شعار قسم مدونات

قناة سلوى وقناة الجزيرة!

مدونات - قناة سلوى

عجزت أمهات السلطة الرابعة في الخليج أن يلدن مثلها، حمِلنَ فأصابهن المخاض قبل أن يكتمل المولود، فتمخضن وأنجبن العربية وتوائمها، ولكي يبدو لنا أنهن يمشين إثر الرأي والرأى الآخر، أوهمننا بأن نسأل أكثر، لكننا لم نفعل.. ببساطة لأننا لم نجد من نسأل. عودٌ إلى الدوحة، في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الواحد والعشرين، أين حلّق بِنَا النقاش في الاتجاه المعاكس، لتصطدم الآراء ويشتعل الخلاف، في سابقة لم يشهد لها المشهد الإعلامي العربي مثيلا، كان ذلك غريبا لتصادفه مع سنوات الاستبداد الموحش.

 

لم نتعوّد مند نعومة أظافرنا إلا على النشرات الإخبارية المنمّقة نصوصها، والممجّدة والمطبلة للسيد القائد، والمكرسة لوجهة النظر التي لا تناقش، لكن وبينما تعودت آذاننا على إعلام الوفاء والحب والاخلاص للقائد الخالد، تبيِّن لنا فجأة أنه تَمّةَ أكثر من رأى، فبدأنا لتونا مراجعة بعض من المسلمات التي كانت من المقدسات، حيث شهد شاهد على العصر أن أغلب مسلماتنا كانت خاطئة، ليظهر لنا بعد أن أزيح الستار عن أمر طالما كان سري للغاية، مدى فداحة ووهم البطولات التي رسمتها لنا الأنظمة القومجية العربية. شربنا من حكايات التاريخ الرسمي العربي وقصصه العنترية حتى الثمالة، فكان من الصعب علينا رؤية وجوه ابطالنا الازليّين بعد سقوط الاقنعة.

  

هيئة الأمر بالتطبيع والنهي عن قطر

قناة سلوى، آخر ما جادت به أدمغة عباقرة فن قطع الأوصال وتكريس الحقد والكراهية البينية العربية، هو مشروع بُغض وكراهية عملاق، من شأنه أن يكتب بمداد من ذهب في كتاب إبليس للأعمال الشيطانية، وأن يصنف في مراتب متقدمة لأهم الإنجازات السادية في القرن الواحد والعشرين. كل الطرق تؤذي إلى تل أبيب، تفتح الأجواء وتغيّر الخرائط وتُعدّل السياسات، يُتجاهل ما هو معلوم بالدِّين بالضرورة، ويُقفز على التاريخ، تُشترى الجزر المهجورة بحفنة من الأرز، في خطة تهدف لمد الجسور وربط أواصر الإخوة بين الحجاز وأرض الميعاد.

 

صاحب البلح تجاوزه الزمن ولم يعد يفي بالغرض، فالتهديد أعظم، وحامي حماها يطالب بتقسيم محاصيل الأرز مناصفة، وتلك قسمة ضيزى لا مفر من القبول بها، وإلا يُسحب الغطاء

وبينما يسير التطبيع بشكل سلس تُمد الأيادي البيضاء والنيات الصافية لمصافحة أبناء إسرائيل، تماشيا مع صفقة القرن التي خُطت بنودها لملاءمة تقاليد وأعراف رعاة البقر، فكانت فدية الأربع مائة وخمسين مليار دولار أول مشهد من مشاهد مسلسل ابتزازي هوليودي من إخراج ترمب، أبطاله قادة دول، ومشاريع قادة وأشباه قادة، لتُكرس بذلك صورة التبعية التي ترتقي الى العبودية، عبودية مصدرها خوف من فقدان العروش، وخوف قادم من الشعب وآخر قادم من الشرق، لهذا صار القائد ترمب، فارسا مقداما وحامي حمى الملة والدين في أعين خطباء مكة، ولا يزال يحلب من أموالهم إلا ما شاء الله، كلما نفدت العطايا ذكرهم أن لا مفر لهم إلا إليه، ليغدقوا عليه بما أكرم به عليهم باطن الارض وجاد به نفير الحجاج.

 
لم تعد مجازر الهاغانا ومدابح التهجير ومجزرة صابرا وشاتيلا، والأراضي الفلسطينية المغتصبة ومجازر غزة وغيرها إلا نوع من بروباغاندا المضلومية في نظر المنضّرين للتطبيع في الخليج، فالعدو اليوم ليس إلا قَطَر وقناة الجزيرة، تلك القناة التي قضَّت مضاجع الدكتاتورية، فلما ضاق درع الاستبداديين بها وبرأيها ورأيها الآخر، قرروا حفر قناتهم الخاصة على طريقة قريش، بعد أن فشلت "القناة البنفسجية" في تقليد مشية الحمامة، فكانت حفر الخنادق وإحكام الحصار وقطع الأرحام الملجأ الوحيد، إنما ينهاكم حكام الخليج عن قطر، أما إسرائيل فشقيقتكم في الدين.

 

خطاب الرز والصواريخ الباليستيكية

أثناء القمة العربية الأخير، قمة وداع القدس، طغى الخطاب الأمني على الأجواء، واستغل الرئيس المصري المفوّض والمنتخب بشكل ديمقراطي جدا، عبد الفتاح السيسي أجواء الخوف والهلع التي تشهدها السعودية بسبب صواريخ الحوتيّين، من أجل إثبات ذاته كطرف يمكن ان يعوّل عليه في زمن الشدائد، مادام باطن الارض في الخليج لازال ينتج أرزا، فتحمس الرجل الى درجة أن خانه التعبير ضانا أن صواريخ الحوتيين مجرد مطاط، في مسعى لربح معركة الحماية مقابل الأرز، التي نسي سيادتة أنه لم يعد الطرف الوحيد فيها بعد دخول العم ترمب ساحتها وبقوة. خلاصة القول صاحب البلح تجاوزه الزمن ولم يعد يفي بالغرض، فالتهديد أعظم، وحامي حماها يطالب بتقسيم محاصيل الأرز مناصفة، وتلك قسمة ضيزى لا مفر من القبول بها، وإلا يُسحب الغطاء فتترك "عروش البيترودولار" وناطحات السحاب العاليات الشامخات مكشوفة وفي مرمى صواريخ الولي الفقيه.

 

تمت قرائة الفاتحة على القدس ومعها البيان الختامي للقمة العربية، الذي حمل الكثير الكثير من التنديد ووابل من الاستنكار الذي عّم الارجاء، واتفق المؤتمرون على تمديد صلاحية "الاتفاق من أجل أن لا اتفاق"، وفتح الباب أمام دراسة أمر البلدان المارقة الغير الخاضعة والتي يمكن أن تلتحق بخانة حصار قطر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.