شعار قسم مدونات

باره.. في زيارة لموطن "أم السادات"

Blogs- أنور السادات

في زيارتنا لمدينة باره في شمال كردفان تعرفنا إلى الأستاذ المؤرخ والمثقف خالد الشيخ وزير الإعلام والثقافة في حكومة الولاية، هناك طاف بنا في معالم باره الخضراء الجميلة، حتى وقفنا في منطقة صوامع قديمة أنشأها الإنجليز بداية القرن العشرين نحو 1915م أثناء الاستعدادات للقضاء على السلطان علي دينار، آخر سلاطين الفور المؤيد للدولة العثمانية التي خرجت مهزومة بعد الحرب العالمية الأولى، حيث كان يعمل والد الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات مع فريق طبي مرافق للجيش الإنجليزي المصري في عمل إداري وفي التمريض وفي الترجمة أيضاً.

 

كان معروفاً آنذاك بمحمد الساداتي، في حامية عسكرية تعرف باسم كنجي بلك هجّانة، بقيادة هدلستون باشا الذي اشتهر بلقبه: "المرفعين أبو حجل" بعد تمكّنه من قتل السلطان علي دينار، هناك تعرّف إلى امرأة من قبيلة الكواهلة العربية المنتسبة إلى الصحابي الجليل الزبير بن العوام، حيث كانت تعدّ لهم الطعام في المعسكر، فتزوجها عام 1916 وولدت له محمد أنور عام 1918 وسافرت مع زوجها إلى مصر في رحلة صعبة وصفها السادات في مذكراته بأنها رحلة الموت؛ كان اسمها أم سترين بِت خير الله ود عبد الحق من منطقة يقال لها الكواهلة قنتو بجوار واحة البشيري في نواحي باره، لكنها اشتهرت في مصر باسم محرّف وهو ست البرين (البر المصري والسوداني).
    
وفنّد الوزير ما يتداوله الإعلام المصري القديم أنها نوبية من دنقلا في شمال السودان، وعلى هذا يظهر خطأ ما ادّعاه محمد حسنين هيكل في كتابه "خريف الغضب" أن أمّ السادات أمَة مسترقّة من دلتا النيل -ونحن نعرف ما بينهما من عداوة معلنة- ، ولم يكتف هيكل بذلك بل ادّعى أن سمرته كانت تسبب له ارتدادات نفسية سالبة أثرت في شخصيته، لاسيما أن والده تزوج مرتين بعد أمه، وكانت أمه تتركه عند جدته لأبيه لتعود إلى أهلها في السودان، وغاب عن هيكل أن أم ست البرين كانت مصرية فاتحة البشرة اسمها "بمبة"، وهذا ما جعل أمر اقتران أبيه بأمه ميسوراً نظراً لصلة المواطنة الجغرافية بينهما. 

 

أنور السادات ووالدته (مواقع التواصل)
أنور السادات ووالدته (مواقع التواصل)

 

ثم تحدّث لنا الوزير عن أهلها الذين يتوارثون قصتها عن أجدادهم في بارا، وقد انقطع ذكرهم بسبب أن والد ست البرين خير الله كان يتردد على مصر كثيراً وتزوج هناك كما أشرنا من قبل ثم يبدو أنه حسم أمره وترك السودان وسكن القاهرة ثم المنوفية وامتلك أرضاً زراعية في ميت أبو الكوم؛ وليس صواباً أنه كان عبداً وقع في الأسر وساقه أحد تجار العبيد إلى القاهرة، وباعه هناك، فهو من القبائل العربية التي لم تتعرض للاسترقاق تاريخيا.

 

يقال إن هذه المرأة كانت وراء إذاعة الأذان في التلفزيون المصري والإذاعة المصرية، فيحكون أن السادات كان يسأل أمه: "مش عايزه حاجه مني يا أمي؟" فتقول له: "ياريت يا ابني تذيع الأذان في الراديو والتلفزيون لأني كل ما يجي وقت الصلاة ما عرفش وقت الأذان علشان أصلي الفرض"؛ حينها استخدم السادات نفوذه واتصل برئيسة التلفزيون تماضر توفيق في ذلك الوقت وطلب منها إذاعة الأذان وقطع أي برنامج أو مبارة إذا حلّ الأذان بِرّاً بأمه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.