شعار قسم مدونات

كيف يلعب الإعلام دوره في ماليزيا؟

مدونات - ماليزيا مهاتير محمد
شهدت الآونة الأخيرة في ماليزيا تغيرات سياسية قوية، فبعد أن حَكم حزب الأمنو ماليزيا لأكثر من 60 عام تأتي المعارضة الماليزية بتحالف من الإخوان المسلمين والصينيين والهنود ليقفوا خلف الدكتور مهاتير محمد المنقذ للماليزيين كما لقبوه بعد أن ابتعد عن السياسة منذ عام 2003، وعاد بعد أن انتشر الفساد بحسب ما يقول الماليزيين عن رئيس وزراء ماليزيا السابق محمد نجيب بعد أن تلقى أكثر من اثنين بليون رنجت كما ذكرت جريدة نيوزشوب باللغة الملايو في السادس من يونيو- حزيران عام 2018.

    

أين استخدمت هذه الأموال؟

لقد دُفعت هذه الأموال كما أعلنت منظمات ماليزية أنها قدمت لنجيب رزاق من أجل القضاء على الإخوان المسلمين في ماليزيا بعد أن تعددت أنشطتهم وبرز وجودهم داخل المجتمع الماليزي، حتى أنشأت الجماعة حزب خاص لها تنظيمياً وفكرياً ونفى نجيب هذا الاتهام ليعلن أن هذه الأموال كانت هدية من السعودية.
 

كتبت في تديونة سابقة بعنوان (مهاتير محمد.. هل "الإخوان المسلمون" حقا جماعة لا تموت؟)
وكيف كان دور الإخوان المسلمين في الدور السياسي والعملية الانتخابية في ماليزيا، لنستكمل في هذه التدوينة كيف يتعامل الإعلام الماليزي في الصراعات والأحداث التي تحدث في ماليزيا سواء كانت أحداث عامة أو أمور دينية.

  
في البداية نعم مهاتير محمد ليس من الإخوان المسلمين ولكنه صديق حميم للإخوان المسلمين، فقد زار مهاتير محمد مصر في خلال حكم الرئيس المخطوف الدكتور محمد مرسي وقد كُرم مهاتير محمد من قِبل الدكتور خيرت الشاطر لنُثبت هنا أن العلاقة بين الطرفين هي علاقة جيدة ولا يوجد بها أي شوائب كما يدعي البعض.

  

الإعلام الماليزي والصراع الداخلي
بالرغم من سيطرة الإعلام الماليزي على فكرة أن الخمر والكحول مضر للناس عامة إلاّ أنه يباع في المحلات وينفق الشعب الماليزي ما يقارب 500 مليون رنجت سنوياً على المشروبات الكحولية

على القارئ أن يعلم أن ماليزيا تتمتع بسيادة خاصة في جنوب شرق آسيا ولكنها أيضا تواجه ضغوطات دولية وأيضا داخلية من منظمات صينية بسبب مقاطعة ماليزيا لدولة الاحتلال الصهيوني، بالإضافة إلى أحداث ما قبل الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عندما اجتمع في العاصمة كوالالمبور مشتبه بهم ممن قاموا بأحداث الحادي عشر من سبتمبر-أيلول، إلاّ أن أمريكا نفت أن يكون لماليزيا دور أو دعم للقاعدة أو غيرها كما اتهمتها دولة الاحتلال.

  
في ظل وجود حكم فيدرالي في ماليزيا واقتصاد قوي إلاّ أن شعب الملايو لا ينسي الاحتلال السيامي (التايلاندي) وما فعله في ماليزيا، فيلعب الإعلام على هذا الوتر بين شعب الملايو، فيرى شعب الملايو في ماليزيا أن تايلاند قد احتلت كل ولايات جنوب تايلاند الحالية وخصوصا ولايات (جالا- فطاني- ناراتيوات) التي ما يزال أهلها يتكلمون بلغة الملايو بجانب اللغة التايلاندية ولكن المراد هنا أن نتوقف ونعلم إن كانت ماليزيا دولة ذات سيادة وقانون، فماليزيا أيضا لا تستطيع أن تُسيطر على جيرانها سواء فكرياً أو سياسياً وتحاول أن تبعد عن الصراعات والأزمات، حتى في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رفضت ماليزيا التوقيع عليها ليستغل الإعلام الماليزي هذا الحدث، على أن ماليزيا يوجد بها أكثر من 8 مليون عامل أجنبي ولا تحتمل أن تحتوي على لاجئين ومع كل هذا لم يتأخر الإعلام الماليزي في الترويج لِنُصرة قضية فلسطين وسوريا.

