شعار قسم مدونات

إضرابات الأردن.. إما نحن أو هم!

blogs إضراب الأردن

منذ زمن طال مدته لعقد ونيف كانت الحكومة الأردنية تمارس أعمال وتصدر قرارات قد تكون للتخلص من المشاكل ولكنها غبية وليست مبنية إلا على الجهل والقصور المعرفي، والغريب أيضاً أنه منذ ذلك الزمن كان الشعب لاهياً غير مدرك ما يحدث حوله، حتى أنه قد يكون نادم على الدقائق التي كان يضيعها في معرفة وضع ما حوله من خلال الاطلاع على الأخبار. أما الأن فقد ثار الشعب وأصبح هائجاً يتخبط يريد الحياة ويريد المال ويريد كل شيء، نعم تذكروا ذلك بعد فوات الأوان بعدما استفذ الظلمة قوتهم وأخذوا كل شيء إلا غذائهم حتى يستمروا في الوجود مهزومين تحت إمرتهم. ولكن هل حقاً فات الأوان؟ أم أنها غريزة الفشل التي تدعو الناس إلى الرضوخ؟ كل نفس منا عليها سؤال نفسها.

إن الصمت الذي مارسناه عندما رأينا المستبدين وهم يسيطرون علينا هو الذي قادنا إلى تلك المرحلة، فالحق قبل أن يكون عليهم هو علينا، لأنه لو كنا مستيقظين لما انتهزوا تلك الفرصة، فرصة خوفنا وصمتنا. إن الأعمال التي لا نقبلها فكراً وفعلاً يجب علينا ألا نقبل وجودها أصلاً، هذا إذا كنا متوحدين، ونحن حقاً كذلك عندما يتعلق الأمر بكرامتنا أما إذ كان هناك فريقين، الأول راضي والأخر رافض فهنالك شيء أخر شيء بحمد الله لا نحظى به. واليوم في حالنا الكل رافض وأما الراضيين هم أهل الفساد فقط والذين يتجاوز تعدادهم شيء لا يذكر، فماذا عسانا أن نفعل؟ الحل الأمثل هو تغيير الشيء بالحوار فإن لم يصلح نغيره بأعمال سلمية بالنسبة لنا وجحيميه بمنظورهم المادي، أنها الأعمال الصادرة عن الفكر المنطقي وليس العشوائي كالذي نراه اليوم.

إذا شاهدنا معظم الثورات التي قامت، لوجدناها قامت بالعنف والتخريب والتكسير وهو شيء يهلك طاقة الثوار ولا يزيد من النار إلا أنه يجعلها ناريين اثنتين تهلك الحرث والنسل ولا تفيد شيئاً. أما الثورات الناجحة فهي الثورات التي خطط لها مسبقاً قادةً مصلحون مدركين ما حولهم كالبلشفية والفرنسية والهندية وغيرها من الثورات التي قامت على أساس مبدأ واضح لا نزاع فيه، الكل متفق عليه، نعم كانت لتغيير النظام وليس لخفض الأسعار وتوفير فرص العمل، نعم كانت ثورات لحل المشكلة من الأساس ممثلة بنزع السلطة من الظالمين والمستبدين، ونظير هذا العمل في وطننا هنا هو رئيس حكومتنا. وتلك كلها نجحت بلا استثناء، فوحدة العمل والفكر والهدف عندما تتجسد في قلوب المجتمع الواحد وجب عليه الفوز.

إن وحدتنا في المشاركة في أي عمل لنحصل على ما نريد هي أهم شيء بعد أن نكون واضعين هدفنا الأساسي وهو تغيير رئيس الحكومة
إن وحدتنا في المشاركة في أي عمل لنحصل على ما نريد هي أهم شيء بعد أن نكون واضعين هدفنا الأساسي وهو تغيير رئيس الحكومة
 

سأعطي حلاً ومثالاً على ما أقول قد يساعد البعض في فهم ما طرحت. في بلدنا الأردن الكل يعلم أنها محكومة من قبل أصحاب الأموال والنفوذ علناً، وبممارستنا لبعض الأمور قد نستطيع التأثير عليهم بشكل مادي ملحوظ، فنجعلهم معنا حتى يرجعوا قادرين على استرداد ثرواتهم وزيادة أموالهم، فهم اولاً وأخيراً وراء مصلحتهم وجشعهم المادي وليسوا وراء أي شيء أخر. المعظم منهم تكمن مصلحتهم في المال والاقتصاد كما أسلفنا فهي التي تقودهم إلى السلطة والتحكم بالموازيين فماذا لو أثرنا على طمعهم المادي، بالتأكيد سيخضعوا لنا بعد مدة معينة، وإن لم تكن الأن فهي بعد مدة لن تطول كثيراً.

 

فلنبدأ مثلاً في مقاطعة المحروقات مقاطعة تامة أو في مقاطعة الموظفون في مجال معين كالقطاع الحكومي مقاطعة تامة موحدة ومشتركة من كل الناس فتكون على قلب رجل واحد منا، وحتى إن فصل البعض عن العمل لمقاطعة شهر واحد عن العمل فإن في هذا الشهر قد تتغير تشكيلة كل من الحكومة والمدراء اللذين نعمل لديهم رأس على عقب لعدم وجود موظفون لديهم، وبنفس الوقت نكون قد احتفظنا بكرامتنا بدلاً من أن نكون عبيداً للقمة عيشنا. وأما إن لم نكن قادرين على مقاطعة المحروقات، فبالتأكيد نحن قادرين على مقاطعة بعض المنتجات الغذائية كإحدى أنواع من الغذاء والذي حتماً سيؤدي إلى تكديس البضاعة في المخازن وبالتالي يؤدي إلى هبوط ثمنها. إن شهوة أي شيء لدينا سواء طعام أو متاع يجب أن يقضى عليها إذا كانت ستؤدي إلى هتك كرامتنا أو أي شيء من هذا القبيل، ولذلك فالتشاور من حوالينا في هذا الموضوع ولنوعي أبنائنا وإخوتنا وأصدقائنا حتى نكون قادرين على العمل عندما يبدأ.

طرق عديدة ولا متناهية للحصول على مرادنا بالطرق السلمية والتي ستجلب لنا عزنا وحقوقنا مرة أخرى لنرفع بها كلمة الحق من جديد ونبطل الباطل فتستقيم حياتنا، إن وحدتنا في المشاركة في أي عمل لنحصل على ما نريد هي أهم شيء بعد أن نكون واضعين هدفنا الأساسي والذي هو تغيير رئيس الحكومة والذي هو رئيس الوزراء في بلدنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.