شعار قسم مدونات

هل يكون مؤتمر المعارضة العراقية حجر أساس لدولة مدنية؟

blogs مؤتمر المعارضة العراقية

مَرٌ العراق على مدى العقود السابقة بإخفاقات وانتكاسات كثيرة بسبب الأخطاء التي ارتكبها أشخاص تفردوا بالسلطة تحت أسباب ومسميات مُختلفة وحتى بعد تغيير النظام الحاكم في العراق عام 2003 لم تأتي الأحزاب المُسيطرة على السلطة بشيء جديد لخدمة أبناء هذا البلد وإنما كرست للتسلط والدكتاتورية وبعد أن فرضت سلطتها عمدت إلى تكميم الأفواه وتقييد الحريات مُعتمدة على إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية بمساعدة دول الجوار.

 

استحوذت على كل مؤسسات الدولة وجيرتها لمصلحة أحزابها بأشخاصه ولم يعد هنالك دور لأي مؤسسة مستقلة فالقضاء والنزاهة ومفوضية الانتخابات وحقوق الإنسان هي مجرد أدوات بيد أحزاب السلطة تحركها في سبيل ضمان بقائها اللامحدود دمرت خلال فترة حكمها الزراعة والصناعة والاقتصاد ملأت وزارات ودوائر الدولة ومؤسساتها بالبطالة المقنعة التي ترهق كاهل ميزانية البلد وعجزت عن إيجاد فرص العمل الحقيقية للنهوض بواقعه بعد أن فتحت الحدود أمام الصناعات المستوردة على حساب المنتج المحلي الذي توقف بسبب انعدام الخدمات ومنها الكهرباء التي تدير مكائن المصانع والمعامل. استشرت الميليشيات التي تعبث بأمن البلد وسلامة المواطن كما ملأت السجون بالأبرياء الذين يعتقلون لأسباب طائفية أو بدعاوى كيدية فلا حديث عن حقوق الإنسان بعد أن انتشر التعذيب في كافة السجون الحكومية العلنية منها والسرية والأحكام الجائرة المبنية على اعترافات منتزعة بالإكراه وانتهاك الأعراض حسب تقارير منظمات حقوقية وبعثة الأمم المتحدة في العراق يونامي).

 

انطلقت المظاهرات المطالبة بالإصلاح والتغيير في عموم أنحاء العراق من شماله إلى جنوبه حاولت أحزاب السلطة قمع هذه التظاهرات وحرفها عن مسارها الحقيقي بعد أن زرعت في أجهزتها الأمنية الاستخبارات، الأمن الوطني، مكافحة الشغب.. إلخ الالاف من المنتسبين الذين ترشحهم الأحزاب من خلال أعضاء البرلمان ومجالس المحافظات أقاربهم وأبناء عمومتهم وهم يتمتعون بالحصانة من أي عقاب لأن القضاء بيدق شطرنج بيدهم ليكونوا أداة يستخدمونها كيفما يشاؤون ومتى يشاؤون.

 

المعارضة الوطنية هي معارضة سلمية وكما بدأت من خلال التظاهرات السلمية في الداخل فأنها يجب أن تستمر على هذا الأساس حتى تحقيق أهدافها في سمو ورفعة الإنسان العراقي

طاردت هذه الزمر الناشطين المدنيين والسياسيين في عموم أرجاء العراق لُفقت التهم للبعض بمساعدة القضاء وهددت الأخرين ليكفوا عن المطالبة بحقوقهم إلا أن كل هذه المحاولات الفاشلة لم تأتي أكلها فقد انبثقت تنسيقيات للحراك المدني وعقدت المؤتمرات والندوات التي غرست البذرة الأولى للمعارضة الوطنية في بغداد دار السلام سبقها مؤتمر لمطالبة حكومة بغداد بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية والتوقيع على معاهدة روما وكان أول ثمار هذا الحراك الشعبي الوطني العزوف الكبير عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية لعام 2018 الذي أرغم الأمم المتحدة من خلال بعثتها في العراق إلى الاعتراف الضمني بفشلها وأوضح لهم أن الشعب العراقي سئم من حكم هذه الأحزاب.

 

ولأجل تكثيف الجهود والخروج بنتائج إيجابية تخدم أبناء هذا الشعب علينا العمل ووضع الخطوط العريضة التي تتبناها المعارضة الوطنية في الداخل والخارج من خلال توحيد الجهود والتهيئة لعقد مؤتمر وطني موحد للمعارضة العراقية يكون حجر الأساس لبناء دولة مدنية مستقلة بعيدا عن التدخلات الأجنبية والضغوطات الخارجية والتركيز على التنسيق بين المعارضة الوطنية في داخل العراق وخارجة وعقد الاجتماعات والمؤتمرات المصغرة بين أعضاء الهيئة التحضيرية والناشطين والسياسيين العراقيين في الداخل والخارج بغض النظر عن قوميتهم أو مذهبهم أو دينهم أو انتمائهم الحزبي وعدم الاعتراف بأي قرارات صادرة عن المحاكم العراقية بعد عام 2003 شرط عرضها على محكمة تتمتع بالحيادية والنزاهة خارج العراق.

 

وفي حال الاعتراف بهذه القرارات من قبل الشرطة الدولية الانتربول لأن أغلب القرارات الصادرة من المحاكم العراقية بعد 9/4/2003 بنيت على دوافع سياسية أو طائفية أو اعترافات منتزعة بالإكراه وعدم استثناء أي مواطن عراقي من حضور الجلسات التحضيرية لمؤتمر المعارضة شرط ثبوت انتماءه وولاءه لوطنه العراق وليس لدولة أو طائفة أو قومية ما حيث أن شعار المعارضة الوطنية يجب أن يكون الإنسان العراقي أولا والتنسيق والترتيب الدوري والمتواصل مع هيئات ولجان الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأعضاء البرلمانات والحكومات المهتمة بالشأن العراقي لتقديم الدعم والمساعدة والمشورة للمعارضة الوطنية.

 

كما أن المعارضة الوطنية هي معارضة سلمية وكما بدأت من خلال التظاهرات السلمية في الداخل فأنها يجب أن تستمر على هذا الأساس حتى تحقيق أهدافها في سمو ورفعة الإنسان العراقي وأن الدعم المادي يجب أن يعتمد على الإمكانيات الخاصة لأعضاء المعارضة وعدم تبني أي دعم من جهة ما لمنع مصادرة جهود الوطنيين وتجييرها لتلك الجهة كما يجب التزام كافة الأعضاء بعدم كشف الأسماء والعناوين على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي إلا بعد الرجوع إلى كافة الأطراف والاتفاق على أن يكون هنالك متحدث رسمي والابتعاد على تبجيل ومديح رموز دينية أو سياسية أو حزبية أو أشخاص معينين أو التنكيل والإساءة والتشكيك بأي عضو من أعضاء المعارضة بهدف تسقيطه أو تشويه صورته لأي سبب كان. فالإنسان العراقي كما سلف هو الغاية، وبناء الوطن ما نسعى لتحقيقه، هذه وبشكل مختصر ما علينا القيام به في سبيل العراق خروج العراق من هذه الدوامة التي يلف منذ عقد ونصف من الزمن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.