شعار قسم مدونات

أماكن تنزه الغزيين.. مسرح الجريمة المحبب لدى الصهاينة!

blogs ساحة الكتبية

بينما الحصار يخنق أنفاس غزة شيئاً فشيئاً وكذا الحروب وما احتوته من عاصفة النار والدخان، إذ تبحث أرواح الغزيين التي ما ألفت إلا حب الحياة والصمود على ثرى هذا الوطن مرابطين متمسكين بقدسية هذه الأرض المباركة، فتتجه تلك الأرواح إلى حيث البحر الذي هو من غزة وغزة منه وإلى بعض الحدائق الخضراء المبعثرة هنا أو هناك.

ولكن يأبى الإجرام الصهيوني إلا أن يخدش جمال لوحتنا تلك ويلوثها بحقده الدفين فلعل ضحكات الصغار وأنس الكبار مع بعضهم وحتى صور الذكريات التي يلتقطها الشباب لبعضهم تشعل في نفوس الصهاينة نوعاً من الهلوسة والقهر المنبثق من عفنهم من صور القتل والدماء والأشلاء التي أصبحت روتيناً يومياً لديهم وكأنها شربة ماء، وهي في الحقيقة شربة سم سيسري مفعولها يوماً ويندمون. فلكم من أسرة خرجت للتنزه والهروب من انقطاع الكهرباء وضيق الحال فكانت نزهتهم تلك تشهد جريمة جديدة من جرائم الاحتلال وتنتهي بعودة المتنزهين محمولين على الأكتاف في عرس لطالما عرفته غزة.

وهل ينسى أحدنا هدى غالية تلك الطفلة التي خرجت إلى مع أهلها وقد اصطحبوا آمالهم وأحلامهم وعفويتهم وطيبة قلوبهم كما اصطحبوا أكواز الذرة المسلوقة والعصير الطازج وبعض المسليات، ولكن شعلة من حقد صهيوني أطلقها زورق حربي باتجاههم قلبت الصورة فالضحك أصبح بكاء وصراخ والهدوء النفسي أصبح ركض لهدى بلا شعور بلا وعي تمسك أباها تمسك أمها وأخوتها تتفحص الأنفاس كلهم ماتوا بل لربما يمزحون، كيف يموتوا ولا زالت أكواز الذرة المسلوقة بانتظارهم لا يزال العصير الطازج في قواريره لا يزال ذهنها مفعم بتصديق أنهم لا زالوا في نزهة أن هذه الدماء نوع من المرح الذي قد تمارسه أسرتها كلعبة يمازحونها بها ولكن سرعان ما قدمت غزة الحقيقة لابنتها وهي ترى الأكفان والوداع الأخير الذي فاجأها و بعدما هيأت روحها للحظات أنسة مع أهلها وذهبت الأنسة وظل الألم وظل البكاء وظل البحر شاهدا على جريمة اللا أخلاق واللا قيم.

الجبناء الذين سرعان ما يلبثوا بلبس عباءة الثعلب المسكين المغلوب على أمره بعد أن كانوا مزقوا بأسنانهم أحلام البسطاء بالتنزه وأخذ قسط من الأمان

تماماً كما شهد البحر ذات الجريمة مع أطفال عائلة بكر الذين ما هم عنا ببعيد، ففي الحرب الأخيرة خرج عاهد وزكريا ومحمد وإسماعيل ليلعبوا على شاطئ بحر غزة ويداعبوا الرمال والأمواج م غير آبهين بالحرب، فالحرب والدماء لم يصلها قاموسهم الطفولي بعد، وعلى نفس وقع صرخات هدى غالية يشهد البحر من جديد صرخات أولئك الصغار الذين لاحقتهم قذائف الحقد من جديد وقتلتهم وظلت همسات لعبهم تتردد في الأجواء إلى أن تلاشت مع صوت غارة أخرى استهدفت مجموعة من الكبار كانوا يسيرون في الشارع ولينبت الياسمين بجانب شقائق النعمان كلوحة للصغار والكبار.

أما الطفل أمير النمرة ولؤي كحيل فبعدما همس أحدهما للآخر بأن صورة سيلفي في هذه الأيام أصبحت ضرورية لاسيما أنهم في عمر تبقى له عام أو عامين ويدخلون في مرحلة الشباب مودعين طفولتهم التي ما افترقوا فيها ويبدأوا عهد شبابهم بتذكار على الوفاء والمحبة، وليصعد الاثنين إلى أعلى مبنى الكتيبة وأمام تلك الحديقة الخضراء يصطف الاثنين ليأخذوا ذلك السلفي ولكن دمائهم قد سبقتهم بالنزيف جراء قصف صهيوني استهدف المبنى كما استهدف طفولتهم ولتبقى الصورة التي كانت همسهم شاهداً على صداقتهم التي انتهت بالشهادة وبدأ العار يلاحق قاتلهم بأيها الجبناء قتلتمونا ونحن أطفال أبرياء.

هكذا هي العنجهية الصهيونية التي لا تحترم القوانين الانسانية والأخلاقية فقتل الأبرياء ما هو إلا ثقافة لديهم، فالجبناء الذين سرعان ما يلبثوا بلبس عباءة الثعلب المسكين المغلوب على أمره بعد أن كانوا مزقوا بأسنانهم أحلام البسطاء بالتنزه وأخذ قسط من الأمان، وبعد أن أرقتهم ابتساماتنا ولعب أطفالنا، وما كاده الصهاينة من مكرهم وإجرامهم بأن يجعلوا كل شيء أسود لا لون آخر يزهو في الحياة لدينا ولا معاني سوى الدمار والموت يتعمق عندنا اليقين أكثر بكم هم جبناء أغبياء إذ لم يعلموا أن في موتنا بداية نزهة خالدة هي مبتغى الحياة هي جنة طابت وطاب نعيمها، فاقتلونا على البحر فعند ربنا أنهار وماء غير آسن اقتلونا على العشب الأخضر فعند ربنا الزعفران تراب جنته والمسك طيبه اقتلونا حيثما شئتم فعند ربي تطيب الحياة ولا نامت أعين الجبناء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.