شعار قسم مدونات

كيف تهيئين طفلك للتعامل مع المولود الجديد؟

blogs طفلين

قد يعتبر بعضنا أن الوحدة أمر مزعج، لكنها تشكل متعة حقيقية في عالم الأطفال، هذا العالم الذي يتغذى حبا وعطفا واهتماما، ويرفض من يشاركه جزئية بسيطة منها. لكن، ماذا يحدث حين تقع المشاركة فعلا، ويحل على الأسرة طفل جديد؟! تشعر الأم الحامل عادة بقلق لخوفها مما قد تحدثه الغيرة بطفلها الأكبر من جراء وجود طفل جديد في الأسرة، فتراها دائما تتساءل عن كيفية إعداد الطفل الأول نفسيا لاستقبال الخصم الجديد!

لا شك أن عمر الابن الأول له تأثير كبير في تقبل الوضع أو رفضه، لكن، نتوقع من هؤلاء الأطفال نوعا من التفهم أو التقبل لانضمام فرد جديد للأسرة، ونشعر بضرورة التحدث إليهم في هذا الموضوع، تمهيدا لتهيئتهم للتغير الذي سيحدث في البيت، وغالبا ما نجدهم مضطربين عاطفيا، قلقين، خاصة حين يصبح الوضع حقيقة ملموسة أمام أحدهم.

زيارة للمستشفى لرؤية المولود الجديد

قد يعبر الطفل عن رغبته في زيارة أمه في المستشفى، وهذا حق لا نستطيع هضمه إياه، لكن هذه الزيارة ستكون مهمة جدا، فعليها سيبني الطفل كثيراً من الأفكار.. لذلك يتوجب على الأم والأب أن يكونا مستعدين تماما لهذه الزيارة، متجنبين للمخاطرة غير الضرورية التي قد ينتج عنها شعور بالغيرة.

في هذه اللحظات الحرجة التي سوف يلتصق فيها الطفل بسريرك عليك أن تبدي اهتماما حقيقيا به، وتنصتي لحديثه، ولكل ما يرويه لك من أخبار مثيرة وجميلة حدثت أثناء غيابك عنه

ويتحتم على الأب أن يكون أكثر حرصا من الأم، فيقوم بالاستعدادات اللازمة لهته الزيارة وخصوصيتها، كأن يكون المولود الجديد نائما في سريره الخاص، غير ملتصق بأمه، أو نائما بين ذراعيها، لأن الحرص على خلو يدي الأم من أي شيء أمر ضروري، إذ يجب أن تكون مستعدة لاستقبال الكبير، لتحتضن طفلها وتقبله، وتمطره بعبارات الحب والشوق، ولا داعي للاستعجال في هذه اللحظات العاطفية، لتقديم الطفل الجديد، فهناك متسع من الوقت ليتعرف كل منهما بالآخر.

والأمر الآخر والأكثر أهمية هو مراعاة الأم عدم إطالة النظر إلى سرير الطفل الجديد، لأن إحساس الطفل بتكرار نظر الأم إليه يؤدي الى الغيرة! وعلى الأم أن تتحين الفرص لتقديم الطفل الجديد إلى أخيه، وإلا فإن الشعور بالغيرة سوف يبدأ في الظهور لا محالة!

كثير من الاهتمام والحنان

في هذه اللحظات الحرجة التي سوف يلتصق فيها الطفل بسريرك عليك أن تبدي اهتماما حقيقيا به، وتنصتي لحديثه، ولكل ما يرويه لك من أخبار مثيرة وجميلة حدثت أثناء غيابك عنه، دعيه يشعر أنك تهتمين بكلامه وبمغامراته، وتستمعين له بامعان. وهذا ما سيجعله أكثر اطمئنانا، وعند ذلك يمكنك أن تقدمي إليه أخاه الجديد أو أخته الجديدة، مع مراعاة ضرورة تبادل الهدايا بين الأخوة، لأن إحساس الابن الأكبر بأنه يتلقى هدية من الضيف الجديد سيخلق شعورا من الود والألفة بينهما.. وإن كان هذا الشعور قصير المدى.

