شعار قسم مدونات

وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى.. هل المرأة تحتاج عدلاً أم مساواة؟

مدونات - أم وابنتها

اليوم وأثناء جلوسي في الجامعة في قاعة مخصصة للدراسة، قطع علينا الهدوء صوت بكاء طفل، كانت مفاجأة فالتفتنا جميعاً وإذ بها طالبة جاءت تقدم امتحانها النهائي مع طفلها الرضيع، كان مشهداً مهيباً تذكرت في حينها آية "وليس الذكر كالأنثى" لطالما استوقفتي كثيراً، فكثيراً ما كنت أفكر، كيف ولماذا ليس الذكر كالأنثى؟ وخاصة أن المجتمع حينما يحتد معك في نقاش يخص جنس معين ويُرِيد ان يُظهر قدرات الرجل والتقليل من قدرات المرأة يستند بهذه الآية ويقول لك، "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى" آل عمران 36.

 

إن كنتِ ممرضة وتعودين إلى البيت في منتصف الليل، أو إن أردت السفر أو الدراسة أو العمل وأنتِ أم لأطفال ستسمعين عبارة "مفكرة حالك شب!" أو استدلال الشخص بآية " ليس الذكر كالأنثى" ظناً انه سيُفحمك إلى الأبد، كيف لا وهذا ما ورد في القرآن!

 

لنعود إلى الوراء قليلاً لنتعرف على معنى ومفاد هذه الآية أكثر، وهل تحقق معناها أصلاً! جاءت هذه الآية على لسان امرأة عمران، حينما نذرت ما في بطنها لله تعالى، لشدة ذهولها بالحمل الذي جاء بعدما ظنت أنها عاقر، فتأملت انها ستلد صبياً تجعله قديس في خدمة الله، لكن المفاجأة كانت أنها ولدت أنثى، فأدركت امرأة عمران أن النذر الذي نذرته لن تفي به ولأن النذور لها قيمة، بدأت تعتذر من الله بأن قالت "رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى"، "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى" قالتها بعدما تيقنت من أنها ستقصر بحق الوعد الذي قطعته لأنها أنجبت فتاة والنمطية التي تسود هي أن الفتاة مصيرها الزواج وتربية أطفالها والجلوس في بيتها تطبخ تغسل تنظف، والخ فكيف سيتحقق الوعد الصعب!

  

الذكر ليس ولن يكون كالأنثى صحيح، فالآن الأنثى مُربية ومعلمة وطباخة وعاملة في بيتها كل هذا في آن واحد ومهما قدم لها الرجل من يد العون سيبقى مقصر

كَبُرَت سيدتنا مريم، وكسرت قواعد النمطية المتعارف عليها، لم تطبخ وتكنس لم تتزوج واعتكفت طويلاً كما يفعل القديس. وبذلك تكون قد كسرت قاعدة " ليس الذكر كالأنثى" فكانت سيدتنا مريم أفضل وأقدر من ألف رجل. هناك كُثر يسعون للمساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء أملاً وطموحاً أن تصل المرأة لمكانة الرجل، يطالبون بأمور لو نظرنا فيها إلى السنة لوجدناها كانت موجودة وأوصى عليها الاسلام، تودين من باب المساواة أن يساعدك الرجل في اعمال المنزل؟ لم تحضري شيئاً جديداً ومميزاً إلى الساحة فالنبي عليه الصلاة والسلام كان أفضل قدوة في مساعدة الزوج لزوجته فكان مثال للزوج العامل الذي لا يمنع زوجته من العمل.

 
النبي كان يُخيط جوربه في حين تجد الآن رجل يطلب من زوجته أن تُلبسه الجوارب طاعةً منها، النبي تزوج أكبر تاجرة في الإسلام في حين نسمع الآن جملة "ما في عنا نسوان تشتغل" النبي صرح لزوجته عائشة أن تُعلِم الصحابة في حين تسمع زوجاً يقول لزوجته "أنتِ درسي ولادك ويكثر خيرك".

  

هل المساواة هي الحل؟

الأصل هو ألا نسعى للمساواة بين الرجل والمرأة لآن هناك ستبقى فجوة يستحيل أن يسدها أحدهما ويصير هو الجريندايزر، فيزيائيا هناك اختلاف، عاطفياً هناك اختلاف ومهما أردنا ان نضعهم معاً في نفس الخانة سنكون غير منصفين وبذلك سنظلم المرأة أصلاً.. ففي حين يتمتع الرجل بقوة جسدية تتمتع المرأة بطاقة تحمل وعدا عن الاختلاف الفيزيائي قرأت ذات مرة أن الرجل يكره عند التعب والمرأة إن تعبت أحبت لذلك اخذت كرامة الحمل والإنجاب ولأن الله ميزها بهذا فمن غير المروءة أن تستخدم هذا ضدها لتمارس حريتك في الظهور على الشاشات أو العمل وقمعها لأنها أنثى بدل أن تهيئ لها البيئة المريحة لممارسة نشاطاتها وهواياتها واثبات وجودها ودورها في الحياة ومن هذا المنطلق المرأة تحتاج عدلاً لا مساواة.

  
إن الذكر ليس ولن يكون كالأنثى صحيح، فالآن الأنثى مُربية ومعلمة وطباخة وعاملة في بيتها كل هذا في آن واحد ومهما قدم لها الرجل من يد العون سيبقى مقصر، فلن يُرضع هو الطفل ليلاً، ولن يقوم بالأعمال المنزلية على اكمل وجه كمل تفعل هي، لن يدرس الماجستير وطفله على صدره، لن يطبخ وطفله على خصره، لو سلك كلاهما نفس الطريق سينجح هو وستنجح هي لكن نجاح المرأة حينها سيكون مضاعفاً لأنها تحدت أكثر، فمن الآن وصاعداً لا تبتأسي عزيزتي حينما يحاول أحدهم أن يستدل ضدك بآية "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى" وافقيهم وابتسمي وقولي نعم لسنا كالذكر بل أقوى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.