شعار قسم مدونات

الحب يوم إذ عرفته!

blogs الحب

ترددتُ كثيراً قبل أن أكتب، قبل أن ألقي ما بقلبي على الورق، قبل أن أبوح بأحد أسراري التي لا أخبر عنها أحد حتى أقرب المقربين إليّ ويوم أن بُحت بها أهديتها إلى الملأ. كانت أول عبارةُ حب تبنيتُها في حياتي ورحت أرسم على إثرها مستقبلي تلك الجملة التي قالها رسول الله عن خديجة: "إني رزقت حُبها "، تخيلت كيف يكون الحب رزقاً، وتذكرت أنّ رزقك لا يأخذه أحد، وتأملت مدى هذا الحب الذي لا انفصال فيه، ومن حبه لها حتى أنّ عائشة كانت تغار منها وهي ميته ولم ترها قط، سمعت عن قيس وليلى وروميو وجوليت وعنتر وعبلة وتساءلت كيف كان حال حبهم ألم يكن رزقاً، ولكن الأرزاق لا توجع! فقط الابتلاءات تفعل، ربما أحبوا صدقاً ولكن هل رزقوا هذا الحب أم ابتلوا به؟!
   
تخيلت رسول الله وهو يضع خده على خد عائشة وهي تراقب الأولاد يلعبون "مودةُُ ورحمة"، هكذا هي إذاً قبل كل شيء!، أدركت أنّ الحب الذي يأتي بعد هاتين فهنيئاً لأصحابه وما قبلها شقاءً خصوصاً إذا منع الحبيب عنك، ولما قال رسول الله: "ما أرى للمتحابين إلا الزواج" كان يعلم ما يُحدثه ذاك الحب من الوجد والألم، قلةُُ من استطاعوا تحمله وكثر من قضوا نحبهم في سبيله.

 

الروايات الرومانسية لهي شيء جميل يلتقي فيه الأبطال في النهاية ولكن الواقع قد يكون مغايراً أحياناً، فنحن لا نعيش بين دفتي كتاب

أستغرب كثيراً ممن يقولون أحببت من أول نظره!، ماذا رأيت لتحب؟ أرأيت جمال الشكل فوالله ما أصبح أسهل من اكتسابه في هذا الزمان، ءاقتربت من الروح فوالله ما أبعدها ولكن بوصالها لا فراق، الحب ليس كلمةً تُقال أو حروفاً تكتب إنه أكبر من هذا هو شيء يجعلك تريد أن تكون أفضل لأجل أحدهم، هو شيء يجعلك تبذل ما بوسعك لراحة أحدهم، لطالما تساءلت عن كينونة كلامه صلى الله عليه وسلم الذي ربطه بالحب "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" ما هذا الحب أهو بدقات القلب واختلاط المشاعر لا! بل إنه بذل وعمل، فعندما تقول أني أحب الله تظهر سمات هذا الحب في العمل لا فقط بالقول، وكأنه يخبرنا كيف لا نربط الحب بالشكل فقط! فنحن نحب الله ولم نره، إذاً الأمر ليس شكلاً ولا من أول نظره إنه بالروح وبالفعل.

   
الكلمات جميله آسره وخلاقة ولكن لما نربط الحب بها هي فقط، أن يقول لك أحبك بلسانه ولا يقابلها قلبه فهذا ليس بحب، سمعت أحدهم يتحدث مع حبيبته بالهاتف لم أقصد أن أسمعه ولكنه كان جالساً قريباً مني كان يتحدث كمن يتوعد يخبرها أن تذهب إلى منزلها فوراً وأن لا تتحدث مع أحد وأن لا تتأخر في طريق المنزل وختم كلامه إذ أخبرها أنه يحبها، أقفل الخط وأعاد الاتصال بها وطلب منها أن تذهب إلى الدكان الذي بقرب بيتها وتبتاع له كرت شحن وتحوله له، استغربت أما كان يريدها أن لا تذهب إلى مكان قبل قليل وأن لا تحدث أحداً، أكل تلك الغيرة انتهت بمجرد أنه تذكر أنه بحاجةٍ لشئ ما يمكنه أن يبتاعه لنفسه، وتذكرت أن أخواي لا يدعانني أذهب إلى الدكان لأبتاع ما أريد بل يذهبان ويحضرانه لي بنفسيهما حتى وإن كانا مشغولين وأخبرهما بأن صاحب الدكان ليس بوحش لن يلتهمني ويكررا أن لا أجادل وهما سيحضران لي ما أريد، عندها تأكدت أن الحب ليس بكلمات! فأخواي لا يرددان نحبك نحبك! ولكنهما يفعلان كثيراً مما يخبرني بهذا. 