  
إن دور الإعلام هنا في ماليزيا يسير مع التيار، ففي الآونة الأخيرة أعلنت جريدة الرياض في عام 2015 أن الأمير محمد بن مناف التقى مع مبعوث الحكومة الماليزية للمملكة قائد قوات الجيش الجنرال تان سري راجا محمد أفندي بن رجا محمد نور ونائب مدير الفرع الخاص للشرطة الملكية الماليزية (الاستخبارات بفرعيها) الداتو عبدالحميد بن بادور والوفد المرافق له وأعلنت الجريدة أن ماليزيا تؤيد عاصفة الحزم، حتى عاد قائد قوات الجيش الماليزية ونفى هذا الأمر وأعلن أن ماليزيا تقف على الحياد لتخرج الصحف الماليزية وتعلن أن ماليزيا لا تقف مع عاصفة الحزم وأن ماليزيا لا ترحب بالشيعة على أراضيه.

   

مهاتير محمد (الجزيرة)
مهاتير محمد (الجزيرة)

 
يمارس البعض مقولة أن ماليزيا دولة علمانية ويشبهها بتركيا خلال فترة حُكم كمال أتاتورك، وكما ذَكرت من قبل أن هذا الأمر يُزعج الماليزيين المسلمين كثيرا لإيمانهم التام أنهم يمارسون كامل حقوقهم الدينية، بالإضافة أن الماليزيين يتبعون المذهب الشافعي ولا يرحبون بالوهابية والشيعة، ولكن في الفترة الأخيرة لعبت السعودية دوراً مهما في نشر الفكر الوهابي عن طريق توفير المنح الدراسية للماليزيين للدراسة في السعودية في منحة مجانية شاملة حتى بدأ الفكر الوهابي في الدخول كبدعة في أوساط شعب الملايو خصوصا في ولاية برليس أقصى شمال ماليزيا.

 

إعلام على منهج وتخطيط
الإعلام الماليزي دائما ما ينتصر في القضايا الإسلامية ويستغل تعاطف الماليزيين مع القضايا الإسلامية مثل فلسطين وسوريا والتشيع الممنوع في ماليزيا

تمنع ماليزيا الترويج إعلامياً لأي نوع من أنواع الخمر، فحتى في التلفاز الماليزي يمنع منعاً تاماً الترويج للمشروبات الكحولية بالإضافة إلى عروض السينما وإعلانات الطرق السريعة، ولكن بالرغم من سيطرة الإعلام الماليزي على فكرة أن الخمر والكحول مضر للناس عامة إلاّ أنه يباع في المحلات والأسواق وينفق الشعب الماليزي ما يقارب 500 مليون رنجت سنوياً على المشروبات الكحولية، بالنظر إلى أن ماليزيا دولة متعددة الأعراق من ملايو وصينيين وهنود إلاّ أن هذا الموقف يجعل من الإعلام الماليزي والحكومة الماليزية في موقف قوة لذلك يعتقد ويؤمن البوذيين والهندوس في ماليزيا أن ماليزيا دولة إسلامية وأنها ستطبق الشريعة الإسلامية في يوم من الأيام، حتى إنه في العام 2017 الماضي رفضت البلدية في ماليزيا أن تقيم مهرجان للخمر وعندما احتجت المنظمات الصينية والهندية على أن هذا تقييد للحرية خرج الإعلام الماليزي ليلعب دوراً مهما في هذه القضية وأشار أن إلغاء المهرجان كان بسبب تهديدات من داعش دون الإشارة إلى أي سبب ديني لتسكت الألسنة والمنابر المعارضة إذا تعلق الأمر بالأمن القومي.

   
في العام الماضي وقف حزب أمانة المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين موقف صارم وحازم أمام الحكومة الماليزية والمؤيدين لفكرة الإلحاد وعلى أن هذا عرف جديد داخل المجتمع الماليزي فالدستور الماليزي يمنح حق الإيمان والحرية لكل شخص وأيضا المبادئ الخمس الماليزية التي تقول: 
1- الأيمان بالرب
2- الولاء للملك 
3- احترام الدستور 
4- تطبيق القانون
5- التحلي بالآداب والأخلاق

   
ففكرة الإيمان بالرب يجب أن تكون موجودة لدى كل فرد ماليزي مع اختلاف الأديان والمعتقدات. وفاز حزب الأمانة بالقضية ليصدُر قانون بمنع تجمع الملحدين في ماليزيا ومنع جميع الأنشطة الخاصة بهم.

 

الإعلام الماليزي دائما ما ينتصر في القضايا الإسلامية ويستغل تعاطف الماليزيين مع القضايا الإسلامية مثل فلسطين وسوريا والتشيع الممنوع في ماليزيا، ولكن اشتعلت الشوارع الماليزية في الفترة الأخيرة بعدما طُبع أنجيل باللغة الماليزية في ماليزيا واستخدمت فيه كلمة لفظ الجلالة (الله) وقد أعرب الإعلام الماليزي عن رفضه لهذا الأمر ليخرج الماليزيين في احتجاجات واسعة بعد حملة إعلامية ناجحة بقيادة الأحزاب الإسلامية في ماليزيا هزت مشاعر المسلمين على أن لفظ الجلالة هو خاص فقط بالمسلمين ولا يمكن أن يستخدم في أي كتب سماوية أخرى، لتعتذر الكنيسة الكاثوليكية عن ما حدث وتمنع بعدها الحكومة وجود هذا الكتاب وتصادره في المطبوعات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.