شعار قسم مدونات

هون عليك.. فهذه هي الحياة!

blogs سعادة و أمل

ما من أحدٍ في الحياة الدنيا إلا ويعاني فالسرور قليل فيها والمحن كثيرة قال الشافعي رضي الله عنه مِحنُ الزمان كثيرةٌ لا تنقضي: وسروره يأتيك كالأعياد فلا راحة لإنسان فيها فلكل نصيبٌ من حالها المتقلب بين الضيق والفَرَجِ الذي لا يستثني أحداً. فالحياة لا تدوم لأحدِ على حال وصدق الله العظيم إذ يقول في سورة آل عمران "وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ" فهي خليط بين الشدة واللين والاجتماع والفرقة والنجاح والفشل فهي أحوال تتبدل وتتغير بين الآمالِ والآم والحسراتِ فدوام الحالِ فيها من المحال. فنحن نعيشُ فيها حالاً بعد حال قال تعالى في كتابه الكريم في سورة الانشقاق "لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ" فليس كل فرحِ باقٍ فيها ولا كل حزنٍ وألمِ دائم فيها لنتأمل جيدا في أحوالنا وأحوالِ غيرنا ألم نفرح ونبكي ونحزن ونتحسر ونتألم في يومٍ من الأيام فهل بقيت أيامُ على حال ألم تنتهي وتصبح كل تلك الأيام بعد انقضائها ذكرى في النفوس وحديثاً في المجالس بيننا.

فهي سنة الله التي لا تتبدل مع عباده ليمتحن صبرهم وقوة إيمانهم على حالهم المتقلب بين الخير والشر "وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً" سورة الأنبياء ويجزي الصابرين على ذلك من فضله "وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" سورة النحل وسبحانه تعالى فإنه لا يحملُ النفس أكثر مما تطيقه وصدق حين قال في سورة البقرة "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا". فهذا هو الحالُ في هذه الحياة الدنيا وأنت لن تكون استثناءً فيها فهون عليك ولا تحزن على أمر قد مضى فيها فلعله كان شراً ومضى ولا تقلق على أمر ما زال في علم الغيب وأعلم أن كل شيء سيصيبك فيها له حكمة لا يعلمها سواه سبحانه وتعالى حتى في وخزات الآلم ففي طيات المِحن تَكمنُ المِنـح والعطاء.

عش أيام الحياة بكل تقلباتها حلوها ومرها وعود نفسك على الصبر وتحمل الشدائد فليست دائما تأتي كما تتمنى، تجنب الإحباط، وكن واثقًا بنفسِك
عش أيام الحياة بكل تقلباتها حلوها ومرها وعود نفسك على الصبر وتحمل الشدائد فليست دائما تأتي كما تتمنى، تجنب الإحباط، وكن واثقًا بنفسِك
 

فارضَ بما يصيبك فيها وتعلم الدرس من ماضيها فلا تضيع الحاضر من أجل التفكير في المستقبل أو تتخلى عما في يديك من أجل أحلام لم تحققها فالحياة لا تقف بل تستمر في المضي وأيامها لا تتكرر مرتين فهي مثل نبع الماء دائمِ الجريان يتغير فيه الماء باستمرار وبلا توقف فلا تستسلم لأبسط صعابها ولا تتألم من أبسط عثراتها فلا تتوقف وتوكل على الله القادر المدبر. فلا تخف من مواجهة عثراتها فإن بدا عليك الخوف زادت عليك الصعاب فلا تستسلم أبداً لعثراتها فكلما تعثرت فيها انهض وكلما أخطأت صحح وكلما فشلت حاول ولا تيأس من طول الطريق وسأله سبحانه ولا ترجو سواه ولا تنس أنك في هذه الحياة لن تتعلم دون ان تخطئ ولن تنجح دون أن تفشل ولن تتعافى دون أن تتألم.

وإذا ضاقَت بكّ الأمُور وأنت ترجو الله وتسألهُ الفرج والسداد فطال عليك البلاء واضطربت بك الأحوال فلا تنس أن العُسر مهما اشتد فاليُسر يتبعهُ ولو بعد حين وهذا وعد الله تعالى "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)" سورة الشرح، يقول ابن القيم الجوزيه رضي الله عنه إذا طال عليك وقت البلاء مع استمرارك بالدعاء فاعلم أن الله لن يريد إجابة دعوتك فقط بل يريد أن يعطيك فوقها عطايا لم تطلبها أنت. فعش أيام الحياة بكل تقلباتها حلوها ومرها وعود نفسك على الصبر و تحمل الشدائد فليست دائما تأتي كما تتمنى تجنب الإحباط وكن واثقًا بنفسِك خذ بالأسباب ولا تستعجل الخير فكل يسري حكمه بحساب وقدر ويأتي في وقته لحكمة لا يعلمها إلا الله ففوّض أمرك لله واستعن به وارجو فضله في كل وقت وحين واحسن الظن والرجاء به ولا تعجز ولا تتوقف عند عقباتها بل كافح من أجل تخطيها فلا يدرك قيمة الحياة إلا من كافح فيها فهون عليك ولا تجزع مهما كنت الظروف فهذه هي الحياة

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.