شعار قسم مدونات

أريدها زوجة مثالية!

blogs - زواج

أخبرني أحد معارفي أنه يبحث عن فتاة صالحة، قصد الزواج بها على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم، وعندما استفسرته عن مواصفات هذه الفتاة سرعان ما أسهب في سرد مواصفاتها المثالية على كل المستويات، لقد كانت امرأة خارقة للعادة من وجهة نظري فهو يريدها ابتداءاً جميلة جداً وحافظة لكتاب الله بجميع القراءات وحافظة أيضا لكتب السنن ومُتزمّتة وذات نسب شريف!، ولا عيب فيها على الإطلاق وأن تكون صحيفة أعمالها بيضاء ليلها كنهارها وهذا أغرب شرط!

 

فقلت له مازحاً: لو سمعت شخصاً آخر غيرك يتحدث عن هذه السيدة الأسطورية لشككت أنها مريم عليها السلام! افترقنا بعد ذلك ثم التقينا لاحقاً بعد سنوات فسألته بشوق: لا شك أنك ظفرت بالبتول؟ فنظر إلي بازدراء وقال: ما زلت أبحث عنها وسأظفر بها. ثم ابتسم ابتسامة ساخرة وقال بغرور: في الواقع هي من ستظفر بي إن كانت محظوظة.

لم أتمالك نفسي من الضحك عليه وعلى عجرفته حتى وصل الأمر بي أنني أشفقت عليه، وتوسّلته أن يتواضع قليلاً، ويبدو أن صاحبنا هذا سيظلُّ أعزباً إن بَقيَ يلهث وراء المثالية في كل شيء، وهذه المشكلة ليست في الرجال فقط ولكنها في الرجال والنساء على حدّ سواء بل إنها في النساء أشدّ، واسمحوا لي أن أهمس في آذانكم سرّاً عن هذا الرجل المغرور إنه مرتع خصب لكل العيوب! فكيف يتجرأ ويقول أريدها بلا عيوب. وقد نصحته مرة قائلاً: "إذا كان اختيارك لزوجتك قائماً على أساس الحب السليم إن صحّ التعبير فإنك لن تباليَ بعيوبها وإن كَثرَتْ، بل إنك ستُحبّ هذه العيوب حُبّاً جمّاً!".

لا أعرف لماذا يعشق بعض الشباب العراقيل، وإن لم يجدوها وضعوها بأنفسهم!، وإذا كان البحث عن زوجة مثالية صعباً في عصرنا الحالي فإن البحث عن زوج مثالي أصعب

إذا كانت هناك زوجة مثالية فهي من وجهة نظري الزوجة الطاهرة التي تُطلق العنان لأنوثتها الصافية، فتكون بذلك المرأة الحنونة المُحبّة والمُطيعة لزوجها والمعينة له على طاعة الله عزّ وجلّ . إنها المرأة التي يفرح رَجُلها برؤيتها كما قال صلى الله عليه وسلّم: " خَيْرُ النِّسَاءِ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا سَرَّتْكَ وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَا حَفِظَتْكَ فِي مَالِكَ وَنَفْسِهَا".

لا أعرف لماذا يعشق بعض الشباب العراقيل، وإن لم يجدوها وضعوها بأنفسهم!، وإذا كان البحث عن زوجة مثالية صعباً في عصرنا الحالي فإن البحث عن زوج مثالي أصعب. ولا بدّ أن يدرك العُزّاب أن الزواج هو علاقة تكاملية بين زوجين ناقصين. ولا بدّ أن تجد في زوجتك ما لا يعجبك وهنا يأتي دورك في التغاضي عن عيوبها. يقول نبيّنا عليه الصلاة والسلام: "لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إِن كَرِه منها خُلُقاً، رضي منها آخَرَ". هناك مشاكل تتربّص بكل أسرة والزوجان الذكيان هما اللذان يعرفان كيف يترصّدان لكل طارق يطرق بشَرّ، وأحياناً تزيد المحن والخلافات من تقاربهما وحبّهما لبعضهما!

أعتقد أن سبب كلّ هذه الحساسية هو تأثر البعض بتجارب أصدقائهم الفاشلة وخوفهم من ملاقاة نفس المصير، لذا هم يفضّلون العزوبية والوحدة ألف مرّة على زوجة ناقصة على حدّ تعبيرهم. وكلما استنصحني شابّ في مسألة الزواج أقول له: كن صالحاً وكفى، لأن الرجل الصالح يسير بنور الله وبالتالي لن يخيب أمله، ولا تنس أنّ الله لطيف خبير لا يترك عبده الصّالح بين أحضان زوجة طالحة فاجرة. وفي كل الأحوال علينا أن نأخذ بالأسباب دائماً، أن نستشير الناس ونستخير رب الناس، دعونا نتوكّل على الله ونصلح أنفسنا ونتزوج بسلام، أمّا وساوس الشيطان عن المثالية فلتذهب إلى الجحيم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.