الحياة جميلة، رغم ما تود أن تخبرني به الآن من صعوبة عيش ومشقة تعانيها من أجل عيش حياة رغدة وسخرية لاذعة تلقاها من الآخرين، ولربما تسخر من رأيي هذا أو تنعتني بطفلة ساذجة لا تفقه من الأمور إلا سطحيتها ولكن هلا منحت نفسك فرصة لتتأمل الحياة بغير العدسة التي اعتدت التأمل بها، فإنك لو منحت نفسك الفرصة لأبصرت ذلك الجانب المكتمل في حياتك، وتلك المرات العسيرة التي داهمتك ثم أتى وعد الله لك جل في علاه في قوله إن بعد العسر يسراً فباغتتك أوقاتاً بها من اليسر والبهاء ما آنساك تلك التي آلمتك وظننت حينها أنك أشقى أهل الأرض .

  
فلو أمعنت النظر لوجدت أن حياتك بها فلسفة عميقة تدفعك حتماً للتأمل.. فلكم من المرات التي داهمتك فيها الخطوب فلم ترَ من يشدد فيها عضدك ويربت فيها على كتفيك فتجرعت مرارة الصبر عليها وحدك، حتى لما ضاقت عليك زرعاً وكدت تسقط أدركك لطف اللطيف بك وأحاطتك عنايته فانتشلتك مما أنت فيه ببساطة حتى تعجبت فأنت في الوقت الذي تظن فيه أن بك من الحزن ما لا يضاهيه حزن آخر، هناك الكثير ممن يتمنون حياتك الساخط عليها فاحمد الله وتنعم بما أنعمه الله عليك واقنع به.

  

حاول دائماً أن تختلق للسعادة أسباباً ولو فكرت في حياتك لوجدت الكثير منها ولكنك غافل عنها، كن لنفسك كل شيء. لا تنتظر أحداً يأتي ليخلصك مما أنت فيه؛ لأن أحداً لن يأتي وإن أتى فمصيره الرحيل يوماً ما.. إذن نفسك هي الأجدر بك ونفسك جميلة حتى ولو نالت منها الآثام ما زالت أمامك فرصة لتمحو ثمة أثر تركته عليها.. افعل الأفاعيل لتسعدها، ابتكر أفكاراً جديدة، سر جابراً للخواطر ليجبر الله أحزانك، ابتسم كل صباح لأن هناك أشياء كثيرة تستحق ابتسامتك العذبة، فقط امنح نفسك دقائق وتأمل هذا الجانب الحلو في حياتك دعك من الناقص فيها لأنها دنيا لن تكتمل لك ولا لغيرك يوماً ما، اعلم أن الخطوب ستداهمك، ستقف الطبيعة ضدك، سيساورك القلق، ستقابل هؤلاء المثبطين، سينفثون كلماتهم المتشائمة ليثبطوا من عزيمتك ويقننوا من همتك..

   

ولكن رغم كل ذلك قف وقفة رجل شجاع واصمد الى الله اشك اليه وإن شئت لتبكي فابكِ وقل يا الله اجبرني وسيجبرك.. سيؤلمك همزهم سيتنابزونك بالألقاب ستلذعك سخريتهم بسياطها اللاذع ولكن تغافل وابتسم إليهم لا ذنب لملامح وجهك الرقيقة أن تسلب منها ابتسامتها. ستجعلهم بابتسامتك يعضون أناملهم من الغيظ، الله يقول "ادعوني استجب لكم " أيحق لك أن تحزن بعد ذلك؟ أتعلم ماذا لو استجاب الله لك لو جبر أحزانك إنه أغرق مدينة بأكلمها ليجبر عبده نوح عندما دعاه قائلاً "ربي إني مغلوب فانتصر" ترى هل ما زلت ترى الدنيا صعبة قبيحة؟ إنك من تضييق على نفسك الدنيا رغم وسعها، وذلك برغبتك في أن يكتمل لك ثمة شيء تريده، ضع أمام ناظريك أنها دنيا فترة زمنية لا تلبث أن تزول ويبقى أثرها، فخفز فيها نفسك بأن هناك حياة جميلة بها كل كمال وليس بها ثمة نقصان فاعمل لها لتهنأ بها.. وتقبل حياتك مهما كانت.

   
كن مقبلاً عليها حتى تُقبل الحياة عليك.. افتح شبابيك غرفتك دع الشمس تتسلل إليها اجعلها تداعب جفونك علها تبهج أسارير وجهك، استرق السمع لزقزقة العصافير فصوتها جميل، وضع أصيصاً يحوي نبتة على شباك غرفتك واعتن به ستتسرب إلى نفسك البهجة كلما رأيتها تكبر يوماً بعد يوماً، وأخيراً اعتن بقلبك حتى يبقى جميلاً نقياً.. فلا داعي لشحنه بالبغضاء والحقد، لا تكن سبباً في تلويثه بيديك، حافظ عليه نقياً، ولتتذكر دائماً.. إن ضاقت عليك الأرض فهناك رحاب السماء انظر إليه وتطلع إلى الخالق وسله بقلبك وادعه بلسانك وارجه بدمعك فحتماً تدق السعادة باب قلبك..