شعار قسم مدونات

رمضان هذا العام انحطاط درامي وأخلاقي

مدونات - مسلسل الهيبة
نعم ربما أصبح بإمكاننا بعد العديد من الرمضانات وبعد العديد من مشاهدة المسلسلات والبرامج التي تُعرض بشهر رمضان المبارك وبعدما شارف شهر الخير والبركة على الانتهاء أصبح بإمكاني أن أنطق وأتكلم عن تلك المشاهد والبرامج التي تُبث. ما يعرض صراحة هو أحد أنواع الدراما صحيح ولكن ما عرض هذه السنة وفي السنوات السابقة كان "مهزلة" وهي نوع من أنواع الدراما لا معنى لها بشكلٍ عام وتعتمد بتمثيلها على المبالغة والتهريج. فما نشاهده اليوم على قنواتنا العربية لا ينتمي لا للهوية العربية ولا للهوية الإسلامية ولا حتى للمواطن العربي أو الإسلامي بأي شيءٍ يُذكر.

 
منذ بدأ ثورات الربيع العربية والدراما العربية تتجه وتتراجع إلى الخلف من جميع الجوانب وبجميع الأشكال سواء كانت برامج بكل أنواعها أو مسلسلات أو إعلانات حتى. فليومنا هذا لم يعرض بالدراما العربية عمل يمثل حقيقة ثورات الربيع العربي أو برنامج -على قناة غير إخبارية- مهتم باللاجئين بشكلٍ حقيقي أو ما شابه. فالدراما اليوم بعيدة عن الأخلاق، بعيدة عن عكس صورة المجتمع الحقيقة، بعيدة عن طرح مشاكل المجتمع أو المواطن ومناقشتها بصورة واقعية ومفيدة.

  
فما إن انتهينا من سيناريو "مسلسل باب الحارة " الشهير الذي أخذ من عمر المواطن العربي عشر سنوات والتي لو قرأ فيها المواطن العربي كل يوم ساعة من كتاب عن فرنسا واحتلالها لسوريا لكنا اليوم نحن محتلين فرنسا فباب الحارة كان عبارة حالة صغيرة أصابت الكتاب ليجلس ويكرر المشاهد والكلام ولكن بممثلين مختلفين لم أذكر أن باب الحارة نطق أو بث للمشاهد العربي أو عكس صورة الشعب السوري بشكلٍ صحيح فهو مسلسل فيه الكثير من الكذب والخدع والتحريف.

  

وصلت لمرحلة الانحطاط والتفاهة وأصبحت دراما عديمة الفائدة ولا تمثل المواطن ولا بأي شكل من الأشكال، وأتمنى أن تنهض الدراما العربية مرة أخرى وتعود إلى هدف الفن الرئيسي

وأما رمضان 2018 فلدينا "الهيبة" مسلسل يعود إلى الوراء بأحداثه كي يخرج عن المألوف ولكن بصراحة هو عبارة عن مشاهد لا لن أقل بالمضمون كاذبة وإنما مبالغة فيها لدرجة كبيرة جداً، مشاهد تملؤها الكلمات البذيئة والشتم والصراخ وحتى وصلت بعضها للشتم بالرب، وأظن أنه يمشي على خطى باب الحارة لأن المخرج أراد من المشاهدين أن ينتظروه في الجزء الثالث الذي سيعود فيه جبل إلى طفل يبلغ من العمر عشر سنوات أعتقد.

  
في العام الماضي كان لدينا "غرابيب سود" على شاشة أم بي سي وأما اليوم فلدينا أبو عمر المصري مسلسلات على أساس أنها تعكس المسلمين ولكن بصورة داعشية وإرهابية. وفي العام الماضي أيضاً في الدراما السورية كان لدينا مسلسل "ضبوا الشناتي" الذي على أساس انه مسلسل يعكس حالة اجتماعية وتهجير ونزوح وما شابه ليكمله هذا العام مسلسل "روزنا" أيضاً دراما سورية لا معنى لها.

 

وأما على صعيد البرامج لدينا الذي يرافقنا وأعتاد تقديمه منذ خمس سنوات "رامز جلال" والذي يحمل على حد قوله قالب الفكاهة والمقالب، ولكن وأعتذر لأنني إلى الآن لم أفهم شيء من تلك البرامج فــ مرة رامز تحت الأرض وأخرى في السماء ورامز تحت الصفر وفي درجة الغليان رامز يلعب بالنار وبين الأشجار ولا أعلم أين سيكون رامز العام القادم. برامج تُكلف الملايين من الدولارات بلا فائدة وحتى أنها لا تضحك بل وصلت إلى درجة التفاهة فلو وزعت تكلفة تلك البرامج على المشاهد لربما سيصبح سعيداً أكثر وسيبتسم أكثر ولن يشاهد التلفاز ثانية، فليومنا هذا ولموسمه هذا لا أفهم من الحلقات شيء بسبب امتلائها بالطووووط والتووووووت والرنين على الكلمات البذيئة والشتم وعندما أشاهده أشعر وكأني أشاهد ناشيونال جيوغرافيك فمرة أسد وأخرى نمر ويليه دب ولا أعلم ماذا أيضاً.

  

وأخيراً بالنسبة للدراما العربية أعتقد أنها وصلت لمرحلة الانحطاط والتفاهة وأصبحت دراما عديمة الفائدة ولا تمثل المواطن ولا بأي شكل من الأشكال، وأتمنى أن تنهض الدراما العربية مرة أخرى وتعود إلى هدف الفن الرئيسي ألا وهو الرسالة. وأما بالسنة للانحطاط الأخلاقي فإن شهر رمضان شهر الخير والبركة -وهو أحد أعمدة الإسلام لأن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قال أن الإسلام بُنِيَ على خمس وأحدها "صوم رمضان"- لكن ما رأيته هذا العام أن الشعب السوري وخصوصاً في دول اللجوء ودول الجوار أصبح الكثير جداً منهم لا يصوم شهر رمضان بل ويُجهر بالإفطار وذلك من وجهة نظره أنه تأثر بالعادات وتقاليد الدولة التي يعيش فيها، ونسيَ الكثير أن المسلم الحق والذي له عقيدة وأساس ثابتين لا يتغيران لا يتأثر بل يؤثر. والذي لفت انتباهي أيضاً هو المظاهرات التي حدثت بتونس للمطالبة بالإجهار بالإفطار!

 
ما نحتاجه حقا هو فن يحمل رسالة الأخلاق والتوعية للجيل القادم والسابق، كما نحتاج إلى القراءة عن شهر رمضان بالإسلام وبالعلم ومن ثم نُحكم أنفسنا أمام الله. وأعاده الله علينا وعليكم وعلى العالم الإسلامي بالخير والبركة والسلام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.