شعار قسم مدونات

عيد العمال.. كذبة في بلدي!

مدونات - العمال بالجزائر
الفرق بين الواقع والحلم هو كلمة عمل كما قال روجر فريتس، فرغم أن العمل أحيانا هو من يقتل أحلامنا إلا أنه حظي العمال بيوم في عام يبتعدون فيه عن العمل ويذكرون ذواتهم فالفاتح من شهر ماي من كل عام هو عيد العمال العالمي والجزائر شأنها شأن العديد من الدول تحتفل بهذا العيد وتعتبره يوم عطلة رسمية مدفوعة الأجر لكن لا أدري عن أي عيد يتحدثون وأي احتفال يحتفلون وأي عامل من حقه الاحتفال به؟؟ بل هي مجرد مشاهد تمثيلية على شاشاتنا يكرم فيها بعض العمال لا تعكس أبدا ما يعيشه العامل في بلده..
   
تجول أسئلة عديدة متضاربة فيما بينها تعكس واقع العامل في وطني فمن يحتفل بهذا العيد هل هو عامل النظافة الذي لا يحظى بمعاملة راقية لا من الدولة ولا حتى من بعض المواطنين أحيانا فلطالما تأملت في صباح الباكر تلك الوجوه المنهمكة في كنس الطرقات التي تستيقظ صباحا لتستنشق غبارا ورائحة كريهة من اجل كسب قوت عيشها وفي الاتجاه الآخر نجد هناك من يرمي النفايات وباللامبالاة دون أن يلقوا عقابهم من المسؤولين من اجل تأديبهم وتعلم معنى احترام عمل الغير من يحتفل بهذا العيد أهو المعلم والذي لا بد أن يكون راتبه هو من أعلى الرواتب كما هو الحال في البلدان المتحضرة لكن اجده العكس في الجزائر.
   
ليس هذا فحسب حتى عندما يدخل في إضراب عن العمل مطالبا بحقوقه يجد آذان صماء من أهل السلطة أو فصله عن وظيفته ليجد نفسه مضطرا للعيش في عبودية العمل خشية أن يقطع رزق أولاده فمن يعمل من اجل كسب عيشه يجعل نفسه عبدا كما قال جوزيف كامبل وما اكثر العبيد في بلدي لا ادري هذا العيد لمن أهو للطبيب الذي هو ايضا في الشهور الاخيرة دخل في اضرابا من أجل تسوية أوضاعه البسيطة والتي لم يحلم بأكثر منها ورغم بساطة مطالبه لم يجد حلا منصفا له ولحقوقه بل حتى هناك من راح ضحية هذا الاضراب إما بموته أو شلله والعديد فصل عن عمله رغم كل السنوات الذي كرسها لأجل الدراسة.
 

ما فائدة العيد يوما وباقي الأيام شقاء فعيد العمال هو فقط لأهل السلطة الذين لا تخلو أيامهم من الاعياد والاحتفالات لكن على حساب العامل البسيط

أما إذا وجهنا نظرنا لعمال الإدارة فحدث ولا حرج من غياب أبسط حقوقهم حتى تهيئة مكان العمل من مواد تنظيف أو بعض الوسائل التي يحتاجها العامل في مكتبه يوفرها البعض من مدخولهم الشهري الذي هو اصلا ليس بالراتب المناسب ناهيك عن البيروقراطية التي سببت اليأس والملل لدى العديد رافعا الراية البيضاء لحرب الخبرة والترقية في العمل منسحبا من المعركة بخسارة لا يرافقها اي ربح ولعمال المهنة الحرة في بلدي نصيب ايضا من سلب حقوقهم فالنجار والحداد وغيرهم لا أحد فيهم يتمتع بجميع حقوقه التي يتمتع بها العمال امثالهم في البلدان المتطورة.

 
أما عن زهرة الشباب الذين لا زال مشوار العمل أمامهم طويلا ثبطوا وأغلقوا عنهم كل أبواب التوظيف وفتحوا لهم نافذة ضيقة تعرف بالعقود ما قبل التشغيل التي لا هي بالمطلقة ولا هي بالمعلقة فغياب الظروف المناسبة للعمال في الجزائر هي من ساهمت بشكل كبير في هجرة الأدمغة والتخلي عن أوطانهم ليس رغبة بل اكراها سلطه عليه واقعه المرير كل هذا هو مجرد عينات من معاناة بعض العمال لكن شأنها شأن البقية فعيد العمال هو كذبة في بلدي نعيشها كل عام في يوم الأول من شهر ماي.
   
لا أرى أنه يليق في بلدي الاحتفال بهذا العيد فالعامل عيده الحقيقي والأكبر هو أن توفر له حقوقه وأن تستمع لمطالبه وأن يحظى بحياة تليق به كإنسان أولا ثم كعامل يساهم في تنمية بلده وتطوره وهذا إلا إذا كان مستمتعا بعمله اذ يقول الفيلسوف أرسطو عن هذا الأخير الاستمتاع بالعمل يضفي عليه المثالية فمن أين لنا الاستمتاع في ظل هذه الظروف وما أبعد المثالية في هذا الكلام وما فائدة العيد يوما وباقي الأيام شقاء فعيد العمال هو فقط لأهل السلطة الذين لا تخلو أيامهم من الاعياد والاحتفالات لكن على حساب العامل البسيط.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.