شعار قسم مدونات

التيليتوبيز.. عرب المونديال!

مدونات - المغرب يخسر في مونديال 2018

التيليتوبيز أو لك أن تقول العرب في المونديال، وليس التشبيه بغريب عنهم فهم قد رحلوا مبكرا كما يرحل التيليتوبيز واحدا تلو الآخر قبل غروب الشمس بقليل، والغريب في الأمر أنهم يجدون أعذارا لفشلهم ويدافعون عنه وربما يحتفلون به ويمجدوه ويخلدونه تحت ذريعة "خسرنا مسابقة وربحنا منتخبا" تماما كما يمجدون طغاتهم بالرغم من فسادهم الطافح وفشلهم الذريع في كل المجالات والرياضة خير دليل.

  
بالله عليكم أي منتخب كسبنا إن كان سيخسر كل المسابقات؟ أين بوادر النجاح في المستقبل؟ فإني لا أراها إلا كما يرى الظمآن سرابا في الصحراء فيحسبه ماء، وإني لا أرى للعرب خاصة ولآسيا وأفريقيا عامة إنجازا في كأس العالم حتى ولو لعبوا مائة عام أخرى، أكبر أحلام العرب وطموحاتهم مجتمعين الوصول إلى ربع النهائي! أو لك أن تقول أكبر طموحات العرب في الوقت الراهن هدف في المونديال، هدف لا يكون من ضربة جزاء، هدف يبنى بناء من الدفاع أو الوسط ونخلده في فيديوهات لتستمتع به الأجيال القادمة، كما استمتع جيلنا بأهداف المونديالات السابقة التي على الأقل مرت فيها المغرب والسعودية والجزائر إلى الدور الثاني.
 

ليس الفريق الوطني إلا صورة مصغرة لحالنا نحن العرب، والرياضة بشكل عام باتت تعاني وليست الأولمبياد ونكستها منا ببعيد، لم تعد الرياضة من حق الشعب في بلاد العرب

أحلام الشعب العربي بسيطة، ليس في العالم وظيفة أهدأ بالا وأكثر راحة من وظيفة المسؤول العربي، لا حسيب ولا رقيب، لا ضغوطات في العمل ولا مؤشرات نقيم بها عمله، كل ما عليه فعله هو أن يصدر لنا الأوهام، أن يوهمنا مثلا أن منتخبا له صفر نقطة في لقائين داما 180 دقيقة ولم يستطيع تسجيل ولو هدف يتيم من خطأ أو بناء أو كرة تائهة هنا أو هناك يوهمنا بأنه منتخب كبير يجب أن نفتخر به، يوهمنا بأن مشوار الفريق ناجح وقد أدى المطلوب ولربما يعود هو ومدربه وباقي الفريق ويستقبلون استقبال الأبطال، ويوسمون بأعلى الأوسمة، ويكافؤون ببذخ من ضرائب الشعب البسيط ولا حسيب ولا رقيب.
 
في المغرب كسبنا منتخبا مكونا من 23 لاعبا، عشرون منهم ولدوا وترعرعوا في أوربا ومنهم من لا يتحدث لا عربية ولا أمازيغية، لاعب واحد من الثلاثة المكونين في المغرب أتيحت له فرصة المشاركة في المونديال، أليس هذا مؤشرا بارزا على الفشل الذريع للكرة المغربية، أليس هذا سببا كافيا لمحاسبة المسؤول، ماذا لو لم تنعم علينا أوروبا بمنتخب جاهز كونته في ثنايا ملاعبها ومكنته من مداعبة الكرة صغيرا دون تمييز ولا واسطة، بالرغم من أن اسمه ولونه يوحي بمغربيته، أتيحت له فرصة لن تتاح له في بلده، أولا لأن البنى التحتية ومدارس التكوين شبه منعدمة وأنها إن كانت موجودة فلن تأخذ في حضنها إلا ابن فلان الفلاني، نخرتنا المحسوبية وجاءت على الأخضر واليابس في بلادنا ولا من متعظ.
 
كيف ومتى زرعوا فينا حب الفشل؟ أي شعب هذا الذي يشجع الفشل وينتظر الفلاح؟ النجاح جلي واضح تحده الأرقام، لماذا لم تحدد الجامعة ومن ورائها الحكومة أهدافا واضحة جلية لرئيس الجامعة ومدرب الفريق، بوصولها يكمل المشوار وبعدم وصولها يقال دون تعويض، إلى متى سنتحتفل بالفاشلين ونكافؤهم ونغيرهم بأفشل منهم فقط لنوهم الشعب بالتغيير؟ وحتى ما إذا غيرناهم لا ننكل بهم ليكونوا عبرة لمن بعدهم بل نغدق عليهم من أموال الشعب بتعويضات تفوق تلك التي يحلمون بها في أي دولة متقدمة غنية حري بها هكذا تعويضات، متى نصبح ناضجين إلى الحد الذي يجعلنا نبحث ونتقصى مواقع الخلل قبل التغيير؟ حينها فقط سيكون باستطاعتنا بناء منتخب محلي يضاهي المنتخبات العالمية، حينها لن نكون في حاجة إلى استيراد اللاعبين كما نستورد كل شيء.
 
ليس الفريق الوطني إلا صورة مصغرة لحالنا نحن العرب، والرياضة بشكل عام باتت تعاني وليست الأولمبياد ونكستها منا ببعيد، لم تعد الرياضة من حق الشعب في بلاد العرب، لا ملاعب قرب ولا صالات رياضية في الأحياء الشعبية، كرة القدم أصبحت تدر المال وتثير اهتمام الأغنياء تماما كلعبة الغولف والمضرب أصبحت حكرا على الطبقة الأرستقراطية وريعا لا ينتفع به إلا العائلات الكبيرة، لا أكاديميات في بلاد العرب ولا مدارس تدريب وإن وجدت لا يوجد استحقاق لولوجها بل يتصرف فيها كريع يعطى لخدام الدولة وأبنائهم وإن تبقى شيء ما يترك للسماسرة يبيعون فيه ويشترون كما يحلو لهم، لا بوادر للنجاح لا بوادر للعمل، إلى مزبلة التاريخ أيها العرب، اتركونا نستمتع بما تبقى من المونديال وبهذه اللعبة الشعبية ونجد فيها فسحة من ظلمكم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.