شعار قسم مدونات

مهاتير محمد.. طبيب يداوي جراح الفساد في ماليزيا

مدونات- مهاتير محمد

بعد أقل من شهر من مباشرة رئيس الوزراء الماليزي المنتخب وقائد النهضة الماليزية الدكتور مهاتير محمد، انطلق في عملية مكافحة الفساد في بلده، فهو الذي طلق السياسة سنة 2003 ليعود بعد أعوام من الانقطاع وبحزب معارض إلى رئس السلطة في ماليزيا بعد أن تأكد من أن بلاده لا تسير على النهج السليم وأنها ستدخل عاجلا أم آجلا في دوامة الفساد التي يصعب حلها إن تفاقمت، لتكون عودته تحت شعار "مكافحة الفساد" وإصلاح "أخطاء الحكومة" السابقة والتي كان على رأسها منافس مهاتير في هذه الاستحقاقات نجيب عبد الرزاق..

 

تفوق مهاتير محمد في الانتخابات الماليزية كان أمرا متوقعا على الرغم من أنه ترشح من حزب معارض، فكل التقارير تأكد على السمعة الحسنة التي يتميز بها قائد النهضة الماليزية في أواسط مختلفة من الشعب الماليزي، غير أن ما أسال الحب على الأوراق ودفع بمختلف الفضائيات والوسائل الإعلامية للحديث هو عودته في هذا الوقت بذات والأهداف الحقيقة لوصوله مجددا لسدة الحكم على الرغم من كونه كان واضحا سنة 2003 أين أشار أن بلاده تحتاج إلى نفس جديد وإلى روح الشباب والتي أكد فيها أيضا أنه لن يستطيع تقديم المزيد لبلاده ليعد عن قراره بعد أكثر من 15 سنة، كما أن مشاركته من حزب معارض كانت محل جدل كبير بين المحللين، غير أنه وفي الأخير استطاع أن يعلم ماليزيا دارسا في الديمقراطية فلأول مرة في تاريخ السياسة الماليزية يسقط الحزب الحاكم منذ الاستقلال ويعوض بحزب آخر وغير محسوب على السلطة، كل هذه المعطيات جعلت المتتبعين لشأن الماليزي يتضاربون في أقوالهم وتحليلاتهم.

 

مهاتير وبعد أيام معدودات استطاع عمل ما لم يقدر عليه سابقوه ليكون بذلك الطبيب الذي داوى جراح ماليزيا بامتياز، في انتظار ما ستحمله أدويته في قادم الأيام

غير أن القائد الماليزي مهاتير قطع للجميع الشك باليقين، فقد أكد من خلال الإجراءات التي اتبعها في أول أيام عهدته الجديدة أنه الطبيب الوحيد الذي يستطيع شفاء جراح وآلام ماليزيا، فقد باشر مهامه بإعلان قرار في الثاني عشر ماي يفيد منع رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق وزوجته من السفر على خلفية اشتباههما في قضايا فساد، لتعلن على إثر ذلك سلطات الهجرة الماليزية أن المعنيين بقرار رئيس الوزراء قد تم بالفعل وضعهما في قوائم الممنوعين من مغادرة البلاد، وفي الرابع عشر من ذات الشهر أكد مهاتير على تعهد الحكومة بإلغاء ضريبة السلع والخدمات، وإعادة تطبيق ضريبة المبيعات والخدمات، إضافة إلى مواصلة الحرب على الفساد، كما أشارت حكومة مهاتير على كونها تمتلك معلومات عن مكان الخبير المالي لاو تيك جو، أحد المتهمين الرئيسين في قضية اختلاس ملايين الدولارات من الصندوق السيادي، ليتلو هذه القرارات قرار منع محمد إروان سيجار عبد الله الأمين العام للخزينة من ممارسة مهامه ونقله إلى منصب آخر.
 
وفي الخامس عشر من شهر ماي منح المدعي العام محمد أباندي على إجازة في انتظار التحقيق في دوره في تبرئة رئيس الوزراء السابق سنة 2016 من قضايا فساد، وفي اليوم الموالي أعلنت الحكومة الماليزية أنها تسعى لمليارات الدولارات من أمريكا وسويسرا ودول أخرى خرجت من البلاد ودخلت إلى البنوك في عمليات غسيل أموال، مهاتير واصل عملية مكافحة الفساد ليصدر بيانا يوم السابع عشر من ماي عن تأسيس "حركة مكافحة الفساد" والتي يتمحور دورها الرئيسي حول مكافحة الفساد في مختلف قطاعات ومؤسسات الدولة، وفي الثامن عشر من ذات الشهر تم استدعاء رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق للمثول أمام سلطات مكافحة الفساد وهذا في إطار التحقيق في الاتهامات الموجهة إليه، لتداهم في ذات اليوم قوات الشرطة في ماليزيا منزل عبد الرزاق نجيب وتقوم بضبط 284 صندوق و72 حقيبة يدوية محشوة بأموال ومجوهرات، هذه المحجوزات تم إعلانها أمام وسائل الإعلام كدليل على تورط رئيس الوزراء الأسبق في انتظار قرار القضاء بشأنه.
 
مهاتير وعلى الرغم من كونه بدأ بتنظيف البلاد بصفة رسمية وفعلية إلى أنه عازم على الضرب بيد من حديد لإعادة انتشال ماليزيا من شبح الفساد، والسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مخططه عشرين عشرين والذي يعطي رؤية لماليزيا سنة 2020، غير أنه متأكدا أن هذا المخطط لن ينجح إن لم يتم العمل عليه على أرضية نقية خالية من الفساد..

 

مهاتير وبعد أيام معدودات استطاع عمل ما لم يقدر عليه سابقوه ليكون بذلك الطبيب الذي داوى جراح ماليزيا بامتياز، في انتظار ما ستحمله أدويته في قادم الأيام..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.