شعار قسم مدونات

ويجعل لكم نورا تمشون به

مدونات - الطريق نور
ويجعل لكم نورا تمشون به وأنتم تعلمون أن هذا النور لا دخل له بتفاصيل كل الأنوار الدنيوية ولا يمت إليها بأي صلة، تعلمون أنه نور من نوع آخر هو النور المتمم للأرواح والمكمل لها هو النور الذي إذا لامس الفؤاد زرع فيه سعادة لا تحصى وأقام عليه بنيان الخالق المحمود، وحين تشرب قلوبكم هذا النور تدخل في المعنى الحقيقي للحياة وتعيش حالة اتصال دائمة مع الحقيقة والبرهان ولا تنقطع عنها سبل الفهم والإدراك والإلهام.
 
ويجعل لكم نورا تمشون به حين تريدون أن تقفوا على بعض شأنكم في حياتكم الدنيا فلا حيرة أبدا ولا تلكؤ ولا تعثر وإنما ثقة يكسوها الإلهام بنوره تعالى وشكيمة لا ينطلي عليها ما ظهر على الآخرين الذين لا يرون ما تقومون به صوابا لضعف البصيرة وقلة النور ولكنكم بنور الله تصلون إلى الحقائق المرضية والنتائج المبهرة.
 
ويجعل لكم نورا تمشون به حين تقررون اختيار الزوجات ومن يشارككم هذه الحياة فلا تقف أعينكم إلا على ما تطيب له نفوسكم لأنكم تحملون نور الخالق سبحانه، ومن يحمل ذلك النور لا يقع على الخبيثات اللواتي قد يعكرن عليكم صفو الحياة ويجلبن مصائب الزمن ونور الطيبين دائما للطيبات ونور الطيبات دائما وأبدا للطيبين.
 

تشتد عليك الدنيا فيتصدى لها النور بقوله تعالى "وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" تتزاحم عليك مشاكل الحياة فيقفز ذلك النور الى عينيك فتخف بقوله تعالى "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا"
ويجعل لكم نورا تمشون به حين تجلسون مع الآخرين وتتبادلون معهم أطراف الحديث فلا أحد ينتقص من قدركم ولا شتيمة توجه لأحدكم وكل العيون اليكم منساقة بالحب والتبجيل والاحترام ويظل حديثكم معهم موفقا كلمة كلمة حتى أنكم تشعرون بذلك التوفيق لحظة سلاسة الحروف على ألسنتكم وتدفق الكلمات على صدوركم وتزاحم الأفكار والخواطر التي تعزز من مواقفكم لحظة الحديث مع الاخرين أيا كان نوعهم وجنسهم ولونهم وأيا كان نوع ذلك الحديث.
 
ويجعل لكم نورا تمشون به في أعمالكم اليومية وحركتكم في كسب العيش فلا كد يساوي ذلك الكد أذى يبذله غيركم ولا صدام مع أرباب العمل ولا تقصير في الواجب ولا شعور في الخيبة تجاه موعد من المواعيد العملية بل تيسير وسهالة وليونة تفتح صدرك على قدر كبير من الرضى والحيوية وتوفر لك عزيمة تمكنك من الإنجاز السريع الذي يؤهلك لأن تكون ضمن المتفوقين في عملك وأدائك.
 
ويجعل لكم نورا تمشون به حين تحبون وتعشقون وتظل قلوبكم على مسار جميل مع من تقررون حبهم وعشقهم فلا روح طائشة ولا قلب مجروح وإنما حب تتفجر ينابيعه من عيون الأحبة صفاء وطهرا ونقاء. ويجعل لكم نورا تمشون به في تصريف أموالكم فلا تجدون غير من يستحقها ويفرح بها دون أن تتعبون أنفسكم بالبحث عن المكان الذي تضعون فيه أموالكم وصدقاتكم فالمساكين كما تعلمون هم رزق يسوقهم الله إليكم، ومن غير ذلك النور لا تستطيعون الحصول عليهم ولكن لأن النور معكم فقد جاءكم من يحمل لكم دعوات ليس بينها وبين العرش بواب او حاجب وما أجملكم وأنتم من المقبولين.
 
ويجعل لكم نورا تمشون به حين تختلفون مع غيركم فلا خصومة فاجرة تظهرونها ولا نوايا مشوهة بل صدورا مفتوحة على الخير ونفوس طيبة لا تدفع الا لما يصب في التقريب بين وجهات النظر مهما كان بعدها. ويجعل لكم نور تمشون به حين تكتبون فتظل حروفكم هي الأقوى في قلوب الناس وتظل كلماتكم هي الوقع الذي لا يهدأ في ضمائر العارفين لا تكتبون إلا بما تشتهيه مشاعر الناس ولا تجتمع التعابير التي تكبونها إلا على ما يختلج في الصدور المحتاجة فتكون هي الماء الهنيء في رقبة العاطش المنقطع. ويجعل لكم نورا تمشون به حين تريدون القراءة فلا تقع أعينكم الا على ما تريدون من المعلومات والعلوم لا تتعبون في التفتيش ولا تنهمكون في البحث ولا تتعب أفكاركم بل تتلقونها هكذا وقد تحسبونها من صدف الحياة ولكنها ليست كذلك وإنما نورا تمشون به.
 
