شعار قسم مدونات

محمد صلاح.. المسلم الذي جعل عالم المستديرة ينطق إسلاما

BLOGS محمد صلاح

تختلف مجالات الدعوة باختلاف مجالات الحياة، وكلما تطور العالم ومعه أساليب الحياة ازدادت مجالات الانشغالات اليومية. تطور يوسع مجالات الدعوة الاسلامية وانشغالاتها وخير مثال على ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشكل فضاء خصبا للدعوة ونشر الأخلاق والقيم الاسلامية، كان هذا مثالا على مجال من مجلات الدعوة أما مجال حديثنا في هذا المقال فهو مجال الرياضة التي أصبحت اليوم أكثر المجالات نشاطا وحيوية – خاصة كرة القدم أو "أفيون الشعوب" كما يحلو لبعض متتبعيها تسميتها – وفضاء رحبا للدعوة.

 

من النماذج التي يمكن الاقتداء بها في هذا الباب اللاعب المصري محمد صلاح الذي جعل من مشجي فريقه ليفربول الانجليزي يهتفون "إذا كان جيدا بالنسبة له (في إشارة إلى صلاح) فإنه جيد بالنسبة لي "وأضافوا" إذا أحرزت أهدافا اخرى فسأصبح مسلما أيضا.. إنه يجلس في المسجد حيث أريد أن أكون". فما هو سر هذا كله؟

مسيرته:
غيابنا من على مِنَصَّاتِ الانتصار في الألعاب الأولمبية، والمسابقات الدولية، وألعاب الكرة، والرماية، والمسايفة، والمصارعة، والسباحة، ينِمُّ عن خمولنا الكلي، وموتِ الرجولة فينا

انطلق مشواره الرياضي بالدوري المصري مع نادي المقاولون العرب ثم انتقل إلى بازل السويسري الذي بدأ معه في التألق وجلب أنظار فرق عالمية إليه، الشيء الذي جعله ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي، لكنه لم يستطع أن يتأقلم معه مما دفعه للانتقال إلى الدوري الإيطالي على سبيل الإعارة تحديدا نادي فيورينتينا الذي بدأ يسطع نجمه فيه قبل أن ينتقل إلى روما ثم إلى ليفربول حيث انفجرت موهبته وسطع نجمه في عالم المستديرة.

محمد صلاح.. نموذج الرياضي المسلم

بالنظر إلى مستوى صلاح، فإنه حسب مدربيه في جميع الفرق التي لعب لها لاعب ذو أخلاق عالية، خارج الملاعب وداخلها كما أنه متفاني في التدريب وقد قال عنه خبير كرة القدم المصري مروان سعيد "إنه هادئ جدا كشخص وكلاعب كرة قدم، وبالكاد يظهر مع وسائل الإعلام في مصر أو في الخارج". ومن العوامل التي ساهمت في نجاحه كذلك استقراره العاطفي والأسري حيث تزوج قبل الانتقال إلى سويسرا من أجل تفادي الأقاويل التي تروج حول اللاعبين وعلاقاتهم مع الفتيات، أخلاق قلما نجدها في رياضيينا للأسف.

محمد صلاح.. نموذج الداعي

يمكن اعتبار صلاح من النماذج الحية لما يجب أن يكون عليه الرياضيون المسلمون على المستوى الخلقي والعملي والتفاني من أجل إتقان مجال عمله والإحسان فيه، إذ يجب على كل رياضي أن يتفوق في مجال تخصصه ويترك "نحلة الغالب تفعل ما يمكن فعله في المغلوب" أو كما يقول الأستاذ عبد السلام ياسين في كتابه إمامة الأمة (ص: 62) "ومن يتسمعْ لما يروج في هذا العصر يُدركْ قيمة التفوق الرياضي، وما يُكسبه من سمعة على مستوى العالم، وما يَجلُبُ من اهتمام الناس. فإذا قُرِنَ هذا التفوق بالأخلاقية العليا، وبنموذجية دولة القرآن في إنجازاتها السياسية، والاقتصادية، والجهادية، كان ذلك أبلغَ أنواع الدعوة، وأكثرَها تأثيراً على البشرية الرازحة تحت ثِقل الحضارة المادية التي لا تعرف للإنسان غايةً، فهي تُزْجي وقتَ الجماهير، وتستنفد طاقاتها، وتُبَذِّرُ أموالها، في تنظيم المباريات العالمية التي تملأ أخبارُها، ودويُّ حركتها، فراغَ الإنسان الجاهلي.

 

يبقى صلاح بالرغم من هذا النجاح طيرا يحلق خارج السرب أو طفرة نادرا ما نجدها في الرياضيين المسلمين، ينبغي أن يتعظ منها مسؤولينا من أجل بناء شخصية الرياضي المسلم
يبقى صلاح بالرغم من هذا النجاح طيرا يحلق خارج السرب أو طفرة نادرا ما نجدها في الرياضيين المسلمين، ينبغي أن يتعظ منها مسؤولينا من أجل بناء شخصية الرياضي المسلم
 

إن غيابنا من على مِنَصَّاتِ الانتصار في الألعاب الأولمبية، والمسابقات الدولية، وألعاب الكرة، والرماية، والمسايفة، والمصارعة، والسباحة، ينِمُّ عن خمولنا الكلي، وموتِ الرجولة فينا. اصْرَعْهُ أولا في ميدان القوة البدنية، والفكرية، والاقتصادية، والجهادية، والسياسية، والعلمية، ثم عَلّمْهُ الأخلاق بالمثال، وعلمه الإيمان بعد أن ينفتح قلبُه عليك إعجابا، وعقله عليك تعجُّبا.

 

إنك ترى، رحمنا الله وإياك، ما تناله المصارعةُ اليابانية الرائعة من إعجاب العالم، وما تُدِرُّهُ أفلامُها على الرأسمالية التي تستعمل أنبل ما في الإنسان لجمع الحطام. فليكن جند الله قبل القومة، وخاصة بعدها، أبطالَ كل ميدان، نجومَ كل المنصَّات. على ألا تُكْشَفَ عورةٌ ولا يُضْرَبَ وجهٌ. ونستطيع، إن كنا رجالا متفوقين، أن نفرض أخلاقيتنا وآدابنا في تلك الميادين". هذا ناهيك عن كونه نموذجا في البذل إد ساهم في إنشاء مجموعة من المراكز الصحية بمصر، خاصة بمسط رأسه قرية نجريج ومشاريع أخرى.

على سبيل الختم

ختاما، يبقى صلاح بالرغم من هذا النجاح طيرا يحلق خارج السرب أو طفرة نادرا ما نجدها في الرياضيين المسلمين، ينبغي أن يتعظ منها مسؤولينا من أجل بناء شخصية الرياضي المسلم القادر على المنافسة في المحافل الدولية وتبليغ دعوة وأخلاق ورحمة الإسلام، شخصية متوازنة بين ما هو تربوي وأخلاقي وجسمي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.