 

الروايات الرومانسية لهي شيء جميل يلتقي فيه الأبطال في النهاية ولكن الواقع قد يكون مغايراً أحياناً،، فنحن لا نعيش بين دفتي كتاب
الروايات الرومانسية لهي شيء جميل يلتقي فيه الأبطال في النهاية ولكن الواقع قد يكون مغايراً أحياناً،، فنحن لا نعيش بين دفتي كتاب
 

الروايات الرومانسية لهي شيء جميل يلتقي فيه الأبطال في النهاية ولكن الواقع قد يكون مغايراً أحياناً، فنحن لا نعيش بين دفتي كتاب وإنما دفتي حياةٍ قلوب أصحابها متقلبه، فتخيري قلباً لا يتقلب مع الحياة. تعلمت أن الحياة من غير الحب لا طعم لها، ولكن الأهم لمن هذا الحب وهل يستحق حقاً، من لم يحنو عليك كأبيك ويخاف عليك كأخيك كيف تسلمينه قلبك، المجتمع ينظر إلى الرجل بجيبه ومظهره، فانظري إلى عقلة وقلبه فإن وجدتِ عقلاً قادراً على تحمل مصاعب الحياة وبأسها وشقائها وقلباً يحمل لك حبا ومودةً ورحمة بضعفك فلهو خير الرجال وءأمنهم عليك، لا تغرنّك المظاهر فلرب رجل اختاره قلبك أوجعك ورجل اختاره عقلك فهنئة بالعيش معه.
 
من دندن لك الأغنيات وأغرقك بأعزب كلمات الحب ليس بشرط أن يغرم بك في زمن أرخص شيء فيه هو الكلمات وبات الكل بارعاً في تقليبها كيف يشاء، لست أزهد في الحب ولكنني آمنت بكلمات إذ قرأتُها يوماً "الحب الذي لا يجعل منك شخصاً أفضل فليس بحب"، أن يحبكِ يعني أنه سيعمل ليكون رجلاً يليق بك، يليق بقلبك ويخاف عليك حتى من نفسه، لن يدعك تسهرين الليالي تحدثينه بل سيخبرك أن تنامي باكرا لتحافظي على نضارةٍ وجهك ولن يطلب منك الخروج هنا وهناك سراً من وراء أهلك فهو إن كان يحبك حقا سيخاف على سمعتك وسيخاف الله فيك إلى أن يأتي ليدق بابك إن فعل هذا فذاك رجل حريّ بانتظاره العمر كله.
   
لا تستعجلي الحب وتفتحي قلبك لأول من يدق الباب فما أدراك إن كان ذئباً بهيئة رجل، لا ترتبطي بمن يراك وجها وجسداً بل بمن يراك عقلاً وخُلقاً بمن يرى أنك تستحقين أن تكوني أم أولاده وستراً له ولبيته، تسآءلت دوماً عما يجعل الزيجات في الماضي تبقى إلى آخر العمر، وقد كان الرجل يتخيّر أم أولاده ممن تصون بيته، وإن تعكر صفو حياتهما لا يفكران في إنهائها بل يستمران فما دفعهما للارتباط يدفعهما للمواصلة.
 
سفينتك احفظيها إلى أن يأتي ربان يستحق قيادة دفتها، والحب ليس بحرام ولكن لا تلقي بقلبك على قارعة الطريق يلتقطه من يشاء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.