undefined
    
ويجعل لكم نورا تمشون به

وجود هذا النور في حياتك يعني أنك معصوم الجناب من قوانين الشر التي تصادم خلقا كثيرا وأنك فعلا قد أتقنت حماية نفسك ورميت بحبلك في بقاع الأمان والقرار والنور، يأتي هذا النور على شكل إيحاء من الداخل هذا الإيحاء يمنعك دوما من الدخول في القضايا التي تسبب لك حرجا في حياتك لتكتشف أنك على حق حين امتنعت عن الدخول فيها يقول ذلك الإيحاء لا تذهب الى المكان الفلاني ثم تكتشف أنك لم تجانب الصواب في ذلك وكنت الرابح حين تركت الذهاب هذا الإيحاء يخاطبك من الداخل أن لا تتفوه بتلك الكلمة فتعمل على ذلك ويأتي وقت تؤيدك فيه كل المعطيات بأن وقوفك عن التكلم في ذلك الوقت كان هو الأسلم والأصوب.
 

من أقوى الأشكال التي يتجسد فيها هذا النور أنه دائما يمثل لك سياجا كبيرا من الورطات تتجنبه أنت وتجنبك إياه ليس صدفة وإنما هو ذلك النور الذي رزقك الله إياه لتمشي به

يأتي هذا النور على شكل قناعة تقول لك ابتعد عن ذلك الشخص الذي يحاول الاقتراب منك فثمة أشياء كثيرة بين عينيه لا تعطي طابع الانسجام والطمأنينة وحين تسحب نفسك من أمام عينيه وتتوارى عنه تكتشف بعدها أنك لم تجانب الصواب حين اتخذت ذلك القرار بالابتعاد عنه وعدم السماح له من الدخول في حياتك اكتشفت ذلك من علاقته مع الاخرين وما الذي ألحقه بحياتهم وأوقاتهم من صلاحيات هذا النور الذي يمنحك الله إياه لتمشي به أنه يقيك سؤال الغير وإن كنت من أشد الناس فقرا وبؤسا فالذي خلق الأرض في يومين حاشاه أن يترك عبدا لا مساحة له غير ربه.
 
تشتد عليك الدنيا فيتصدى لها النور بقوله تعالى "وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" تتزاحم عليك مشاكل الحياة فيقفز ذلك النور الى عينيك فتخف بقوله تعالى "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا" مع هذا النور لا تفقد الحيلة ولا ترتد الخيبة الى صدرك ولا يتعلق السؤال في عينيك ولا تضيق حولك الدوائر مع هذا النور أنت الأوفر حظا والأكثر كسبا والأشد عودا والأقوى شكيمة مع هذا النور لا يقفز الترهل الى رجولتك ولا تقدر عوامل الفناء أن تنال منك الا بقوة القادر وقدره الذي كتبه عليك مع هذا النور أنت الذي تأكل لذة تتمنى معها لو كل من تحبهم يشاركونك إياها.
 
تكتظ قلوب الآخرين لأمور السياسة وتدافع المواقف وتجد نفسك هادئا مطمئنا فسيح البال ومنشرح الصدر ومتمالك الجأش ومربوط الفؤاد وكل ذلك من بركات ذلك النور الذي تمشي عليه بقلبك وروحك، ومن عجائب هذا النور أن الناس حين يتعرفون اليك لا يستوحشون وجهك ولا تفر أعينهم من ملامحك ولا يتعبون من التحديق في عينيك وجل سعادتهم حين يكونون معك وبجانبك حين قال تعالى ويجعل لكم نور تمشون به لم يكن يقصد غير ذلك النور الذي يرسله إلى قلبك حين تستوفي شروط الحصول عليه وما أسهل أن تجدها لم يكن يقصد غير نور الروح الذي يمدك بالإلهام والحكمة ويعينك في معالجة كل طوارئ الحياة وحين قال تمشون به لم يكن يقصد غير لحظات التوفيق والبركة في كل شيء.
 
من أقوى الأشكال التي يتجسد فيها هذا النور أنه دائما يمثل لك سياجا كبيرا من الورطات هذا الشيء الذي يدخل فيه خلق كثير تتجنبه أنت وتجنبك إياه ليس صدفة وإنما هو ذلك النور الذي رزقك الله إياه لتمشي به وتجتاز من خلاله عوائق الدهر وصروف الزمن لا دخل لهذا النور بكثرة العلم ولا تعدد النظريات إذ أنه ليس نتيجة لسعة الاطلاع أو الإلمام المعرفي أصلا ولا علاقة له بالأقلام أو الكتب سره الوحيد يكمن في قلب أفسح المجال لحب الله وشق طريقه نحو السماء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.