شعار قسم مدونات

من يُدافع عن القرآن العظيم؟

blogs قرآن كريم
إنَّ كل كتاب من الكتب له حقوق طبع ونشر، وله من يُدافع عنه سواء كان كاتبا أو ناشرا أو وارثا لحقوق طبعه ونشره؛ إلا القرآن العظيم الذي يتعرض لحملات مُغرضة مُنظمة من التطاول عليه عبر طبعات وتفاسير مُحرَّفة، حيث نكتفي ببيان هذا الضلال وفضحه عبر بعض مقالات أو دراسات دون أن يكون لأمة الإسلام عمل مُنظم لنشر رسالة القرآن الكريم والدفاع عنه، أو موقف قوي واضح في مُواجهة من يتطاولون على القرآن العظيم.

ومن هنا كانت الحاجة ماسَّة إلى إقامة هيئة عالمية للقرآن الكريم، تقوم بواجبها في الدفاع عن القرآن، وحمل شرف تبليغ رسالة الإسلام الحقيقية إلى العالم كله من خلال القيام بإعداد تفاسير صحيحة للقرآن العظيم بجميع اللغات العالمية الحية مُباشرة، أو اعتماد (تفسير وجيز) للقرآن الكريم مكتوب بأسلوب عصري واضح العبارة؛ يُقدم الإسلام بشموليته دينا وعقيدة وشريعة وأخلاق ومِنهاج حياة للبشرية كلها، ويتم ترجمته ترجمة دقيقة أمينة مُتقنة إلى جميع اللغات الحية في عالم اليوم، وعلى هذا الأمر تأسست فكرة وجوب إقامة هيئة عالمية للقرآن الكريم لدى أستاذنا العلامة الدكتور حسن المعايرجي -رحمه الله، ونَوَّر مرقده-.

حيث أكد أستاذنا -رحمه الله- على أن الأمة بحاجة إلى هيئة عالمية للقرآن الكريم؛ تتخذ من شعار: (مُصحف لكل إنسان وتفسير بكل لسان) رسالة ومبدأ وغاية ومِنْهاجا تسعى إلى تحقيقه والتبشير به في كل مكان من أرض الله جل وعلا، وتقوم من خلاله بواجبها في الدفاع عن القرآن، والتصدي لهذه الاعتداءات الهمجية الحاقدة على القرآن العظيم، وفضح مُمارسات الدوائر الاستعمارية وأدواتها من الاستشراق والتنصير وجحافل القساوسة والرهبان والحاخامات والمراجع الباطنية من الشيعة والقاديانية وغيرهم؛ فضلا عن كتائب المنصرين الذين يجوبون العالم كله شرقا وغربا بترجمات مُحَرَّفَة لمعاني القرآن العظيم صنعوها حقدا وكيدا وتشويها وحربا على الإسلام والمسلمين؟!

كان مشروع أستاذنا العلامة الدكتور حسن المعايرجي رحمه الله- الذي يدعو فيه إلى وجوب قيام الهيئة العالمية للقرآن الكريم خدمة للقرآن العظيم وتبليغا لرسالات الله

ثُم إن هناك تساؤلات مشروعة نطرحها والحال خطيرة كما أسلفنا.. من يتصدى لقيام هذه الكنائس والمنظمات الصليبية والمؤسسات الباطنية وغيرها بطباعة القرآن العظيم (المصحف الشريف) بخلفيات فيها صور فاضحة!.. من يسعى لفضح هذا العبث؟! من يسعى لإيقاف هذا التطاول على كتاب الله والعبث في محتواه بحذف بعض آياته، وتحريف لبعضها الآخر؟.. من يسعى لفضح هذا العبث ومحاولة إيقافه بكافة الوسائل الإعلامية والقانونية المتاحة؟! من يتصدى لحملات التحريف المُتعمد لمعاني القرآن العظيم ونشرها وترويجها في كل مكان تضليلا للأمة، وفتنة للمُسلمين، وتأجيجا لأحقاد المُتربصين؟! 

ومن يُواجه حملات التشويه المقصود التي تَبُثُّ الدعايات السوداء حول الإسلام وأحكامه وشرائعه وحول رسول الإسلام سيدنا الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم -، وصحابته الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-؟! من يُواجه هذه الحملات الصليبية المُستمرة على دين الإسلام العظيم، وهي تسعى جاهدة للقضاء عليه، واستئصال أمة الإسلام بشيطنتها واتهامها بالدموية والتطرف والإرهاب، ولا حول ولا قُوة إلا بالله؟! من يستجيب لصحيات الغيورين؟!، ومن يُلبي نداءات الناصحين المُخلصين؟، من أمثال أساتذتنا الكرام المُرابطين على ثغر القرآن العظيم من العلماء الكرام الأجلاء الدكتور حسن المعايرجي -رحمه الله-، والعالم الجليل الدكتور محمد عمارة، والأستاذ الدكتور إبراهيم عوض، والمجاهدة الكبيرة المُرابطة على ثغر القرآن العظيم الأستاذة الدكتورة زينب عبد العزيز؟! وغيرهم-حفظهم الله جميعا-، وجزاهم الله عن القرآن وأمة الإسلام خير الجزاء، وقد اطَّلعوا على المُؤامرة بتفصيلاتها الدقيقة، وخطواتها العميقة؛ المؤامرة الكبيرة.. على القرآن والإسلام يا أمة الإسلام!

