شعار قسم مدونات

كيف عملت (CIA) على زعزعة الأمن في الوطن العربي؟

مدونات - جيمس وولسي

قال رئيــس وكالــة المخابــرات الأمريكيــة CIA السابــق "جيمــس وولســي" في عام 2006: "سنصنــع لهــم إسلامــاً يناسبنــا، ثــم نجعلهــم يقومــون بالثــورات، ثــم نُقسمهم لنعــرات تعصبيــة ومــن بعدهــا نحن قادمون للزحــف وســوف ننتصـر"! وقد صدق القول وانتصروا. لكن لماذا دخل الأمريكان من باب الدين لا غيره؟؟ الدين وليس السياسة؟ لأن السياسة تحتاج إلى دم وخسائر وحروب أما الدخول من باب الدين ما هو إلا صناعة الفتنة، والتسلل من نافذة لا يحتاج إلى طرق واستئذان كما هي السياسة. إذا ما هي الأمور التي جعلت أرض المسلمين أرضاً خصبة للدماء؟

 

هناك عدة أسباب:
السبب الأول هو أننا مسلمين بلا إسلام وجدت واشنطن أنها قادرة على نشر الفتنة بسهولة بين المسلمين وأن هذه أمة تتبرج (تتظاهر) بالدين لكنها لا تعرفه، عندما هبت موجة الرسوم المسيئة للرسول الكريم هب المسلمون في اغلب الدول بمظاهرات على السفارات وحدث بعض الشغب هذا من الباب الأول، اما الباب الأخر فهو أرجوحة الإفتاء، لم تمر ساعة دون أن نرى فيها فتاوى لا تخطر على البال لأننا لم نفهم فقه الدين بصورته الصحيحة وهذا يعني كارثة حقيقة ومروعة أننا جاهلين في إسلامنا وسُنة نبينا.
 

الخطة الأمريكية في الشرق نجحت تماما ويبقى لدينا كأمة إسلامية وعربية جوكر واحد لم يستعمل وهو إيقاظ الوازع الديني لدى الشباب، لذلك لابد أن تلتفت الحكومات العربية كلها بلا استثناء إلى سواعد الرجال

فكل الثورات في الوطن العربي لم تكن ثورات لقد كانت مجرد لعبة صنعوها لنا ووضعونا فيها وتحركت على أرضية أضلع أبناء هذه الأمة، خلقوا الإرهاب لنا حتى ينهبوا ثرواتنا ونتحول من دول تنعم بالخيرات الى دول تنعم بالفتات واللاشيء، نعم العالم يتغير ويتجدد والمنعطفات تتشعب والحياة تتأزم لكن الإفتاء الذين يكون على لسان شيوخ المال وعلى لسان من هب ودب كارثة حقيقة على هذه الأمة والأهم من ذلك عدم وجود أحد ليقوم بردع ومراقبة المفتي والخطيب الديني فمن الطبيعي أن ينعكس هذا على نظرة المجتمع العالمي لنا ونظرة أبناء هذه الأمة إلى أنفسهم.
 
عدم فهمنا لدين الإسلام بالشكل الصحيح جعل باب الفتنة مفتوح أمام من يريد إلحاق الضرر بأبناء هذه الأمة … فينتهز العدو هذه الفجوة لتعبئة الفكر الشبابي لأبناء هذه الأمة من خلال الخطاب السياسي ومن خلال تجنيد الكثير منهم وإسقاطهم في وحل العمالة والتخابر ليبيعوا دينهم وأرضهم وعرضهم ، عندما قال رئيــس وكالــة المخابــرات الأمريكيــة CIA السابــق "سنصنع لهم إسلام يناسبنا" هذا يدل على أنهم فسروا الدين كما يريدون وكما تريد ثقافتهم التي تهدف الى ثلاث أشياء فقط وهي المال والجنس والسعادة، فهناك من الناس من يرى أن ثقافتهم هي من جعلتهم أن يتقدموا علينا لا لأنهم اخذوا بأسباب التقدم.
 

كيف ساعدت حكومات الشرق المخابرات الأمريكية على نشر الفكر والثقافة الغربية؟

لم تستثمر الجيل الشبابي بالشكل الصحيح ولم تستطع توفير فرص عمل لهم مما جعلهم أن يلجئوا إلى السفر لبلاد الغرب، فنشروا أفكارهم ومعتقداتهم وجعلوها تتغذى على أدمغة هذا الجيل وأنسوهم بلادهم في حين كانت الدول العربية الاسلامية تغرق جيل الشباب في وهم الديمقراطية ونسوا حكام وأمراء هذه الأمة ان الديمقراطية الحقيقية التي لا يكون زادها الشباب هي ليست بالديمقراطية.

 

أحداث الشرق وولادة جماعات متشددة دينياً بعد عام 2006 وظهورها على السطح السياسي

ظهور جماعات على السطح السياسي بعد عام 2006 يدل على أن السيناريو الأمريكي شارف على الانتهاء، فبدأ بسقوط العراق في يد عصابات بغداد وبعدها زحفوا إلى  ليبيا ونهبوا النفط واتجهوا إلى سوريا الملتهبة فأحدثوا فيها الثورات والنعرات والحروب وأوقعوا فيها المجازر، ومصر التي تحاك ضدها المكائد ووقع شعبها في حالة الجوع والفقر، وفلسطين التي يعاني أهلها من ظلم الاحتلال وقتله لأطفالها وشبابها وشيوخها ونسائها وانتهاكه أرضها وحرمات المسجد الأقصى وحقوق أهلها، والمملكة العربية السعودية وتحركاتها نحو تغير المناصب واستغلالها للدين أدى إلى اندلاع حرب ضد اليمن والضغط على الإخوان المسلمين وتصنيفهم ضمن قوائم الإرهاب لكونهم عنصر خطر على الأمة.
  
كل هذا يدل على أن الخطة الأمريكية في الشرق نجحت تماما ويبقى لدينا كأمة إسلامية وعربية جوكر واحد لم يستعمل وهو إيقاظ الوازع الديني لدى الشباب، لذلك لابد أن تلتفت الحكومات العربية كلها بلا استثناء إلى سواعد الرجال، ولابد من فتح أبواب التاريخ لهؤلاء الشباب ليستوعب أطفالنا ورجالنا القادمون دروس الأمس، واليقظة الدينية التي لابد أن يماشيها الحافز الوطني للعودة إلى الأصالة وليعتز كل شاب عربي بوطنه الذي تحاك ضده المكائد، وعليه أن يعلم انه عندما يرفع سلاحه في وجه أخاه المسلم ويقف أمامه ليقطع رأسه ويقتله وينهك عرضه وينهب أرضه ووطنه وداره هو ليس بعمل صحيح ولو سمع بفتوى الجهاد فليس الجهاد ضد أبناء شعبك وأبناء أمتك ودينك، فهذا الذي تريد أن تقطع رأسه وتقتله وتهتك عرضه وتنهب أرضه وداره هو أخاك في الدين وأخاك في الوطن وأخاك في العروبة وأخاك في النسب ، وتذكر قول الله جل في علاه: "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.