شعار قسم مدونات

كيف تحولت الإعلانات من الوسائل التقليدية للإنترنت؟

blogs هاتف وحاسب ألي
على مدى العقدين الماضيين، حوّل المعلنون ميزانيّاتهم بشكلٍ تدريجيّ من وسائل الإعلام التقليديّة (مثل التلفزيون والصحف والمجلات) نحو الإعلانات عبر الإنترنت. لقد ساهم صعود الهاتف الذكيّ في تسريع هذا التحوّل، حيث أنّ الهواتف الذكية غيّرت بشكلٍ أساسيّ الطريقة التي يستعرض بها الناس المحتوى. لقد لاحقت ميزانيّات الإعلانات دائمًا العيون، وبالتالي لم يكن مفاجئًا أنّ الإنفاق على الإعلانات للجوّال ينمو حاليًا بمعدّلٍ مذهل.

 

إحدى نتائج التحوّل نحو الإعلان عبر الإنترنت أنّ عددًا أقلّ من الشركات يستحوذ على حصّة أكبر من الميزانيّات الإعلانية التي يتمّ إنفاقها. في الواقع، فإنّ شركتي Google وFacebook، هما المسيطرتان في عالم الإنترنت لدرجة أنّهما تمثّلان أكثر من 60 في المئة من إيرادات الإعلانات عبر الإنترنت. ووفقًا لشركة أبحاث الإعلانWARC، فإنّ هذا يعني أنّ أكبر شركتين في مجال البحث والشبكات الاجتماعية ستحصلان على 1 من كلّ 4 دولارات يتمّ إنفاقها على الإعلانات الإعلامية حول العالم هذا العام.

 

البودكاست حبيب المعلنين الجديد
بعد تجاوز إعلانات أجهزة الكومبيوترات المكتبيّة في العام الماضي، أصبحت الأجهزة الجوّالة الآن ثاني أكبر وسائط الإعلان في جميع أنحاء العالم، حيث لا يسبقها سوى التلفزيون

أصبح الاستماع إلى البودكاست كمصدرٍ للمعلومات والترفيه شائعًا جدًا. وفقًا لأحدث أرقام نيلسن على البودكاست، ارتفع عدد المتابعين المتحمّسين للبودكاست من 13 مليونًا في خريف عام 2016 إلى 16 مليونًا في الفترة نفسها من عام 2017 في الولايات المتحدة، وجد الباحثون أيضًا أنّها وسيلة إعلانيّة فعّالة إلى حدٍّ كبير، وتمّ ملاحظة ذلك عن طريق ارتفاع عدد عمليّات الشراء. يبدو أنّ المواضيع الأكثر فاعليّة هي الأعمال، حيث سجّلت الرغبة الشرائية زيادةً بنسبة 14٪، تليها الأخبار والسياسة بارتفاع 12.8٪. وحتّى الإعلانات الكوميديّة كان يبدو أنّ لديها ما تنفقه. إنّ أيّ ناشرٍ لم يحصل على بودكاست حتّى الآن يجب أن يفكّر جدّيًّا في الحصول على واحد، فقد يكون مربحًا.

 

المال يتبع العيون.. فقاعة الإعلان عبر الموبايل مستمرّة

أحد القواعد الذهبية للإعلان هو أنّ المال يتبع العيون. وبما أنّ الأشخاص ينظرون إلى هواتفهم الذكيّة تقريبًا في كلّ الأوقات هذه الأيام، فلا غرابة في أنّ ميزانيّات الإعلانات تنتقل إلى أجهزة الجوّال أيضًا. وفقًا لآخر توقّعات الإعلان العالميّة الصادرة عن Zenith، سينفق المعلنون مبلغًا إضافيًا يبلغ 72.6 مليار دولار سنويًا على إعلانات الجوال في عام 2020 مقارنةً بالعام الماضي.

 

بعد تجاوز إعلانات أجهزة الكومبيوترات المكتبيّة في العام الماضي، أصبحت الأجهزة الجوّالة الآن ثاني أكبر وسائط الإعلان في جميع أنحاء العالم، حيث لا يسبقها سوى التلفزيون. من المتوقّع أن يصل الإنفاق الإعلاني للجوّال إلى 180 مليار دولار في عام 2020، أي ما يقارب ضعف الإجمالي المقدّر للنفقات الإعلانية لأجهزة الكمبيوتر المكتبية (94 مليار دولار).

 

يمضى المستهلكون الأمريكيّون معظم الوقت في مشاهدة التلفزيون واستخدام الأجهزة المحمولة، وهو أيضًا المكان الذي تذهب إليه حصّة الأسد من الميزانيّات الإعلانيّة
يمضى المستهلكون الأمريكيّون معظم الوقت في مشاهدة التلفزيون واستخدام الأجهزة المحمولة، وهو أيضًا المكان الذي تذهب إليه حصّة الأسد من الميزانيّات الإعلانيّة
 
مقارنة الإنفاق الإعلاني بالوقت الذي يقضيه الناس مع الوسائل الإعلاميّة

يقول المثل الإعلاني القديم إنّ "المال يتبع العيون" ، ممّا يعني أنّ الإنفاق على الإعلانات سوف يكون حيث يركّز المستهلكون اهتمامهم أو يقضون وقتهم. إذا كان هذا صحيحًا، يجب أن تتفّق عائدات الإعلانات التي تمّ تقسيمها حسب المتوسّط ​​مع متوسّط ​​الوقت الذي يقضيه المستخدمون في استخدام الوسائط المختلفة. ولكن هل هذا هو الحال فعلاً؟

 

بمقارنة أرقام عائدات الإعلانات الأمريكيّة التي نشرها مكتب الإعلان التفاعلي (IAB) وتقديرات الوقت المستهلك على الوسائل الإعلاميّة اليوميّة بواسطة eMarketer، يظهر أنّ كلا المؤشّرين مرتبطان بالفعل. في عام 2017 أمضى المستهلكون الأمريكيّون معظم الوقت في مشاهدة التلفزيون واستخدام الأجهزة المحمولة، وهو أيضًا المكان الذي ذهبت إليه حصّة الأسد من الميزانيّات الإعلانيّة. على الرغم من ذلك، هناك استثناء واحد ملحوظ للقاعدة: وسائل الإعلام المطبوعة، والتي تتلقّى من الميزانيّات الإعلانيّة أكثر ممّا ينبغي بالاعتماد على مقدار الوقت الذي يقضيه الناس في قراءة الصحف والمجلات.

 

هل يعني هذا أنّه يجب على الناشرين في الصحف أن يخشوا مزيدًا من الانخفاض في عائدات الإعلانات؟ ليس بالضرورة في حين قد لا يقضي الناس الكثير من الوقت في القراءة كما اعتادوا، لا تزال الإعلانات المطبوعة هي واحدة من أكثر أشكال الإعلان الموثوقة وبالتالي فعاليّة، ولهذا السبب تواصل العلامات التجاريّة تخصيص حصّة كبيرة بشكل غير متناسب من ميزانيّاتها الإعلانية لوسائط الإعلام المطبوعة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.