شعار قسم مدونات

الولاية الخامسة في الجزائر.. إلى أين؟!

blogs - بوتفليقة

لا يختلف اثنان أن الأوضاع السياسية والاجتماعية في الجزائر تكاد لا تخرج من دائرة التعفن والانحطاط، الجزائر التي ارتوت أرضها بدماء الشهداء من نساء ورجال لم يكن همهم السلطة والكرسي بقدر ما كان همهم إرادة الشعب وحريته واستقلاله، فجاء الاستقلال وحكم من كانوا يريدون استقلال الجزائر لكن إذا تكلمنا عن أول سلطة حكمت في الجزائر وهي السلطة التي جاءت من خلال شرعية ثورية كرسها أول دستور للبلاد، حيث كان لحزب جبهة التحرير الوطني كامل الصلاحيات في إدارة شؤون البلاد واستغلال مكتسبات الوطن، فرحة الاستقلال كانت بالنسبة لعامة الشعب هي الحصول على الاستقلال التام أم لدى آخرين فقد تم توزيع الغنيمة بين كبار قيادة الحزب العتيد بدعوى أنهم أحق بتلك الممتلكات، وأصبحت الجزائر ملكية خاصة لدى هذه العصبة الحاكمة منذ مطلع الستينات إلى يومنا هذا دائما بدعوى الشرعية الثورية.

الشرعية الثورية إذا تكلمنا عنها بعد أزيد من نصف قرن من الاستقلال فإننا يمكن أن نقول أنها بدأت في الاندثار بحكم أن الجيل الاول أتى عليه الدهر، واليوم الجزائر تعرف جيلا ثانيا يكاد لا يثق في من بقى من هؤلاء، ويريد سلطة لا تحتكم إلى ضوابط أكل عليها الزمن كذريعة للبقاء في الحكم، بل يريد جيل اليوم نظام حكم عادل يعطي الجزائر حقها ولا يبخس أهلها شيء، لأن هذا الوطن وما يملكه من مقومات مادية طبيعية وبشرية لا يليق به إلا نظام حكم قوي قادر على تحقيق العدل والرفاهية والعزة لمختلف أطياف الشعب، وإذا قلنا هذا الكلام فإنه من الواجب الانطلاق من القاعدة الشعبية كقاعدة أساسية لبناء حكم شرعي يبني دولة مؤسسات لا دولة أشخاص وبارونات فساد.

هذا النظام يحاول أن يطيل مدة بقاءه على رأس الحكم من خلال التطبيل لعهدة خامسة ينادي بها شخصيات سياسية لا وجود لها وسط القاعدة الشعبية

لكن للأسف بعد مرور نصف قرن من الاستقلال يعيش الجزائري اليوم أقسى أنواع الذل والهوان بسبب سلطة هشة ونظام حكم فاسد أثبت فشله مهما تعاقبت عليه الوجوه واختلفت أسماء الحكام، فترة حكم لبوتفليقة هي الأطول في تاريخ الحكام الذين مروا على كرسي الرئاسة في الجزائر.

أربع عهدات لهذا الرجل الذي يقال أنه جاهد ضد المستعمر الفرنسي، لم تكن كافية لتحقيق أبسط حق للمواطن ألا وهو الحق في السكن، هناك من لا يزال ينتظر تسلم مفتاح سكن كان قد أودعه عام 2001 بعد إطلاق برنامج الرئيس في تلك الفترة لإسكان أزيد من مليون مواطن بصيغة البيع بالإيجار، لكن لحد الساعة هناك على قارعة الطريق المؤدي إلى بن عكنون يتظاهر يوميا المئات أمام مقر وكالة عدل التي كلفت بإنجاز مشاريعهم منذ ذلك التاريخ.

ملف السكن لم نذكره إلا لأنه المخدر الأنجع بالنسبة لنظام حكم يتفنن في تجويع واستغلال أصوات الشعب من أجل البقاء في السلطة من خلال وعود كاذبة وواهية، هذا الملف الذي كبرت وأنا شخصيا أنتظر سكنا للوالد الذي كان قد دفعه عندما كنت صغيرا، اليوم أنا صاحب الثلاثين سنة وقد أودعت ملفا آخرا باسمي عام 2013 عندما أطلقت صيغة عدل2 التي هي مجرد حقنة تخدير أخرى للمواطن.

يريد هذا النظام أن يبقى أطول مدة في الحكم من أجل الاستفادة اكثر من خيرات البلاد لا من أجل خدمة هذا الوطن
يريد هذا النظام أن يبقى أطول مدة في الحكم من أجل الاستفادة اكثر من خيرات البلاد لا من أجل خدمة هذا الوطن
 

اليوم هذا النظام يحاول أن يطيل مدة بقاءه على رأس الحكم من خلال التطبيل لعهدة خامسة ينادي بها شخصيات سياسية لا وجود لها وسط القاعدة الشعبية أمثال جمال ولد عباس وعمار غول وأحمد أويحيى ووجوه أخرى باتت محل سخط لدى الرأي العام، تتبادل المناصب والوزارات منذ أزيد من عشرين سنة ولم تقدم الإضافة اللازمة.

لم تشهد الجزائر مرحلة فساد كما عرفته في عهد الرئيس بوتفليقة، بداية من فضيحة الخليفة إلى ملف سنواطراك ثم ملف الكوكايين الذي يتصدر عناوين الصحف وشاشات القنوات الفضائية منذ حوالي أسبوعين، وملفات الفساد التي تعرفها مشاريع ومنشآت عمومية كالطريق السيار شرق غرب، الذي أخذ من الخزينة ما قيمته بناء مدن بكامل تجهيزاتها. يريد هذا النظام أن يبقى أطول مدة في الحكم من أجل الاستفادة اكثر من خيرات البلاد لا من أجل خدمة هذا الوطن، وإذا حاولنا الكلام والتعبير عن رأينا ومحاربة وجوه الفساد فأننا نتهم بالفتنة والأيادي الخارجية ومباشرة يربط المدافعين عن أفعال هذا النظام بأسطوانة الأمن والاستقرار وما تعيشه دول أخرى كليبيا وسوريا واليمن من حروب وفتن.

من السهل أن تعرف رأي المواطن الجزائري في هذا النظام بكبسة زر على مواقع التواصل الاجتماعي أو التجول في شوارع الجزائر العميقة ومدنها وبلدياتها المعزولة وعائلاتها التي أنهكها الجري وراء تحقيق أدنى ضروريات الحياة في بلد يزخر بثروات طبيعية لا حدود لها ليقول هذا الشعب كلمته لا لسلطة خامسة، نعم لسلطة شعب!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.