شعار قسم مدونات

رثاء الفتاة المقدسية والضمائر الإنسانية

blogs رزان النجار

جلسْت بعد رؤية الخبر ومشاهدة الصور أرْقُبُ نهراً من العبر ينْسال من قلبي حزناً وأساً وتألماً على أمةٍ تخاذل فيها الجميع ودسَّ الأُناس رُؤوسهم في التراب تزلّفاً للحكام وذي السلطان والأتراب، كان خبر استشهاد رزان كالصاعقة مع أني لا أعلم عنها (إلا بطولتها وأنها تَعْدل العرب شرفاً وإخلاصاً) من شدة الخبر أحسست بوازع من داخلي يحثني أن أكتب هذه الكلمات مع عجزي وثقل حملي أن أفي بجزء من هذه البطولة فهي رمز كرامة وفداء سطر في بلد البطولات وأرض الشهادات وصرخة استشهاد وعزٍّ في عالم ذليل متخاذل ، لتنحني رقابنا وتعلونا الرُحضاء خجلاً وحياءً أمام بطولتكِ، أتيت بما لم يأتِ به العالم أجمع رحلتِ بطهرك وبإيمانك الصادق وبقي المتخاذلون بخبثهم ونفاقهم.

عشرينية تغلب مئتين

زفت الليلة مئات الفتيات إلى فارس أحلامهن المنتظر وزفت معهن من الفرح العِبر إلا زران كانت تزف اليوم بحضور رهط كبير وحشد غفير من أهل السماء والأرض، باعت سريرها الدافئ وحنان أمها الدافق وفنجان قهوتها وفي صفحات الانترنت تسكعها ومكياجها البراق وأحاديثها الطويلة مع صديقاتها عن أحدث الموضات والقصات باعت دنياها بما فيها ابتغاء قضيتها ووطنها وأهلها ودينها.

بدأت القصة عندما نزلت إلى مسيرات العودة تاركة كل ما لديها وكل نعيمها لتنقذ الجرحى، كانت تخاطر بنفسها وتتقدم إلى الخطوط الأولى لتنقذ الأبطال قالت (راجع مش متراجع) وسأكمل إلى آخر يوم ولن أتخلى عن ما بدأت به ولو تخلى العالم أجمع، سمعت حينها صوت رصاصة أطلقت فتوجهت نحوها لتنقذ صائد تلك الرصاصة لم تفكر بالخطر لم يتبادر لذهنها أن تتخلى عن مهمتها ثم ماذا؟

 

اقتحمت الصفوف الأمامية بقلب أشرب القضية وإذ بمصاب ملقى والأرض دمية اقتربت أكثر والعرب تناظر الحدث وماتت فيهم معالم الآدمية سدد المحتل نحوها البندقية وتمتم قائلا سأنهي بطولتك يا هامة يا فتاة مقدسية اخترقت الرصاصة صدرها وفاضت روحها الملائكية ظن أنها انتهت ولكن عذرا فالموت بداية لحياة سرمدية واليوم زفت شهيدة مقدسية وغدا سنزف الأرض بجلاء ابن اليهودية.

دعاءٌ ونعوة

انتهت الكلمات والعظات وانسالت الدموع الصادقات من أمهات صابرات على أرواح الشهيدات وأصبحت تُعدّ ضمائرنا وإنسانيتنا من الأموات

كان دعائي الليلة الماضية عندما سمعت الخبر اللهم تقبلها واحشرها مع محمد والأصحاب وأنزل السكينة في قلوب أهلها وصحبها وألهمهم الصبر والاحتساب ولكن عندما رأيت أمها في ثبات تتكلم ولو رآها المشرك لخضع وأسلم صرْتُ أدعو اللهم أنزل السكينة في قلوبنا المليئة بالخراب واغفر لنا تخاذلنا وسكوتنا لأحقاب فإنهم والله سبقونا ودخلوا على الكفار من كل باب ونحن في القصور نجلس وفي يدنا فنجان قهوة وكتاب لنصوّره ونتفاخر بتثاقفنا على الواتس آب.

رثاء الأمة

اليوم خرج علينا من بيوت الداعرات رجال ولّوا أمرنا وقيل أنهم ثقات، نخروا عظم الرعية ونهبوا خيراتها وسجنوا علماءها وصدّروا حقراءها وألهوا شبابها بآخر الموضات وأحدث القصات وأجمل البنات، بخ بخ لزمان جلس فيه الرجال في البيوت وتقدمت الفتيات وجاهدت جهاد مئات الرجالات زمان عجز فيه الثقات وماتت الكرامات، ولكن عذراً فللقدس حراس من الشباب والشابات والأهلية وعندهم القدس عقيدة راسخة وثبات على القضية لن تضام القدس يوماً وفي الأرض فتاةٌ مناضلةٌ كرزان المقدسية.

خاتمةُ حديث البطولات

انتهت الكلمات والعظات وانسالت الدموع الصادقات من أمهات صابرات على أرواح الشهيدات وأصبحت تُعدّ ضمائرنا وإنسانيتنا من الأموات وأصبحت اليوم أمريكا وإسرائيل تقتات، على أموالنا وأرواحنا وعقولنا وآبار النفط والثروات وتبث كل يوم من ميادين الحرب والقتال حتى كتب النشء والأشبال وفي الصحف والرّائيات المئات المئات من كذب وتحريف وتلفيق عن الإسلام والعقيدة وجميع الثابتات للنيل من هذه الأمة وسحق كرامتها ومحق أثرها ولكن هيهات هيهات أن ينالوا من مثل هذه القامات والهمم السامقات والفتيات الطاهرات ، والحرب سجال والأمر لا يحتمل الهزال فهل للعرب وللمسلمين من صحوة تخرجهم من هذا التخاذل وهذا السُبات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.