شعار قسم مدونات

الديمقراطية على الطريقة الأمريكية!

مدونات - آدم شيف

ديلما روسيف، رئيسة البرازيل السابقة والتي تم انتخابها في 2014 بانتخابات نزيهة، ليتم الانقلاب عليها وعزلها من منصبها في مايو 2016 من قبل مجلس الشيوخ البرازيلي الذي يضم 81 سيناتورا، يواجه نصفهم تحقيقات وتهما بالفساد، وتعيين النائب السابق اليميني المحافظ ميشال تامر رئيسا، والمتهم أيضا في عدد من قضايا الفساد. كانت ديلما روسيف تناصر دائما العرب وقضاياهم، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وكان سفيرها فيي الأمم المتحدة معارضا شرسا للكيان الصهيوني والسياسات الأميركية الداعمة له، ولم تتردد في سحب سفيرها من تل أبيب احتجاجا على جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الصهيونية ضد الأبرياء العزل في قطاع غزة.
   

الديمقراطية على الطريقة الأمريكية

تم دعم حملة إزاحتها عن السلطة، من قبل "الصندوق الوطني للديمقراطية" الأمريكي، وكذلك منن "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية"، كما وقفت وراء الانقلاب "وول ستريت" التي تدخلت من باب الأزمة الاقتصادية للبرازيل، ولتفتح الطريق أمام الشركات الأمريكية العابرة للقارات، ، لشراء الشركات الحكومية البرازيلية. وعلقت روسيف على الجهود ضدها قائلة "إنهم يتآمرون الآن علنًا، وفي وضح النهار؛ لزعزعة استقرار رئيسة منتخبة بطريقة شرعية".
   

قامت سياسة ديلما روسيف رئيسة البرازيل على رفض الاحتكار الأمريكي، فانضمت لمجموعة "بريكس" مع روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا، والتي تهدف إلى كسر الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، والتي قرر الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي والذي تم انتخابه بعد الثورة المصرية في 25 يناير 2011، انضمام مصر لتلك المجموعة. تزايد نفوذ فنزويلا في أمريكا اللاتينية، سهل تأسيس محور اشتراكي معاد للولايات المتحدة؛ إذ تمكنن الرئيس الراحل هوغو شافيز من إنشاء التحالف "البوليفاري" لشعوب أمريكا، والمعروف اختصارًا بالألبا "ALBA" وهي تحركات لا تتناسب مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
    

العالم أكبر من خمسة

حق النقض وهو ما يعرف بالفيتو يمثل نوعا من الديكتاتورية حيث يتحكم خمس دول فقط في مصير 197 دولة الأعضاء في الأمم المتحدة وهو ما لا يتفق مع مبادئ الديمقراطية التي تبشر بها الولايات المتحدة العالم، وهذه الدول هي أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وإنجلترا عندما أصبحت البرازيل من القوى الصاعدة ضمن مجموعة "البريكس"، طالبت بمقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وبنظام عالمي متعدد الأقطاب حيث قامت بتقوية علاقات التعاون من خلال تنظيم قمة "أمريكا الجنوبية – العالم العربي"، و"أمريكا الجنوبية- إفريقيا"، وهما مبادرتان حاولت الولايات المتحدة احتواءهما منذ انطلاقهما؛ خوفًا من امتداد تأثيرهما في مناطق أخرى. فور إقصاء روسيف عن القصر الرئاسي، أفادت معلومات بأن وزارة الخارجية البرازيلية بدأت بالتنسيق مع الكيان الصهيوني لتعيين سفير بديل لداني دايان الذي رفضته حكومة الرئيسة ديلما روسيف باعتباره أحد سكان المستوطنات المبنية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

  

سارع رئيس البرازيل الحالي ميشال تامر إلى استرضاء حلفائه الأميركيين وتسليمهم مفاتيح الاقتصاد من خلال تعيين إيان غولدفاغن
سارع رئيس البرازيل الحالي ميشال تامر إلى استرضاء حلفائه الأميركيين وتسليمهم مفاتيح الاقتصاد من خلال تعيين إيان غولدفاغن
   

على مستوى علاقات البرازيل الخارجية، تم اختيار الوزير جوزي سيرا لوزارة الخارجية وهو أحدد المقربين من الإدارة الأميركية ما يعني اختلاف السياسة الخارجية التي فد تشهد تقارباً غير مسبوق مع الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني، وبالتالي إخراج البرازيل من محورها الحالي المتقارب مع الصين وروسيا.

 

وقد سارع رئيس البرازيل الحالي ميشال تامر إلى استرضاء حلفائه الأميركيين وتسليمهم مفاتيح الاقتصاد من خلال تعيين إيان غولدفاغن وهو صهيوني يحمل الجنسية البرازيلية كحاكم للمصرف المركزي، إجراء اعتبره قادة حزب العمال "رشوة سياسية والتحاقاً بالمشروع الخارجي الطامح إلى السيطرة على مقدرات البلاد الاقتصادية". كما أن الشركات الأميركية بدأت اتصالاتها مع تامر فور تسلمه السلطة للبحث حول التلزيمات النفطية في المياه الإقليمية البرازيلية للسطو على أكبر ثروة نفطية تعوم عليها المياه البرازيلية، عروض كان قد رفضها الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا معتبراً أن بلاده حازت على سيادتها الاقتصادية من خلال شركة "بتروبراتس" الوطنية التي تملك خبرات وكفاءات تضاهي كبرى الشركات العالمية.

  
انقلاب البرلمان ومجلس الشيوخ في باراجواي عام 2012 على الرئيس الأسبق القس فرناندو لوغو، جاء بعد تولي السفيرة الأميركية الخبيرة في شؤون أميركا الجنوبية ليليانا وايفز شؤون سفارة بلادها في أسونسيون، وبعد عام فقط تتولى وايفز مسؤولية السفارة الأميركية في البرازيل، لتصبح شاهدة على ثاني انقلاب دستوري خلال عملها، فهل هذا مجرد صدفة أم أن السفارة الأمريكية وظيفتها هندسة الانقلابات؟

  

لا تهنّئوا أردوغان

لقد فعلتها آن باترسون في مصر في فترة رئاسة الدكتور محمد مرسي ليتم الانقلاب على أول رئيس شرعي منتخب في انتخابات شهدت رقابة من المجتمع الدولي لتبارك الولايات المتحدة الأمريكية لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي انقلابه على الرئيس الشرعي وتبارك الديمقراطية في مصر. ويخرج عضو مجلس النواب النائب في الحزب الديمقراطي الأمريكي آدم شيف منتقدا التهاني التي تلقاها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد انتخابه رئيسا في 24 يونيو 2018 ليغرد على حسابه في تويتر: أردوغان نجح في الانتخابات عبر اعتقال المعارضين واستخدام العنف والحد من حرية الإعلام، وتابع قائلاً: انزلاق تركيا نحو الأوتوقراطية، يذكرنا مجددا بأن النظام الديمقراطي في العالم يتعرض للاعتداء، فلا تهنّئوا أردوغان.
   

هذه هي الديمقراطية ولكن ديمقراطية على الطريقة الأمريكية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.