شعار قسم مدونات

من الكره إلى العشق.. قصتي مع الفن

مدونات - يرسم لوحة رسم

قصتي مع الفن هي قصة بدأت من الكره إلى العشق، قصتي مع الفن بدأت من ألا شيء إلى الشيء ثم إلى الأشياء، قصتي بدأت من أيام الطفولة من كتاب التربية الفنية في مقررات السنوات الوسطى من التعليم الابتدائي، كنت لا أحب الرسم وبما أن الأستاذ كان يهددنا بالضرب إذا لم نقم برسم المراد رسمه حسب المعطى، كنت أقوم بواجبي كتلميذ وأرسم، وفي كل مرة كان الأستاذ ينضر لواجبي يضربني ويطلب مني الاعتراف بأن الواجب ليس من إنجازي، وطبعا لم أكن أتكلم وإذا قلت شيئا فهو اعتراف بأني أنا من رسمها، سنة بعد سنة يكبر كرهي للرسم كبر الكبر، هنيئا نجحت وانتقلت من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية، بداية السنة، وأنا أطلع على جدول الزمن المراد دراسته في الأسبوع أجد مادة التربية التشكيلية، ما هذا، تبين لي أن هذه المادة لم تبقى في المرحلة الابتدائية فقط كما كنت أعتقد، فقد تبين لي أنها ستلاحقني بل هي تتطور !
 
كنت أدخل القسم في المادة ولا أريد الرسم بالريشة لما عانيت بسببها فكنت أحمل قلم الرصاص وأبدأ بالخربشة – كان الوضع متغير نوعا ما، بقيت على حالي سنتين، والثانية كانت العقدة، نعم إنها المراهقة المبكرة، فتيات على يميني وشمالي وقصات شعر بدأت تتغير، وبدأت بالدردشة على الهاتف الذكي، كان الهاتف هو كل سلبياتي، على الأقل نفعني في شيء، وبينما أنا أبحث وأشاهد الأخبار على الهاتف صعدت صورة للوحة بالخط العربي أعجبت بها وبدأت محاكاتها وبدأت بالبحث عن الخط على الإنترنت وبدأت بمحاكات بعض اللوحات، وفي يوم من الأيام في حصة من حصص التربية التشكيلية رأيت الأستاذ يحمل قلما من القصب وقارورة حبر ويكتب على ورقة، كنت ألاحظ ماذا يفعل.

 

كنت أمارس الرسم والفوتوغراف في منزلي كعمل يومي، في أحد الأيام قررت بأن أقيم معرضا، ومع أن المعرض كان يحتاج أموالا طائلة إلا أني وجدت من يساعدني في المعرض

مرت الأيام والأيام، نعم نهاية السنة، أظن أن قلبي وعقلي لم يعودا ملكا لي فقط فقد سيطر عليهم الخط العربي، تدربت طيلة أشهر الصيف على الأسماء والشعر والحكم، انتهى فصل الصيف وبدأت سنة مليئة بالفن، سألت الكثير والكثير عن حساب أستاذ المادة (التربية التشكيلية) ووجدته بعد عناء طويل، أرسلت له صور ما كنت أكتب ووافق على تعليمي الخط، بدأت تعلم الخط بقواعده بالتدريج، إلى أن أتقنت خطين من الخطوط، كنت أكتب الخط أكثر من الدروس بل إلى درجة صرت أكتب الدروس بالخط العربي، انتهت السنة وكانت المأساة هي رسوبي في السنة الثالثة إعدادي ما هذا ماذا وقع ؟؟ ما بي؟؟ لم أكن أتوقع الرسوب حتى في الأحلام!

 

كانت صدمة قوية ومع عطلة الصيف بدأت نسيانها، تحول الخط بالنسبة لي إلى نقطة سوداء لأني كنت أعتقد أنه هو سبب رسوبي، قررت التخلي عن الخط، وبدأت أفكر في الرسم في وقت مراجعتي لنفسي ومصارحتها قلت سأجرب الرسم ما ربمى يكون أفضل، وكانت كل محاولة مني آبت بالفشل لأنني فاشل في فكري لأن كل ما علمني المجتمع هو أن الرسم هو رسم الأوجه أو رسم الطبيعة بما يسمى (الواقعية) كنت أفشل وأفشل ثم نجحت!

 

لم أنجح في رسم لوحة واقعية بل نجحت في التحرر من فكرة الرسم هو الواقعية وغيره ليس فنا، أمسيت أعلم أن الفن له أقسام وأن لونين فقط يمكنهم صنع لوحة ولكن على طريقتي، رسمت لوحات كثيرة وكثيرة، كانت على ورق كبير، بعدها تعرفت على صديق من أول ورشة حضرتها لجمعية بتطوان وكان اليوم أول يوم أذهب فيه لتطوان لوحدي، تعرفت على صديق طيب والحمد لله الذي لم يلقني بشر خلقه، كان يصحبني معه لحضور الندوات والمهرجانات الفنية التي تقام بتطوان وتعرفت فيها على العديد من الأصدقاء، بعدها تعرفت على فنانين من أشهر الفنانين بتطوان وكان بعضهم يرشدني ويطلعني على التقنيات الحديثة للرسم، وبعدها بدأت الرسم على القماش، وبعدها تعرفت على الفوتوغراف من خلال هاتفي، كنت أصور وأصور وتعجب الناس بصوري، وأخيرا قررت أن أدخل في عمل مسرحي مع جمعية من مدينة تطوان، دخلت الجمعية، دخلت كمشاهد في الأول، كنت غير مرتاح للعمل مع الجمعية، ولكن كنت أستر ذلك الشعور، وفي يوم من الأيام قدر علي أن أتهم بتهمة لا علاقة لي بها، المهم خرجت الجمعية، ونسيت المسرح، كنت أمارس الرسم والفوتوغراف في منزلي كعمل يومي، في أحد الأيام قررت بأن أقيم معرضا، ومع أن المعرض كان يحتاج أموالا طائلة إلا أني وجدت من يساعدني في المعرض، قمت بالمعرض والحمد لله، مر على أحسن حال!

 
والآن بعد قراءتك للنص أرجو أن تستفيد أنت أيها القارئ شيئا من حياتي، فإن كل ما بعد الكره عشق !

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.