شعار قسم مدونات

المجلس الوطني.. هل هم المسؤولون لِما وصلنا إليه؟!

مدونات المجلس الوطني السوري جورج صبرا

في عامِ 2012 خرجت مظاهرات شعبية وطنية تحت مُسمى "المجلس الوطني يُمثلني" على اعتبارِ أنهم يمتلكون وعيٍ سياسي لقيادة مرحلة الانتقال في سوريا نحو المطالب التي تُلبي رغبات شعبها. في ذلك الحين امتلَكَ هذا الجسم شرعية داخلية وخارجية لكن للأسف لم يقوموا بدورِهم بتوجيه الشارع الثائر والشعب المنتفض ضد دخول القاعدة وأخواتها لثورتنا المباركة لذا حُمِلوا الجزء الأكبر لما وصلنا إليه.

  
أغلب الثورات تكون من أهمِ أسباب نجاحِها هي القيادة السياسية الحكيمة وبالتالي من أهم أسباب تفرقنا هو تفرق المعارضة السياسية في الخارج وفشلها في إدارة الحالة، فهم لم يكُن لديهم أي حنكة سياسية وطمعهم بالمناصب فرق الشعب السوري ولم يعُد يعرف ماهي الوجهة. وأيضا من زاويةٍ أُخرى يمكننا القول أنه لاشك بأن افتقاد المعارضة السورية في السيطرة على قرارات الجيشِ الحُر على الأرض جعَل ُمهمتها شبه مستحيلة لكن المعارضة تأخروا في فرض سيطرتهم وضبطِ الجيش الحُر بضوابط معينة في الوقت الذي كانوا هم البيت القصيد واليد الضاربة عليهم ودليلاً على ذلك تمويل الجيش الحُرفي مدينة حلب وتزويده بالكامل كان عن طريقهم.

  
لنفترض مثلاً ونفكر بعقلانية قليلاً لو أن المجلس الوطني في عام 2012 في عِزِ الانتصارات العسكرية، وعندما كانت معنوياتِ الثُوار تُعانقُ السماء قام بالتحذير من فكرِ القاعدة والمُمَثلة بجبهةِ النُصرة والتي كانت تُعتبر في ذلك الوقت رأسُ الحربة لأي معركة مع نظام الأسد. لو فعلوا ذلك حقاً لكان الثوار في الداخل ثاروا عليهم واعتبروا ذلك من صُنعِ نهايتهم. وحتى الشعب أيضا لفعل ذلك لأنه نهايةً المجلس الوطني والعسكري والسياسي والرياضي وحتى علماء الشام والمحاكم اللاشرعية كُلِها يعتبر الشعب أنها فُرضت فرض عليه والشعب قَبلها تحت القهر طمعاً بالخلاص. فمثلما فُرضَ علينا المجلس الوطني و.و.و فُرضت علينا القاعدة وغيرها.

  

مات الكثير ويموتون لكن سوريا لن تموت.. باقية نبضُ تاريخٍ سيكتُب بأنه من خوضِ تجربة موتٍ علني أمام العالم أجمع لنجعل من أجسادنا جسراً ليعبرُ منهُ السوريين أجمع الى شاطئ الكرامة والحرية

في تصريحٍ من غسان المُفلح بعد انسحابه من مؤتمر أنطاليا رغم انتخابه في الهيئة الاستشارية أكد أن السبب الجذري لانسحابه هو الارتجالية والمحسوبيات والشخصنة ضمن المجلس بعيداً عن أي خلافٍ سياسي، على الرغمِ من أنه معظم الفاعلين في هيئة التنسيق عموماً هم رموزٌ تاريخية في المعارضة بقيت تتوضع في نفسِ الموقف تاريخياً، وهذه على الرغم من ايجابيتها يبقى لها مثلبة يحاول خصوم المجلس اللعبَ فيها وهذا يعني أن هؤلاء من راكبي الموجة الطامحين إلى أن يكون لهم حِصة في الكعكة وهذا بالطبعِ غيرُ صحيح وإن كان صحيح فهو ينطبق على الأقلية القليلة من المجلس.

  
هناك أيضاً عدم وحدة خطاب تجعل المجلس يبدو ضعيفاً في مجمل القضايا. التوضيح ووحدة الخطاب مطلوب أمام الشعب السوري أولاً وعاشراً أمام بقية الُمعنين بالشأن السوري. فالتيار الحلبي داخل جماعة الإخوان المسلمين يُريد الحوار مع النظام وبإشراف تركي حصراً!! وقسمٍ آخر يريد الحوار بإشراف قوى عربية، فماذا تقولون عن قضية الحوار؟ والموقف من التدخل الدولي كيف تفهمونه؟! وكيف ستتعاملون معه؟! كيف يمكن حل هذه المعضلة التي يستفيد منها كل من يحاول التشكيك؟

  
ونهايةً إلى كلِ معارضٍ شريف يخافُ على دماء الوطن وعلى الوطن وأصالته وتاريخه سواء المجلس يُمثلك أو لا يُمثلك تعلمَ من الحياة "إذا هبَت رياحُك فاغتنمها" لنغتنم فرصة الحوار في أي شأن سوري مرَّبنا ولنستفيد من رياحِ التغيير.. ويكفي يكفي كلام ماكينةِ الموتِ لا ترحم. الآخرون يتفرجون ونحن نختلف لنموت. مات الكثير ويموتون لكن سوريا لن تموت.. باقية نبضُ تاريخٍ سيكتُب بأنه من خوضِ تجربة موتٍ علني أمام العالم أجمع لنجعل من أجسادنا جسراً ليعبرُ منهُ السوريين أجمع الى شاطئ الكرامة والحرية.
   

أتمنى أن تُكلل كُلَ الجُهود بالنجاح في إسقاطِ آل الأسد وكُلُ من أراد بنا وببلادنا سوء.. لأن سوريا أمانةً في أعناقنا وبدون أي توريات واستعارات لغوية ملتوية للالتفاف على المواضيع الحساسة والملغمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.