لذا كان مشروع أستاذنا العلامة الدكتور حسن المعايرجي رحمه الله- الذي يدعو فيه إلى وجوب قيام الهيئة العالمية للقرآن الكريم خدمة للقرآن العظيم وتبليغا لرسالات الله؛ حيث يجب أن يعرف العالم كله أن للإسلام رجال يتبنون قضيته!، وأن للقرآن رجال! يرفعون لوائه، وينشرون رسالته، ويُدافعون عنه بكل غال ونفيس؛ وأن هناك أمة حَيَّة هي أمة القرآن العظيم! التي لن تقبل أبدا أي مساس بكتاب الله العزيز؛ كما يجب أن يعرف العالم كله أن حقوق طبع ونشر وتداول وتفسير وترجمة معاني القرآن الكريم – كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – هي حق أصيل لأمة الإسلام دون غيرها على سبيل الحصر؛ فلا يجوز لأحد كائنا من كان أن يعتدي على هذا الحق، أو أن يمسه من قريب أو بعيد!

البشرية اليوم بأشد الحاجة إلى إنقاذها بالقرآن العظيم من بُؤس الفوضى والاضطراب والقلق والحروب والفتن التي تملأ حياتها، ويموج بها العالم اليوم.
البشرية اليوم بأشد الحاجة إلى إنقاذها بالقرآن العظيم من بُؤس الفوضى والاضطراب والقلق والحروب والفتن التي تملأ حياتها، ويموج بها العالم اليوم.
 

ثم سُؤال مشروع: هل يجرؤ أحد في العالم كله على العبث بالتوراة والإنجيل؟! بالطبع ستُلاحقه أجهزة إعلامية وأمنية، وحملات واسعة من الإرهاب الفكري والأمني، واتهامات جاهزة بالعنصرية، وازدراء الأديان، ومُعاداة السامية والإرهاب، وقد يُواجه بقائمة كبيرة من العقوبات التي لها أول وليس لها آخر!، وسيتطوع – بكل تأكيد – للدفاع عن هذه الكُتب المُحرفة، والتي عند أصحابها مُقدسة!، مُنظمات وهيئات ومراكز ومُؤسسات عديدة ودول وأشخاص طبيعية واعتبارية.. إلخ!

فأين أمة القرآن؟! وأين مُؤسساتنا الإسلامية الكبيرة في العالم الإسلامي اليوم من هذه المؤامرات التي لا تكاد تنتهي على القرآن والإسلام؟! أما آن الأوان لأمة الإسلام أن تتحرك لتبليغ رسالات الله، ورفع راية القرآن العظيم كما ينبغي!؟، أما آن الأوان لأمة الإسلام أن تقوم بدورها في إنقاذ البشرية كلها بنشر هداية القرآن، ونور القرآن ليعم العالم كله؟!

إن البشرية اليوم بأشد الحاجة إلى إنقاذها بالقرآن العظيم من بُؤس الفوضى والاضطراب والقلق والحروب والفتن التي تملأ حياتها، ويموج بها العالم اليوم. إنها بأمس الحاجة إلى ما يحمله القرآن الكريم من خير وأمن وأمان ورحمة وسلام لجميع البشر؛ وهذا هو جوهر رسالة الإسلام التي أنزلها الله جلَّ وعلا على نبيه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وأرسله للناس كافة بشيرا ونذيرا ورحمة، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، وكان مصداقا لقول الله -جلَّ في عُلاه-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾.

والواقع يتطلب من علماء الأمة وعقلائها وأهل الخير فيها الحريصين على نشر رسالة القرآن العظيم وإعادة الأمة إلى موقعها في الصدارة والريادة والقيادة والشهود الحضاري على الأمم؛ أن يتحركوا بصورة مُنظمة وحركة واعية فاعلة لإقامة هيئة مُتخصصة في شؤون القرآن تتبنى تفسيره بجميع اللغات العالمية؛ لتعريف العالم كله بالقرآن العظيم، وتيسير فهمه وبيانه للناس كافة، حتى يتعرفوا على حقيقة النور الإلهي والرحمة الكبيرة في هذا الدين العظيم، وكتابه العزيز؛ الذي تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه، وسيظل محفوظا بحفظ الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ وهو القائل جل شأنه: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.