مع الضيف الجديد

على الرغم من السعادة والحفاوة التي قد يبديها طفلك في بادئ الأمر تجاه أخيه الجديد أو أخته الجديدة، فإن هذا لا ينفي ضرورة تأكيدك المستمر على حبك له، فهو قد لا يظهر غيرته بشكل واضح في الكلام أو في السلوك، لكنه سيبدو قلقا فيما يخص علاقته بك.

هنا يتوجب على كل أم أن تحرص على نفسية ابنها أن تجعله يبوح لها بكل مشاعره تجاه الطفل الجديد، فلا تتضايق أو تتذمر إذا أبدى طفلها غيرة، أو أظهر مشاعر عدم رضى، فإنه الوقت المناسب لمساعدته على فهم الوضع الجديد، وإحاطته علما بأن أمه ستكون أكثر انشغالا من قبل، فعليها تقع أعباء ومسؤوليات أكبر تجاه طفلين ومنزل، وإقناعه بأنه اليوم قد أصبح كبيرا.

هذا هو الوقت المناسب لتنمية علاقة الأب بابنه وتعزيزها، حيث تتجه هذه العلاقة لتأخذ بعداً جديداً، خاصة حين يشعر الأب بما كان يعانيه ابنه من وحدة
هذا هو الوقت المناسب لتنمية علاقة الأب بابنه وتعزيزها، حيث تتجه هذه العلاقة لتأخذ بعداً جديداً، خاصة حين يشعر الأب بما كان يعانيه ابنه من وحدة
 

قد يجد صعوبة في التعامل والتصرف في الأسابيع الأولى.. وأن يظهر بعض علامات الضيق والتذمر المعتدل التي يعبر بها عن رفضه للمولود الجديد، وقد يبدو الأمر أكثر صعوبة خاصة إذا كان الطفل دون الثانية من العمر. وقد يبالغ بعض الأطفال في غيرتهم فيزداد إلحاحهم غير المباشر على الوالدين لزيادة الاهتمام بهم عن طريق اختلاق آلام وأوجاع وهمية أو تصنعها! مما قد يضطرك للبقاء بجانبه. على أية حال مهما كان حجم المشكلة فالأمر طبيعي تماما.

المساعدة البناءة

إن تفاعلك كأم مع الوضع الجديد له أكبر أثر في زيادة تقارب الأخوين من بعضهما بعضاً، ويمكنك إبراز ذلك، كأن تخلقي شعورا في نفس ابنك الأكبر بأنه أصبح كبيرا وواعيا، فيبدأ في الاستقلال بمتطلباته شيئا فشيئا عن رضى وقناعة، فيتناول طعامه بيده دون الاعتماد عليك مثلا، وثقي أنه سيكون سعيدا بهذه الاستقلالية، طالما أنك تشعرينه بأنه قادر على الاعتماد على نفسه. يحاول معظم الأطفال إظهار نوع من الحب المادي تجاه الطفل الجديد، فيحضر له كثيراً من الهدايا واللعب التي قد يشعر أنها مجدية، خاصة أثناء البكاء، وهذا النوع من الحب الانفعالي الذي يظهر فجأة، ويقل تدريجيا بعد أسابيع قليلة، وبخفة هذا الحب تبدأ مشاعر العدوان في الظهور والنمو تجاه هذا القادم الجديد.

للأب دور

إن هذا هو الوقت المناسب لتنمية علاقة الأب بابنه وتعزيزها، حيث تتجه هذه العلاقة لتأخذ بعداً جديداً، خاصة حين يشعر الأب بما كان يعانيه ابنه من وحدة، وإن شعور الأب بحاجة ابنه الفعلية له، فإنه لا شك سيكون سعيداً أكثر بقضاء معظم وقته معه، سواء باللعب أو الخروج معا في نزهة. تذكري عزيزتي الأم أن الطفل بحاجة في كل لحظة لمزيد من الحب والتشجيع، وإلى مزيد من تعزيز ثقته بنفسه، فإذا استطعت أن تحافظي على هدوء أعصابك، وتحتفظي بقد كبير من الصبر، وكنت مقدرة لكل ما قد يحدث من تغيرات في نفسية ابنك وسلوكه، فإنك سوف تجتازين هذه المرحلة الحرجة بهدوء ولطف مع طفلك الأكبر وسيبدي رضاه وسعادته بهذه التجربة الجديدة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.