في غيابات اللا حماية

يستشهد الممرض المغربي بقانون يحمل 58 سنة في عمره، بعد إصدار له في ستون وتسعمائة وألف (1960)، في طياته ما وجد للممرض المجاز من الدولة أو الحائز على الماستر أو الدكتوراه سبيلا لواجباته وحقوقه بينه ومرضاه وبينه ونفسه، فما فتئ أن كان فريسة بطعم لا نظير لها للشكايات والنزاعات، وما كان للقانون أن ينصفه في ذات مرة أو مرات نظرا لعدمية مرجع ومصدر يستند إليه، كثيرا ما يكون بين مطرقة وسندان، أبه يعمل ما يستلزمه المريض تجاهه من تقنيات خارجة عن إطار قانونه السالف الذكر، أم يستعصم ويصبح في هباء منثور من حدث ولا حرج.

يزاول عملا محبوسا بأنفاس، فيخرج ويتفوه عاليا بقانون ينظم كفاءاته، وبإنصاف في تعويض لائق بالأخطار التي يلاقيها مواجها، فتتذمر ككل مرة الوزارة الدجاجة وتحول دون تحقيق مطالبه المشروعة، فعادة ما تتجه صوب اقتطاعات متتالية، والممرض لها لا يأبه، مؤمنا بوضعية أكثر استقرارا تؤمن حياته المهنية والشخصية. من للقانون المنظم للمهنة لم يعترف، فليجرب ان يتيه وسط غابة دون بوصلة أو وسط يم دون غواصة، كذلك العمل دون هيئة منظمة.

شغف الممرض مرضاه، وشغف المريض ممرضه، ثنائي لا يجزم تجزيئه، لا جرم أن الصحة دون الممرض لها وقوف محتوم، ودون فئات أخرى لها استمرار مجزوم، ملائكة الرحمان والرحمة على الأرض وضعت، تلبية حاجات المواطن غرضه. تشهد العلاجات التمريضية بالمغرب تطورا، بعد إحداث المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، بأسلاكه الثلاثة الإجازة، الماستر والدكتوراه في أواخر ثلاثة عشر وألفين (2013)، إذ أن الحزين في الأمر أن شعبة ماستر وحيدة توجد "البيداغوجية"، كأن ما على الممرض فقط هو تعليم أخيه الممرض الجديد، لا الاتجاه نحو تخصصات أجل وأسمى من "الأنكولوجيا" و"العلاجات الاستعجالية" إلى غيرها.

ضيق كبير يحتسيه في فنجان ممزوج بتسيير وتدبير ناقص وفارغ الجوانب، مهنة من أنبل المهن وأسماها، وجودها بوفاض خالية من قانون وإنصاف في الأخطار، يجعلها محطة أنظار كل من سولت له نفسه هتكها، فيهتكها ويزج بالممرض في غيابات اللا حماية، مع السلطات والقوانين المغربية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.