شعار قسم مدونات

أن تكون عارفا بالله..

blogs عبادة

أنت الأن تائه حيران شارد تواق إلى الوصول إلى الله لكن أتعبتك تلك الدروب الكثيرة وإرشادات الأخرين لك التي لم تأت أكلها طالت رحلتك عن الوقت المحدد ولم تصل بعد لكن مهلا ربما نسيت شيئا قبل أن تبدأ رحلتك. أيها المسافر إلى الله تذكر أولا أنك وفي رحلتك للبحث عن الله يجب أن تدرك أنك لست في الحاجة إلى من يدلك لطريق النور الإلهي ولا حاجة لك أن تكون مريدا لأحد ولا ظلا أو تابعا له فهذا سيجعل من مهمتك للوصول إلى الله شاقة صدقني لست مضطرا إلى أن تكون عبدا في طاعة مولى لمجرد رغبتك الشديدة في القرب من الله أنت حر وفي غنى عن كل تلك القيود والمطبات التي تجعل من الوصول إلى الله أمرا عسيرا بالنسبة إليك فمعرفة الله أو القرب منه ليست حكرا على أي كان.

أتدري ما أنت في حاجة إليه هو أن تكتشف ذلك القبس والوهج النوراني القابع بداخلك والذي ربما لم تلحظه وأن تسبح وسط بحر المعرفة الالهية حتى ولو لم تكن تتقن السباحة ففي نهاية المطاف هناك من سينقدك ويرعاك هناك من سيلتقطك وأنت ترتجف وأنت في حالة التيه تلك ولا بد لك أن تكون على يقين تام بذلك فلا يمكن لقطعة روح بنفحات إلهية قدسية أن تضل طريق المعرفة أو تحيد عن أصلها الثابت. مهلا لحظة نحن لم ننتهي بعد أريدك أن تعلم أيضا أنه كي تكون رحلتك ذات نفع وإفادة هناك قاعدتان مهمتان لابد لك من احترامهما وأن تضعهما في حسبانك.

أولا: أنت غير ملزم على التوشح بالسواد والدخول في قوقعة منعزلة وأن تضع نفسك في خانة المقربين الناجين وتصنف غيرك على أنهم من الضالين فأنت حتى لو بلغت درجات عليا من العبادة والتقوى ففي لحظة ضعف ستنهزم أمام تكبرك ونفسك المتعالية ومعركة واحدة إن أنت خسرتها ستكلفك العودة إلى البدايات وليس هناك ما هو أصعب من أن تجد نفسك خاوي الوفاض بعد جهد طويل.

لتدرك أن الله في أعماقك هو في تلك الزوايا العميقة المظلمة في ذاتك والتي ظننت أن لا أحد سيصل إليها يوما وهو على علم بسجيتك وبما يدور في خلدك في كل لحظة

ثانيا: والأمر الأهم لست مجبرا على الاختفاء وراء لباس بال دلالة على الزهد أو التمايل وفق حركات لا أساس لها أو ترديد ترانيم لم ينزل بها الله من سلطان وربما قد تجهد قصبتك الصوتية فيما بعد وكل ذلك بغية أن تتأمل التأمل لا يحتاج منك كل ذلك الجهد المضني يكفي أن تجد لحظة الصفاء تلك التي تستوعب خلالها لم خلقت ولأي غاية أنت موجود في ملكوت الله الواسع.

لا حاجة لك في كل ما سبق يكفيك أن تكون إنسانا سويا بعقله وروحه له فطرة إنسانية سليمة توجهه وتقتاده إلى الطريق الصحيح ولو افترضنا أنك لا تريد أن تصنف ضمن أي طائفة مما سبق ليكن لك ما أردت لكن كن محمودا ومتورعا ومجانبا للصواب والحقائق الدينية الثابتة دائما وفي جميع الأحوال. ولتعلم قبل كل شيء أن الله لم يطلب منا يوما أن نتخذ شكلا معينا كي يحبنا أو يسمح لنا بالتواجد بالقرب منه فالله ينظر لقلوبنا أولا قبل كل شيء وإلى جوهرنا ومعدننا والله يريدك أن تجده وتسعى جاهدا إلى معرفته معرفة حقة.

 
فلتدرك أن الله في أعماقك هو في تلك الزوايا العميقة المظلمة في ذاتك والتي ظننت أن لا أحد سيصل إليها يوما وهو على علم بسجيتك وبما يدور في خلدك في كل لحظة فلا بد لك إذن أن تشعل ذلك الوميض الإلهي بداخلك والذي ربما خفت وميضه أو انطفأ وأصبح نسيا منسيا بينما أنت منشغل بمتاهات هذه الدنيا الفانية وتوقظ وجدانك المشتاق للارتواء من حب الله وأن تجعل بينك وبين الله ميثاقا غليظا قوامه الصدق والإخلاص.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.